عقول روبوتات “مدركة”

14:05 مساء
قراءة 3 دقائق

تمكن فريق من الباحثين الأوروبيين من تطوير نظام إدراكي اصطناعي يتعلم بالتجربة والملاحظة بدلا من الاعتماد على قواعد ونماذج معدة سلفا.

قام الباحثون في جامعة لينكوبنج في السويد بتبني طريقة مبتكرة لجعل الروبوتات تتعرف وتتفاعل مع الأشياء، لاسيما في المواقف العشوائية غير المتوقعة. فعلى عكس الروبوتات التقليدية التي تعتمد على إجراء حسابات معقدة، مثل قياس الشكل الهندسي للشيء ومساره المتوقع إذا تم تحريكه، يعمل مشروع كوسبال من خلال مساعدة الروبوتات على أداء المهام المعتمدة على تجاربهم وملاحظاتهم للبشر. ولا شك أن تطبيق نظرية المحاولة والخطأ في هذا المجال قد ينتج عنه المزيد من الروبوتات التي تتصرف بتلقائية دون تدخل بشري، وكذلك تحسين فهم الإنسان للمخ البشري.

ويشرح مايكل فيلسبرغ، منسق مشروع كوسبال الذي يتم تمويله من الاتحاد الأوروبي خرج جوستا جرانلند بتصور مفاده أن الحركة تسبق الإدراك في عملية التعلم، وهذا بالضبط ما يحدث في تعلم البشر. ويلاحظ مايكل فيلسبرغ أيضا أن الأطفال يقومون دائما باختبار وتجريب كل شيء، وأنهم من خلال وكز أو لمس الأشياء يستطيعون تطبيق معرفتهم التي اكتسبوها من هذا الوكز أو اللمس في المستقبل عند التعامل مع نفس الشيء. فمن خلال قيام الطفل بالتجربة، يدرك سريعا أنه يمكن دحرجة الكرة، وأن النار تسبب الشعور بالألم، إلخ. كما يتعلم الأطفال كذلك من خلال ملاحظة الكبار والنقل من أفعالهم وتقليدها، وهو ما يساعدهم على تفهم العالم الذي يحيط بهم.

الجدير بالذكر أنه يمكن تطبيق هذا المفهوم في ما يعرف بنظام الإدراك الاصطناعي الذي يساعد على انتاج روبوتات لديها القدرة على التعلم مثل البشر ومن البشر، وهو ما يسمح للروبوتات بالاستمرار في أداء مهامها حتى مع تغير البيئة المحيطة أو في حالة ظهور أشياء جديدة لم تتم برمجتها على التعرف إليها.

واستطاع فريق البحث الذي يعمل في مشروع كوسبال دعم هذه النظرية من خلال تطوير نظام روبوتات ليس لديه أي برمجة مسبقة من المعرفة الهندسية، حيث نجح في التعرف الى الأشياء فقط من خلال التجربة، حتى مع تغير البيئة المحيطة به وتغير وضع الكاميرا التي يحصل من خلالها على المعلومات البصرية.

استخدم في اختبار النظام لعبة ترتيب المكعبات التي تستخدم في تعليم الأطفال الصغار. ومن خلال المحاولة والخطأ والملاحظة، استطاع الروبوت وضع المكعبات في الثقوب المربعة، والأشكال الدائرية في الثقوب الدائرية بدقة عالية. يقول مايكل فيلسبرغ معلقا استطاع الروبوت حل المشاكل الهندسية دون أن يكون لديه معرفة بالهندسة. وأضاف لاحظت ابني الصغير الذي يبلغ من العمر 11 شهراً وهو يحل اللغز، ولاحظت أن عملية تعلم ابني والروبوت التي تحدث أمامي متشابهة إلى حد بعيد.

اختبار آخر تم تطبيقه لمعرفة مدى قدرة الروبوت على التعلم من خلال الملاحظة؛ حيث استطاع ذراع الروبوت محاكاة حركة الذراع البشري، مع تحسن أداء حركة ذراع الروبوت في محاكات الذراع البشري مع كل مرة تتم فيها التجربة. كما استطاع الفريق استخدام وسائل جديدة مكنت الروبوت من التعرف الى الألوان.

ويضيف مايكل فيلسبرغ إذا تحدثنا من وجهة النظر البشرية، فإن هذا الروبوت يشبه طفلاً عمره عامان أو ثلاثة أعوام.

ومن المتوقع أن تلعب مثل هذه الروبوتات دورا كبيرا في حياتنا اليومية، حيث يعمل المسؤولون عن المشروع حاليا على تجريب نظام الإدراك الاصطناعي في السيارات، كي يجعل السيارات قادرة على إدراك ما يحيط بها. ويعلق مايكل فيلسبرغ على ذلك قائلا في عالمنا الواقعي نحتاج الى نظام قادر على التكيف مع الظروف غير المتوقعة، وهذا هو أفضل ما حققه نظام الإدراك الاصطناعي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"