جيرة وخيرة

01:09 صباحا
قراءة دقيقتين
أبوظبي: آية الديب

مع خيوط الشمس الأولى، تبدآن يومهما معاً بضحكة من القلب، فوجودهما معاً بمثابة السند في غربتهما، وصوت قدم إحداهما على درج المنزل مصدر أمان للأخرى؛ حيث تجمعهما منذ سنوات طوال علاقة حميمة يدفع كثيرون الغالي والرخيص من أجل تقليدها أو الوصول إلى مثلها والحذو حذوها، فهما أختان، لكن من رحمين مختلفين.
علاقة الجيرة التي تجمعهما أشبه بلوحة فنية كل لون فيها في مكانه يكمل الآخر، وأصبحت علاقة من النادر مصادفتها في وقتنا الحالي، فقبل أن تحتاج إحداهما إلى الأخرى تجدها أمام بابها تساعدها وتسهر على راحتها، وأبناؤهما أيضاً يتشاركون اللهو واللعب، فضلاً عن تبادلهما الطعام والحلوى والهدايا بمناسبة ومن دون مناسبة، حتى أن أغلب أصدقائهما وجيرانهما يعتقدون أنهما شقيقتان من أم واحدة.
ذات يوم سمعت الجارة صوت صياح جارتها، فسيطرت عليها مشاعر الخوف، وتوقف عقلها عن التفكير للحظات.. هل تتصل بأحد أم تتجه إليها مباشرة أم ماذا تفعل؟ لكنها لم تتحمل صوت جارتها للحظات إضافية وقررت التوجه إليها مباشرة فربما تكون جارتها تحتاج إلى مساعدتها، وحملت معها هاتفها المتحرك احتياطاً، وبعدما هرولت مسرعة نحو جارتها وطرقت باب شقتها وجدتها تصرخ مع رجل وكل منهما يصرخ في وجه الآخر، وحينما أمعنت النظر في وجه الرجل تأكدت أنه شقيق جارتها وهو يسكن معهما في المبنى نفسه.
حاولت التدخل بينهما لحل الخلاف وفهم ما يحدث فهي تعلم أن العلاقة بينهما ليست على ما يرام وأنهما على خلافات بشكل متكرر، إلا أنها كانت في حالة مزرية ويبدو أن الرجل كان مخموراً لا يعرف ماذا يفعل ولا يدرك ماذا يقول ولا يستوعب ما يدور حوله، وباءت كل محاولاتها لتهدئته بالفشل، وخوفاً من تطور الأمر قررت الاتصال بالشرطة التي هدأ الوضع كثيراً بعد حضورها، وتم القبض على الشقيق وأسندت إليه النيابة العامة تهمتي التعدي على شقيقته وشرب الخمر، وفي تحقيقات النيابة، سيطرت على الشقيقة مشاعر الشفقة والرأفة والتعاطف نحو شقيقها، إلا أنها رأت أن وقوفه أمام القضاء قد يسهم في تهذيبه وتعديل سلوكه فيما بعد.
دانت محكمة أول درجة الشقيق المتهم، وأمام محكمة الاستئناف، أكد أن شقيقته المجني عليها لم تحرر بلاغاً في حقه وأن محررة البلاغ هي جارتهما، وأن ما دار بينه وبين شقيقته كان عتاباً حول طريقة حديثها عن والدهما، واعترف بشرب الخمر مؤكداً أن تعديه على شقيقته كان نتيجة وقوعه تحت تأثير الخمر، وطالب المحكمة بإخلاء سبيله، مشيراً إلى أنه تصالح مع شقيقته أمام هيئة المحكمة أول درجة، وقررت محكمة الاستئناف إخلاء سبيله بضمان جواز سفره.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"