حتى وقت قريب، كانت فكرة عقد محادثات مع جهاز الحاسوب وإعطائه أوامر بفتح الأبواب والنوافذ المغلقة تعتبر محض خيال ولا توجد إلا في أفلام الخيال العلمي الهوليوودية، لكن الأمور تتغير وبسرعة، وهنالك الآن عدد متزايد من الأشخاص الذين يتحدثون مع أجهزة الحاسوب وهواتفهم النقالة، ويطلبون منها إرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني، والبحث عن الاتجاهات أو العثور على معلومات من خلال شبكة الإنترنت .
يقول فلاد سيجونا رئيس قسم التكنولوجيا في شركة #187;نيوانتس كوميونيكيشنز#171; المهيمنة على الأسواق من خلال برمجياتها الرائدة في التعرف إلى الصوت، #187;نحن نعيش الآن مرحلة انتقالية، فقد أصبحت تقنية التعرف إلى الأصوات في الريادة، واعتقد أنها ستقلب نظام الحواسيب رأساً على عقب#171; .
لقد وصلنا إلى مراحل متقدمة في هذا المجال بفضل التقدم المطرد الذي تشهده مجالات التقنية التي تساعد الآلات على فهم لغة الإنسان، إضافة إلى تطوير أنظمة هذه الآلات وتوسعة حجم ذاكرتها لتتحمل عدداً أكبر من البيانات الرقمية .
وبالفعل أصبحت تقنيات التعرف إلى الصوت أمراً معتاداً في مراكز الاتصال، حيث تتيح هذه التقنيات للمستخدمين التنقل بين القوائم والخدمات أو التحدث إلى مندوب خدمة العملاء .
ومع التطور السريع للأجهزة النقالة قوية الأداء، أصبحت الواجهات التي تستخدم التعرف إلى الصوت أكثر فاعلية وفائدة وبدأت في الانتشار .
يشير #187;جيم غلاس#171; كبير الباحثين في معهد #187;ماساتشوستس للتكنولوجيا#171; والذي يعمل على تطوير الواجهات الصوتية منذ ثمانينات القرن المنصرم، إلى أن الهواتف الذكية في الوقت الراهن تمتلك قدرة أكبر على معالجة البيانات والمعلومات من آلات المختبرات التي كان يعمل عليها في التسعينات، مضيفاً أن الهواتف الذكية تتميز بتقنية #187;النطاق الترددي العالي#171; لاستقبال البيانات من وحدات التخزين #187;الساحبية#171; التي تستخدم خوادم لمعالجة كم هائل من المعلومات الصوتية والتعرف إليها، ويقول غلاس في هذا السياق: #187;إن الدمج بين القدرة الحاسوبية المتطورة والبيانات الكثيرة تعني أنه بإمكانك القيام بأشياء لم تكن تستطيع إنجازها من قبل، حيث يمكنك استخدام نماذج إحصائية أكثر تطوراً#171; .
وأبرز مثال على واجهة تعمل بتقنية التعرف إلى الأصوات في الهواتف المحمولة، نظام #187;سيري#171; أو (Siri) الموجود على أجهزة الآي فون 4 إس، والتطبيقات الصوتية الأخرى المعدة لنظامي #187;أندرويد#171; و#187;ويندوز موبايل#171;، وعلى الرغم من وجود بعض أوجه القصور في هذه الأنظمة إلا أننا نقترب من واجهة آلية يمكن أن نتحدث إليها .
تعتبر شركة #187;نيوانتس كوميونيكيشنز#171; في مراحل أوجها بالنسبة لتطوير تكنولوجيا التعرف إلى الأصوات، فقد تأسست الشركة في العام 1992 تحت اسم (Visioneer) واستحوذت على العديد من شركات التكنولوجيا، ولديها الآن أكثر من 6 آلاف موظف في 35 موقعاً في مختلف أنحاء العالم، وبلغت إيراداتها في الربع الأول من العام الجاري 3 .390 مليون دولار، بزيادة قدرها 4 .22 في المئة، مقارنة مع إيراداتها في العام 2011 .
