ضحية الابتزاز

أوراق قضائية
01:09 صباحا
قراءة 3 دقائق
كتب: إيهاب عطا

تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
من يسلم نفسه للشيطان ويتركها فريسة سهلة لأصدقاء السوء يجرونه إلى الجريمة، يستحق العقاب وقد ينتهي به الأمر إلى السجن 3 سنوات. هذا ما حدث مع شابين عربيين صديقين أغواهما أصدقاء السوء بالسهرات الحمراء في النوادي الليلية، والتعارف مع الفتيات ما أدى إلى طردهما من عملهما، ولم يجدا مخرجاً من أزماتهما المالية المتتالية غير كسب المال بطريقة غير مشروعة حتى لو كانت السرقة.
اعتاد الصديقان في الفترة الأخيرة الخروج إلى الشوارع وتصيد الضحايا بسرقتهم أو نصب شراك المكر والخداع والاحتيال لهم ليحصلوا على بضعة آلاف من الدراهم ينفقونها على المجون، وكانت آخر ضحاياهما طالبة ماجستير خليجية أوقعها حظها العاثر في براثنهما بالمصادفة البحتة، فحين
كان الصديقان المجرمان يتجولان بالقرب من إحدى محطات الحافلات في دبي، لاحظا فتاة جميلة تبدو عليها مظاهر الثراء من ملابسها والحقائب التي تحملها حتى أنها تجد صعوبة في رفعها لإدخالها في الحافلة، وعلى الفور غمز أحدهما الآخر ولسان حالهما يقول: «هذه هي الضحية.. هيا بنا نسرقها».
عرض الصديق الأول المساعدة عليها بلهجة عربية واضحة بينما انتظر الآخر ليقوم بالمساعدة..
- صباح الخير.. تحتاجين لمساعدة؟!
* صباح الخير.. عربي؟
- نعم.
* من فضلك ساعدني.. الحقائب كثيرة وثقيلة.
بدأ الأول في رفع الحقائب داخل الحافلة وجاء الثاني متظاهراً بمد يد العون له ومساعدته على حمل الحقائب الثقيلة، وقد بدت على الضحية المجني عليها علامات السرور بتلك المساعدة، فقد كانت مشغولة بمتابعة هاتفها المحمول بينما تمكن اللصان من سرقة أغراض أخرى كانت في حقيبة رياضية ضمن الأمتعة داخلها نقود ومصاغ وإكسسوارات ثمينة وهاتف قديم بما يفوق مبلغ 20 ألف درهم للمسروقات كلها. وأخبر أحد اللصين المجني عليها بأنهما وضعا الحقائب في مكانها لكن سلوك أحدهما بالاقتراب من المجني عليها أثناء محادثتها أثار ارتيابها وتوترها، ما أدى إلى صعودها بسرعة إلى الحافلة، وعندما وصلت إلى الإمارة الأخرى فوجئت باختفاء حقيبتها، وعندها سألت السائق فأخبرها بأن الشاب لم يصعد للحافلة.
- حقيبتي.. حقيبتي لا أجدها.. أين اختفت؟!
هكذا جاء صراخ طالبة الماجستير الضحية بعد اكتشافها الجريمة، وأدركت أنها وقعت في فخ اللصين، وفور نزولها من الحافلة اتجهت إلى أقرب مركز شرطة وتقدمت ببلاغ ليتم إعلامها بعد ذلك خلال فترة التحقيق بأن الكاميرات كانت معطلة في محطة الباصات في ذلك الوقت، فانتابها الحزن ليس بسبب ثمن المسروقات لكن بسبب ما على الهاتف المسروق من صور وفيديوهات شخصية بعضها يحتوي على صور في أوضاع كانت فيها على راحتها داخل مسكنها، ولم يكن عليها سوى الانتظار لظهور أي رد فعل من جانب السارقين وهو ما حدث بعدها بأيام، حيث أخبرتها صديقتها بأنها تلقت اتصالاً من شخص - تبين فيما بعد أنه اللص الثاني - أبلغها بأنه حصل على هاتفها من صديقه (اللص الأول) وتمكن من فتح الرقم السري السهل، ومن ثم هددها بنشر صورها وصور صديقاتها الخاصة وتشويه سمعتهن خاصة أنهن من عائلات محافظة باعتبار أن تلك الصور كانت في احتفالات خاصة بين الصديقات وليست للنشر، ومن هنا بدأ في ابتزازها طالباً 2000 درهما، ولاحقاً بدأ المتهم في استخدام مواقع التواصل الخاصة بالمجني عليها ناشراً صوراً غير لائقة لها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"