النقد على «السوشيال ميديا» ما بين «المهنية» و«البوح»

الكتابة على الصفحات الإلكترونية حررت الجمهور من كل القيود
01:31 صباحا
قراءة 3 دقائق

تحقيق:فدوى إبراهيم

باتت مواقع التواصل الاجتماعي منصة بوح لكل من يستخدمها، والنقد الفني فيها بديل، أو مرادف للنقد في الإعلام التقليدي، علماً بأن تحول بعض النقاد لاستخدام تلك المواقع وضع حداً نسبياً لشيوع الآراء غير المهنية. فما رأي أهل النقد في ظاهرة انتشار الآراء الناقدة على صفحات التواصل، وكيفية التعامل معها؟
المجال مفتوح لكل من يرغب في أن يكون «ناقداً» على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وما بين الصفحات الشخصية وتلك الفنية، يحاول الناقد الإماراتي حمد الريامي، رصد أبرز ما قدمته حركة النقد على المواقع، ويقول: «النقاد الذين يكتبون بأسمائهم الحقيقية نقداً فنياً، ويشكلون حسب اعتقادي 30-40% من حركة النقد على مواقع التواصل الاجتماعي، هدفهم تحسين ما يعرض على المشاهدين، وتقديم رأي فني خالص بعيداً عن «الشخصنة»، و«البوكس أوفيس» الذي يرصد إيرادات الأعمال بعيداً عن المضمون، وبعيداً عن كل ما تسبب بتراجع المحتوى الفني، مثل التركيز على فضائح وسلوكات الفنانين، وعمليات التجميل، والحياة الشخصية للنجوم.. وللأسف، فإن هذا النوع من النقد رائج أكثر من النقد الفني الحقيقي، رغم أنه مجرد استهلاك للوقت، والخاسر الأول في تلك الظاهرة هو الفن وجودته».
الناقد ماهر منصور، لا يجد في ما يكتب على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي من تدوينات سريعة ومختصرة نقداً، حتى إن كان مصدره ناقداً، وإنما هي انطباعات، وملاحظات، وآراء سريعة، فالنقد الفني المسؤول لا بد أن يستند إلى جملة مرجعية من القواعد، ويبرهن على حجته بأمثلة واضحة بعيداً عن التعميم، الأمر الذي يستحيل اختصاره بعدد محدد من الحروف؛ لكن يمكن الاستفادة من انتشار وسائل التواصل الاجتماعي عبر نشر رابط المادة النقدية، أو إعادة نسخها على «فيس بوك» مثلاً.
في المقابل، لا يقلل منصور من أهمية ما يكتب على صفحات التواصل الاجتماعي، «فهو في النهاية رأي جماهيري لا يمكن مصادرته، بل ويعد مؤشراً له دلالاته المهمة في كثير من الأحيان، إذ يعبر عن اتجاهات الرأي العام، ومن التدوينات التي يسوقها الجمهور ما يفوق أهمية وجرأة ما يكتبه النقاد، رغم أننا نعرف أن أساسها العاطفة في أغلب الأحيان، سواء تجاه صناع العمل، أو حكايته؛ وعلى من يمارسون العملية النقدية التعامل مع مصطلح «موت الناقد» - الذي جاء به الباحث الأمريكي رونان ماكدونالد - بجدية، حيث حررت مواقع التواصل الاجتماعي الجمهور من سطوة النقد، بعد أن بات للمشاهد منصة يبدي موقفه من خلالها، وتحرر من وصاية الناقد، لذا جاء من ينعى موت هذا الأخير، الأمر الذي يملي على النقاد اليوم إعادة تموضعهم، والانتقال من دور «المعلم -الوصي» إلى «الخبير- المستشار» الذي يقف خلف المشاهد، ويمده بأدوات المعرفة التي تجعله قادراً على التمييز بين الجيد والرديء، ونجاح الناقد في مهمته الجديدة، يجعل الجمهور يسقط من حساباته كثيراً من الأعمال الفنية، وصنّاعها، أو على الأقل لا تكون العاطفة هي الميزان الوحيد في تقييمهم».
«النقد الفني الأكاديمي تأثر بظهور صفحات وأشخاص نقاد على مواقع التواصل الاجتماعي»، كما يقول الناقد محمد عبد الرحمن، رئيس تحرير موقع «في الفن»، ويضيف: «هدف هؤلاء ليس تطوير الحركة الفنية بل جذب الانتباه، فتركوا أثراً سلبياً في الحركة الإنتاجية، والأمر بات بيد الجمهور، لذا هو مطالب بعدم الانسياق وراء النقد السريع القائم على التجريح، لأنه يعبر عن انطباعات وليس انتقادات».
وينوه عبد الرحمن بأن الصحافة الفنية التقليدية، أو الإلكترونية، مطالبة بتطوير شكل النقد لديها لمواكبة التواصل الاجتماعي، من دون أن يهبط مستواها ويوسم بالسطحية، وبعيداً عن «الشخصنة» التي تهدف إلى خلق نزاع مع الفنان، فالناقد لا بد أن يكون موضوعياً بالدرجة الأولى، ويجب تطوير لغة الكتابة، وسرعة النشر، وطرق العرض، ليتخذ الناقد مكانه على تلك المنصات، وينافس هؤلاء الذين أصبحوا «نقاداً» على المواقع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"