عبد الله الشحي: أجني العسل من الكهوف

تربى في بيئة جبلية قاسية
01:00 صباحا
قراءة 4 دقائق
حوار: بكر المحاسنة

ولد عام 1950 في بيت القفل المبني من الحجارة والطين المطعم بالتبن في منطقة الديفا القريبة من منطقة خت بإمارة رأس الخيمة، المعروفة بجبالها ومياهها الساخنة والزراعة خاصة القمح كذلك الرعي، كان عبد الله راشد بن لقيوس الشحي، رئيس جمعية الشحوح للتراث الوطني في أبوظبي هو الابن الأصغر بين ستة أشقاء، وبطبيعة الحال وبسبب بساطة الحياة في تلك الفترة وعلى حد قوله فقد كنا نساعد أهلنا في الحصاد ورعي وتربية الماشية وغيرها من المهمات الصعبة والمتعبة، حتى أصبحت أتقن زراعة حبوب القمح في السهول الجبلية، إلى جانب جني العسل البري بأنواعه الذي كان يكثر في الكهوف والسراديب الجبلية في مناطق رأس الخيمة، وتعلمت الكثير من المهن من والدي، كما تعلمت منه الكثير من العادات والتقاليد العربية الأصيلة التي أشتهر بها أهالي الجبال في دولة الإمارات منذ القدم، حيث زرع والدي في نفسي حب التعاون والمساعدة وصلة الرحم والكرم وحسن استقبال الضيوف، إضافة إلى الشجاعة والصبر وتحمل المسؤولية. ولقد تربيت في بيئة جبلية قاسية.
يقول الشحي: تزوجت عام 1973م وكان عمري 23 عاماً، ولي من الأبناء ثلاثة يعملون جميعاً ضباطاً في القوات المسلحة، ولي ست بنات جميعهن قد التحقن بالتعليم العالي في مجالات الهندسة والطب والتعليم وغيرها، وفخور بما حققه أبنائي وأحفادي في الدولة.
مراحل حياته
لم تكن المدارس متواجدة في منطقتي في بدايات حياتي، وقد بدأت رحلتي في التعليم عام 1962م، في مسجد صغير في منطقة خت، حيث حفظنا القرآن وتعلمنا أصول الدين الإسلامي على يد علي بن راشد بن علي النقبي وشقيقه محمد، وبعدها استأجرت لنا دائرة المعارف في رأس الخيمة منزل أحمد بن هاشم النقبي كي يتعلم أبناء المنطقة وبناتها، إلى أن تم بناء أول مدرسة «مدرسة خت المشتركة» عام 1968، وكانت تضم 12 فصلاً دراسياً لكل المراحل، وقام المدرسون المواطنون على تدريسنا في تلك الفترة، وكنت يومياً أذهب من جبل منطقة الدفان إلى المدرسة مشياً على الأقدام بمسافة 8 كيلومترات، وبالرغم من أنه لم تكن تتوفر في بدايات الحياة فرص للتعليم مثل الفرص المتواجدة حاليا، لكنني كنت حريصاً على أن التحق بالفصول الدراسية المتوفرة آنذاك، رغم صعوبة الوصول إليها وعدم توافر وسائل النقل والمواصلات، إلى عام1970م حين أعلن عن وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والذي كان يمثل بطلاً قومياً لكل العرب وقتها قررت أن أترك الدراسة وألتحق بالجيش قبل قيام الاتحاد، والذي كان يسمى «القوة المتحركة» ومن القيادات التي تواجدت أيامها الشيخ سلطان بن صقر القاسمي والشيخ أحمد بن حميد القاسمي ومفتاح بن عبد الله الخاطري، وعبد الرحمن بن ارحمة الشامسي، واستمررت في التدريب في مركز التدريب في منطقة المنامة لمدة 6 أشهر وتخرجت من التدريب قبل قيام الاتحاد بيومين، وكنا أول قوة عسكرية تتخرج في دولة الإمارات، وبعد قيام دولة الاتحاد، تم دمج القوة المتحركة في القوات المسلحة الإماراتية، وكان الذي ينظم القوات المسلحة ويدربها قوات من الجيش الأردني، وبقيت في القوات المسلحة حتى عام 1992 حتى تقاعدت برتبة مقدم، وخلال عملي في القوات المسلحة حصلت على العديد من التكريمات والإشادات من قبل القيادة في الدولة والدول المجاورة، فقد كرمت بوسام قوات الردع، ووسام الخدمة العسكرية وغيرها الكثير من الأوسمة وشهادات التكريم سواء لعملي العسكري أو لعملي التطوعي. كما فزت بجائزة الشارقة للعمل التطوعي خلال دورتها العاشرة عام 2012م، وبعد التقاعد من القوات المسلحة توجهت للاهتمام بالتراث حيث قمت بتأسيس جمعية الشحوح للتراث الوطني في أبوظبي، وكانت تحظى بدعم واهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وكان هدف جمعية الشحوح التي تأسست 1992م، ومقرها العاصمة أبوظبي تحقيق العديد من الأهداف مثل إبراز وتنمية المواهب الثقافية والتراثية للشباب، الإسهام في خلق روح التآلف والتعارف بين الأعضاء، العمل على تطوير الفنون الشعبية، إضافة إلى إبراز الوجه الاجتماعي والثقافي لقبائل الشحوح، ويبلغ عدد أعضائها 800 شخص وعدد المنتسبين 30 شخصاً، وعدد أعضاء اللجنة النسائية35 عضوة. وتشارك الجمعية في احتفالات الدولة بالعيد الوطني المجيد على المستوى الرسمي والشعبي، إضافة إلى المناسبات الاجتماعية مثل أعراس الشيوخ والمواطنين، كما تشارك في احتفالات الهيئات الدبلوماسية في الدولة، وتمثل الجمعية الدولة في المهرجانات الخارجية العربية منها والأجنبية، كما تشارك في المعارض التراثية داخل وخارج الدولة، ولدى الجمعية أدوات تراثية مختلفة تعبر عن أصالة وحضارة شعب الإمارات عبر سنوات طويلة. حيث تحرص الجمعية على زرع نشر مبادئ المجتمع الإماراتي الأصيل القائمة على مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا.
يشير الشحي إلى أن الكثير من الذكريات الجميلة تحضرني في الماضي، فرغم قساوة الحياة وبساطة المعيشة، فقد حفر الماضي ذكريات جميلة في عقلي، مع الأهل والأصدقاء والجيران، حيث نجتمع من بعد صلاة الفجر ونحضر ما تيسر من القهوة والتمر وبعض الأطعمة البسيطة المعروفة في تلك الفترة والمصنوعة من خيرات من القمح والمياه والحليب والتمر، ومن ثم نتوجه إلى أعمالنا ثم نعود لنجتمع في فترة المساء، على ذات المنوال، فلم تكن هناك وجبات أساسية عدا وجبة العشاء المكونة من الأرز مع بعض الإضافات البسيطة، إلا أننا كنا سعداء جداً ومتكاتفين. ورغم صعوبة الحياة إلا أن الحياة كانت حافلة بالترابط والسعادة، اليوم تشغلنا العديد من الأمور عن التواصل والتقارب مع بعضنا رغم كل وسائل الراحة والتواصل الموجودة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"