استغلال البراءة

01:14 صباحا
قراءة 3 دقائق
الشارقة: محمد الماحي

تمثل قضايا استغلال الأطفال جنسياً واحدة من أكثر الملفات الشائكة انتشاراً في ساحات المحاكم، حيث أثارت غضباً حقوقياً وأصبحت ظاهرة كارثية، وقضية غريبة، ومرضاً يبحث عن دواء، حيث نرى ذئاباً بشرية تفتك بأطفالنا دون رحمة؛ الأمر الذي أصبح يقلق الآباء والأمهات، خاصة مع تفكيرهم في إمكانية حدوثه لأي واحد من أبنائهم. وتمثل هذه القضايا تحدياً جديداً يضاف إلى التحديات التي تواجه السلطات الأمنية في الدولة، كما في سائر دول العالم، وتتصدى الدولة لجريمة التعدي على الأطفال واستغلالهم جنسياً، باعتبارها تصرفاً فردياً من ذئاب بشرية تعاني مشاكل حقيقية في تركيبتها النفسية، وقد عالج قانون الطفل في الإمارات الكثير من النقاط ووضع الآليات المناسبة لحماية الطفل، مخصصاً عقوبات تأديبية وجنائية وغرامات مالية لأولياء الأمور المهملين الذين يتسببون بشكل ما، في تعرض الطفل للإساءة والأذى والتحرش، وتصل العقوبات إلى السجن 10 سنوات.
ساحة إحدى المحاكم في الدولة شهدت واقعة صادمة، حيث أقدم آسيوي على هتك عرض طفلة وتحريضها على مشاهدة أفلام إباحية وتصويرها في أوضاع مخلة. مأساة الطفلة لم تتوقف عند هتك العرض؛ بل إن الذئب البشري واصل تصعيد جريمته إلى حد استغلال الطفلة وتهديدها بمقاطع وصور جنسية التقطتها لها، وهددها بفضح أمرها إن لم تستجب لرغباته.
قررت المحكمة بعد وصول القضية إليها مكتملة، إنزال أقسى عقوبة بالجاني، وقضت الشهر الماضي بإجماع الآراء بإعدام المتهم، وفقاً للاتهامات المنسوبة إليه، فيما أنكر المتهم أمام المحكمة، الاتهامات المسندة إليه.
هذه الواقعة لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبقتها وقائع إجرامية عديدة آخرها كانت إدانة عامل في إحدى المدارس الخاصة في أبوظبي، بتهم اغتصاب طفلة عمرها 7 سنوات داخل مطبخ المدرسة وهتك عرضها بالإكراه وتهديدها، وقد أصدرت المحكمة حكماً بالإعدام في حقه، عن جميع هذه التهم، كما تضمن الحكم إحالة المطالبة بالحق المدني إلى المحكمة المختصة، حيث كان محامي الطفلة قد طالب المحكمة بتحميل المدرسة المسؤولية بسبب تقصيرها في حماية المجني عليها وهي طالبة لديها، وطلب الحكم بإلزام المدرسة والمتهم متضامنين بدفع خمسة ملايين درهم، تعويضاً مؤقتاً عن الأضرار الجسدية والنفسية والاجتماعية التي أصابت الطفلة وأسرتها.
وفي واقعة ثالثة حكمت محكمة جنايات عجمان بسجن (ح، ع، م) 5 سنوات والإبعاد من البلاد، ويعمل المتهم (آسيوي الجنسية 31 عاماً) إمام مصلى صغير تابع لإحدى الشركات الخاصة في منطقة الجرف 2 بعجمان، لاغتصابه طفلاً عربياً يبلغ 12 عاماً في غرفته قرب المصلى، وذلك بعد استدراجه عقب أداء صلاة الجماعة في المصلى الذي يعمل فيه.
وقال والد المجني عليه (الطفل) في تحقيقات النيابة العامة، إن زوجته أبلغته باعتياد ابنه المجني عليه التأخر حينما يذهب إلى المصلى، وأنها حينما سألته عن سبب التأخر أخبرها بأن إمام المصلى الذي يصلي فيه يقوم بممارسة الرذيلة معه في مسكنه، وبعرض الطفل الضحية على الطب الشرعي أثبت التقرير تعرّضه للاعتداء مرات عديدة في وقت قريب لتاريخ الواقعة.
هذه الحوادث المؤلمة التي تنال من طهر البراءة، تؤدي إلى تأثيرات نفسية مختلفة؛ إذ تتسبب في حالات انطواء وانعزال للأطفال، والخوف من اقتراب أي شخص منهم، وتترك لهم تراكمات سلبية مستقبلاً تؤثر في شخصياتهم؛ الأمر الذي يحتاج إلى إعادة تأهيل اجتماعي ونفسي كي يعود الطفل إلى حياته الطبيعية، علاوة على ضرورة حصول الأسرة على حقه القانوني حتى يشعر بأن حقه لم يُهضم، وكل ذلك دفع جمعية الإمارات لحماية الطفل إلى المطالبة بتطبيق عقوبة الإعدام لردع من قد تسوّل لهم أنفسهم المريضة استغلال براءة الأطفال، مؤكدة أن السجن لهؤلاء لم يعد رادعاً، داعية وزارة العدل إلى إنشاء سجل دولي للجرائم الجنسية ‏توثق فيه بيانات المجرمين الذين ارتكبوا هذا النوع من الأفعال المشينة، وتوفرها دولياً مع النشر، أسوة بما هو معمول به في دول أخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"