الشاشة المتقاعدة

عين على الفضائيات
01:36 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

ماذا تشاهدون على الشاشة؟ السؤال بسيط، والإجابة التي كنت تسمعها وتتوقعها، والتي تصب في خانة اختيار أسماء برامج ومسلسلات معروضة على القنوات العربية، لم تعد متوفرة؛ بل يأتيك الجواب في أغلبية الأوقات ليؤكد لك تراجع المشاهدة التلفزيونية العادية، وتحوّل هذا الجهاز إلى وسيلة عرض تماماً مثل ال«آيباد» أو الهاتف المحمول.
ماذا تشاهد اليوم؟ كثير من الناس تحولوا من المشاهدة التلفزيونية إلى الإلكترونية، أو جعلوا من جهاز التلفزيون وسيلة لعرض ما يختارونه من قنوات إلكترونية أو صفحة «يوتيوب»، وربما الاتجاه الأكبر صار نحو «نتفليكس» التي تعتبر الأكثر رواجاً، لدرجة أنها تحولت من شبكة عرض إلى إنتاج مسلسلات وأعمال خاصة بها، ومن مختلف دول العالم ولغاتها.
أمام هذا الزحف والتطور في وسائل عرض البرامج والمسلسلات والأفلام، ماذا تفعل القنوات كي تعيد ترتيب أوراقها واستمالة الجمهور من جديد؟ إذا وضعنا موسم العروض الرمضانية وهو الأهم في حياة القنوات لا نجد ما يُرضي عين المشاهد لدرجة جذبه وإقناعه بالمتابعة اليومية للقنوات، أو فلنقل لمعظمها.
هنا نستثني طبعاً المحطات الإخبارية المتخصصة، ونتوقف عند تلك المنوعة التي بالكاد نشعر بوجودها، وقد حاولت أن تتقلب مع تقلبات الأحوال، لكنها أصبحت كالميتة مع وقف التنفيذ.
محطات منتشرة لا ندري ماذا تبث ولمن، فما الفائدة من وجودها؟ ومحطات تعيش 11 شهراً على ما جنته في شهر واحد في السنة، تعيد العروض كالاجترار، فهل تُرضي طموح وذوق الجمهور المرفّه في زمن العروض السينمائية في بيته، والترفيه المتواصل والمسلسلات العربية والغربية التي يشاهدها بلا أي فواصل إعلانية أو حاجة لانتظار مواعيد العرض اليومية؟
كيف تواكب قنواتنا التطور التقني وزحف العروض المتواصلة؟ كيف يمكن للإنتاج الدرامي المحلي في أي بلد عربي أن يستمر، إذا استمرت موجة المسلسلات الإسبانية والكورية وغيرهما ترتفع مع ارتفاع موجة «نتفليكس» وغيرها من الشبكات التي تدرس أحوال السوق بدقة، وتعرف كيف تُغري الجمهور كي يلحق بها، وترافقه باستمرار من خلال تطبيقات بسيطة على هاتفه النقال، لا تحتاج لأجهزة تلفزيونية أو وجود في المنزل؟
أمام هذا المشهد نشعر بأن الشاشة العربية دخلت مرحلة التقاعد في أغلبيتها؛ لذا مهم وضروري جداً أن نشهد تطوراً في مضمون قنواتنا، وأن تكون هناك خطة مدروسة لمواكبة الزمن وجمهور اليوم والغد، مع الأخذ بالاعتبار أن التطور لا يعني أبداً الفوضى والانفلات وإطلاق العنان للآراء والأفكار بلا أي معايير مهنية وأدبية وأخلاقية راقية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"