ليس كل ما يلمع «نجماً»

01:46 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

هل تذكر يوم كنت صغيراً، تشرئب لرؤية صورة المغني الذي تحبه، تقفز فرحاً إذا سمح لك أهلك حضور حفل له؟ وكيف كنت تُسكت الجميع كي تسمع ما يقوله «النجم الكبير»- في نظرك- وتحفظ عن ظهر غيب كل كلمات أغانيه، وتفاصيل حياته الخاصة؟
هل تذكر كيف كنت تشتري أشرطته، وكل ما يتعلق به، وتطير فرحاً لو وجدت قميصاً، أو أي «بوستر»، أو مقلمة، وما شابه، عليها صورته؟ كان حلمك أن يلتفت إليك في حفله، وأنت تعلم جيداً أنك بالنسبة إليه مجهول تحمل لقب «معجب»، مثلك مثل الآلاف والملايين غيرك. وكان حلمك أيضاً أن تلتقط معه صورة، ثم تتباهى أمام رفاقك كأنك وصلت إلى القمر.
لو تذكّر كل مغن أنه مر بهذه المراحل في طفولته وشبابه، لما سمح لنفسه بالتقليل من شأن هؤلاء القادمين خصيصاً، من أجل سماعه، والاستمتاع بصوته، وأغانيه، ولما سمح لنفسه بقول أي كلام، والتقليل من شأن أي كان، أو طرد معجب كأنه «حشرة».
ما نراه هذه الأيام من تصرفات «لاأخلاقية» وغير مسؤولة، من فئة من الفنانين، تخيفنا مما هو آت. فهناك ما يشير إلى موجة عالية من هبوط المستوى، ليس فنياً فقط، وإنما أخلاقياً، وهو الأخطر. قد نعتبرها مجرد «أحداث فردية»، لكنها في الحقيقة تتحول شيئاً فشيئاً إلى ظاهرة.
رفض محمود العسيلي التقاط صورة مع أحد معجبيه وهو على خشبة المسرح، وكررها أكثر من مرة بالحدة نفسها، وقلة التقدير لحالة الإعجاب التي يعيشها هذا المقبل على العسيلي بكل مودة. من حقه أن يرفض مقاطعته أثناء الغناء، أو أن يرفض التصوير، مع أنه أصبح موضة يمارسها المغنون فيصورون أنفسهم «سيلفي» ليظهر الجمهور خلفهم سواء في مقطع فيديو، أو صورة، ويفخرون بها على صفحاتهم. من حقه الرفض إنما بأدب، ولباقة، لا بتعال، وتهديد.
ليس كل ما يلمع فوق خشبة المسرح «نجماً». فالنجم الحقيقي لا يرضى أن ينزل بمستواه إلى قاع القاع، وأن يُدخل الجمهور في متاهات خلافاته الشخصية مع فنانين آخرين، أو أي طرف كان. مغن يدعى وديع الشيخ، أراد رد الكيل «لزميل» على حد قوله، فأضاف إلى أغنيته عبارة «الحذاء الذي أنتعله يساوي مرتبك على 9 أشهر». أي مستوى هذا، وأي فن يتحفوننا به؟ ألم يعد هناك حرمة للفن، وللوقفة على المسرح وللجمهور، الذي لا يستحق من الفنان سوى التقدير والاحترام، لأنه من دونه، لن يكون «نجماً»، ولن يتباهى بشعبيته، ولن يجد من يسعى خلفه من شركات الإنتاج ومتعهدي الحفلات. فأين النقابات ومن يغربل الفن، والفنانين؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"