غلاء المهور.. شرط تعجيزي في لبنان

العنوسة بين الجنسين تفوق 60%
03:33 صباحا
قراءة 3 دقائق
بيروت: رنه جوني

يتسبب ارتفاع المهور وتكاليف الزفاف في لبنان بتراجع العديد من الشباب عن الإقدام على خطوة الزواج في بلد تبلغ نسبة العازفين عن الزواج من الجنسين بارتفاع نسب العنوسة التي فاقت ال60 في المئة، في السنوات الأخيرة وصلت التكلفة إلى 10 آلاف دولار المقدم و30 ألف المؤجل، بعدما كانت تقتصر على طقم ذهب لا يتجاوز الألف دولار، كما أن قروض الإسكان التي كان يعتمد عليها تم إغلاقها أمام أحلامهم.
إزاء هذا الواقع يعيد الشباب النظر في الزواج، أو التوجه لإقامة علاقات خارجية، هرباً من أي أعباء تترتب عليه بما تشترطه العروس «بدي سيارة آخر موديل، وشقة وحساب بالبنك وعرس مكلف»، مما يبعد فارس الأحلام، ما إن يسمع هذه الشروط وفق ما تقوله بنفسها، وهي تدرك أن شروطها مستحيلة وأن شباب اليوم غير قادر حتى على إقامة عرس نتيجة الوضع الاقتصادي، ولكنها تعوّل على الشباب المغترب ليحقق حلمها.
حين تخرج أحمد«..» في كلية الهندسة بدرجة جيد، ظن أن العمل سيكون بانتظاره، وأنه سيرتبط أخيراً بشريكته على مقاعد الدراسة بعد قصة حب استمرت أربعة أعوام التقى أحمد ونانسي صدفة داخل حرم الجامعة اللبنانية. تعارفا ونشأت بينهما علاقة حب قوية وتواعدا على الارتباط بعد التخرج وتأسيس مستقبلهما معاً، هي وعدت أحمد أن يعيشا معاً على «الخبز والزيتونة» ولكن الكلام يبدده الواقع، بعد تخرجهما ذهب أحمد برفقة عائلته لطلب يد نانسي وفرحته لا تتسع، ولكن الصدمة فاجأته بعد أن طلب والدها 15 ألف دولار مهراً لها، قائلاً: ابنتي «مهندسة قد الدنيا» المهر بدد كل أحلامه، سيما وأنه لم يجد بعد عملاً ولا يملك هذه الإمكانات.
انتهت القصة قبل أن تبدأ مثل قصص كثيرة من شباب يعجزون عن تأمين متطلبات الزواج.
يقول إبراهيم: كان مهرها غرفة في المنزل، وكان هناك قناعة لدى الصبايا، اليوم طغى «البرستيج» على حياتنا، حتى الحب يتعثر عند أول «مطب» مالي، ثم يقولون ليش بعد ما تزوجت؟ الزواج بات مكلفاً في لبنان الغارق في الأزمات.
يعيش السواد الأعظم من الشباب على أمل مفقود وأزمة كبيرة. حتى الهجرة أصابتها اللوثة الاقتصادية ما انعكست على نفسيات جرجي «..» الذي ظن أن الغربة تساعده على الزواج ليتساءل، لماذا الصبايا لا تقنع بالقليل، المشكلة أن هناك غيرة بين الصبايا ومتطلباتهن كثيرة وأكبر من إمكانات الشباب، وهذا يعود للتربية والقناعة التي للأسف باتت شبه معدومة، ما ينعكس علينا، ناهيك عن أن الفتيات يعملن والشباب عاطل أي انقلبت معايير الصورة وانعكست سلباً.
الباحث الاجتماعي الدكتور هاشم بدر الدين يلفت إلى أن تأخر الزواج اليوم له انعكاسات وخيمة على المجتمع، فالزواج ارتباط واستقرار، وهذا بات شبه مفقود، إذ إن نسبة العنوسة لامست ال60 في المئة، وهي نسبة خطيرة، أضف إلى أن سن الزواج لامس ال40 عند الشباب وهو أيضاً عمر خطر، ويسأل د. بدر الدين: متى يؤسس الشاب أسرته. ويرى أنه يجب التواضع وإعادة النظر بالمهور المرتفعة، فلا يعقل أن تصل المهور إلى أرقام خيالية، الغرب لا يعترف بها، ربما يوجد قانون يحمي المرأة، وهذا قد يكون سبباً للأهالي لرفع مهور بناتهم، مع ارتفاع نسب الطلاق والعنف وغيرها، ولكن هذا لا يبرر الأرقام المطروحة.
ولا يخفي بدر الدين أن هذا الواقع يؤدي إلى حالات نفسية تنعكس على تصرفات كلا الطرفين وينتج عنها فلتان، مصاحبة، دعارة، مخدرات، جريمة، وكبت، غالباً ما يؤدي إلى حالات انتحار وجريمة. بهذا المعنى يقف الشباب اليوم عند أزمة صعبة يكمن حلها بأمرين، انفراج الأزمة الاقتصادية وقروض الإسكان، وتخفيض المهور، و«بين الدفة والمزراب عاشت العنوسة والعزوبية».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"