قيم التسامح

01:09 صباحا
قراءة دقيقتين
الهنوف محمد

يعتبر معرض الشارقة الدولي للكتاب عرساً ثقافياً مهماً في الساحة الثقافية الإماراتية والعربية والعالمية، فهو من أهم المعارض الدولية التي تقام على مستوى الوطن العربي والعالم، يزوره جميع القراء والمهتمين بالثقافة والناشرين من جميع أنحاء العالم وبكل شغف. ولهذا المعرض دور بارز في خدمة برامج القراءة في الإمارات، وهو بالفعل يقوم بدوره المهم من خلال الندوات الفكرية والأمسيات الشعرية المصاحبة له والتي لها أثر بالغ في تجديد الخطاب وتطوير الرؤية الثقافية.
ويتكئ المعرض على تاريخ عظيم منذ انطلاق أول دورة له في عام 1982، بِإِشراف من دائرة الثقافة والإعلام فِي الشارقة حينذاك، الأمر الذي جعل منه منصة تستفيد من تجاربها في كل دورة، وتدفع بالعمل نحو الأمام تطوراً وتوسعاً، ومتابعة دقيقة من القائمين به، بفضل مجهودات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ودعمه المتواصل للثقافة والمثقفين في الإمارات والعالم العربي، وبفضل رعاية سموه لهذا المعرض الذي بات يشكّل منصة بارزة للكتاب وقضايا صناعة النشر ضمن منظومة المعارض العالمية، حتى وصل إلى مكانة صار فيها من أهم تلك المعارض نظراً للاستمرارية والتطور الكبير فيه، حيث إن المعارض المخصصة للكتب ما عادت في حقيقتها مكاناً لترويج وبيع الكتاب فقط، بل أيضاً تشكل محفلاً ومنشطاً ثقافياً متعدد الأدوار والمهام، عبر الفعاليات الثقافية المتنوعة التي تضم مختلف الفنون والأجناس الأدبية في المسرح والفنون البصرية والإبداعية الأخرى، وتشتعل فيه النقاشات في المنتديات المتعلقة بما هو شديد الصلة بالإبداع الكتابي.
لقد نجح المعرض في تنشيط الكثير من الخطط والاستراتيجيات المتعلقة بالثقافة عربياً ومحلياً، وهو أمر يميزه بالحركية والدينامية، ويصنع نوعاً من التواصل مع المثقفين العرب والمؤسسات الثقافية العربية، وبالتالي فهو بمثابة «قمة عربية ثقافية» تناقش قضايا الكتاب وواقع القراءة في العالم العربي، ويمكن القول، إن المعرض بات اليوم من أكبر المحفزات الثقافية على مستوى الوطن العربي، بسبب الإقبال المتزايد على القراءة في ظل تراجع الكثير من المعارض العربية، وهو أيضاً ملتقى لكبار الكتاب والضيوف من كافة أنحاء العالم، ممن يجمعهم عشق القراءة والثقافة، وهو الذي يسهم في عملية التواصل مع الثقافات المتعددة والمختلفة، خاصة أن الإمارات موطن التسامح بين الشعوب، وتسعى لجعل قيم التسامح تثمر عن سلام ووئام وعيش بين كل ثقافات العالم.
لقد نجح المعرض في نسج علاقة حميمية وروحية بينه وبين المثقف العربي، فلئن كانت حياة المثقفين بين الكتب والنقاشات الثقافية والمعرفية التي تحيط بكل قضايا الفكر والأدب والفلسفة والعلوم؛ فإن ذلك تماماً ما يوفره المعرض كمنصة تهدف إلى رفع الوعي، عبر إحياء فعل القراءة بين الأجيال الجديدة في ظل تحديات التكنولوجيا الحديثة التي أبعدت الشباب -إلى حد ما- عن عوالم القراءة والكتب، وهذه القفزات الجديدة في مسيرة المعرض، أهلته لأن يكون عن جدارة واستحقاق من أهم المعارض الدولية للكتب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"