وفي السنوات القليلة الماضية، استثمرت الشركة خبرتها في مجال التعرف إلى الأصوات في الأسواق الناشئة، حيث قامت ببيع تقنياتها في هذا المجال للعديد من الشركات الأخرى، ويعتقد على نطاق واسع أنها قامت بتطوير نظام المحادثة الموجود في (Siri) .
تقول #187;نيوانتس#171; إن تقنية التعرف إلى الصوت تعتبر نظاماً مثالياً في الهواتف النقالة والحواسيب المحمولة، لأن المستخدم يمكن أن يكون منشغلاً ولا يستطيع استخدام هاتفه أو لوحة المفاتيح عندما يقود سيارته مثلاً، إضافة إلى أن إعطاء الأوامر الصوتية أسهل وأسرع بكثير من الطباعة على لوحة المفاتيح أو النقر على الفأرة .
ويأمل فلاد سيجونا رئيس قسم التكنولوجيا في #187;نيوانتس#171; إلى استخدام تقنيات التعرف إلى الأصوات التي تنتجها الشركة في مجالات أوسع لتشمل أجهزة التلفاز والسيارات، فبدلاً من استخدام جهاز التحكم عن بعد أو #187;الريموت كونترول#171; للبحث عن قناتك أو برنامجك المفضل، يمكنك مستقبلاً إعطاء الأوامر صوتياً للتلفاز لتغيير المحطة، وأنت متكئ على كرسيك المفضل!
وفي مختبرات الشركة، عرض سيجونا برنامجاً يعمل على التلفاز يدعى #187;SirDragon TV#171;، وعندما وجه له أمراً في العثور على أفلام من بطولة الممثلة ميريل ستريب، بدأ البرنامج بالبحث من خلال قوائم القنوات على الفيلم المطلوب، ونشير هنا إلى أن هذه التقنية موجودة بالفعل في بعض التلفزيونات التي تنتجها شركة #187;سامسونغ#171; .
وهنالك شائعات نطاق واسع تشير إلى أن شركة #187;آبل#171; تطور أجهزة تلفاز تستخدم نظام #187;سيري#171; في إعطاء الأوامر، وقد أثار هذا الموضوع #187;والتر إيزاكسون#171; الذي كتب سيرة رئيسها التنفيذي الراحل ستيف جوبز .
في هذه الأثناء تستخدم تقنيات شركة #187;نيوانتس#171; في أنظمة #187;سينك#171; الموجودة في سيارات #187;فورد#171; والتي توفر للسائقين معلومات عن حالة الطقس وحركة واتجاهات السير وتشغيل الراديو والموسيقا، وقد كشفت #187;نيوانتس#171; في الآونة الأخيرة عن برنامج #187;Dragon Drive#171; والذي يمكن لشركات السيارات الأخرى استخدامه في مركباتها، وتوفر الشركة أيضاً أدوات تطوير البرامج لأي جهة أو مؤسسة تستخدم تقنية التعرف إلى الأصوات، حيث إن شركة #187;مونترو تيكنولوجيز#171; ومقرها في مدينة #187;آشلاند#171; بولاية #187;أوريجون#171; الأمريكية استخدمت أحد تطبيقات الشركة في تطوير نظام يسمح للأطباء تسجيل ملاحظاتهم الصوتية بواسطة الآي باد .
ويعتقد سيجونا أنه في غضون السنوات القليلة المقبلة، سيتسع استخدام تقنية التعرف إلى الأصوات في الهواتف المحمولة وتصبح أكثر انتشاراً، ويقول في هذا الشأن: #187;يمكنك أن تستخدم الهاتف بفعالية من دون لمسه، وإعطاء الأوامر للجهاز لإرسال الرسائل وتصفح الويب#171; .
وربما يستطيع الأشخاص استخدام هذه التقنية في الأجهزة الحاسوبية التي يمكن ارتداؤها كالنظارات والساعات التقنية، وهنالك مصادر داخل شركة #187;نيوانتس#171; تشير إلى أن الباحثين فيها يعملون على تصميم أنظمة تشغيل لهذه الأجهزة، وقد تجد طريقها إلى الأسواق قريباً .
