مبادرات سباقة لصون التراث الإماراتي

رؤى جديدة لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة
01:17 صباحا
قراءة 4 دقائق
العين: هديل عادل

تلتزم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة بالمحافظة على تراث وثقافة وتقاليد أبوظبي، وإعلائها وترسيخها على المستوى العالمي، وتركز في سعيها إلى تحقيق ذلك على تعزيز مكانة إمارة أبوظبي كوجهة سياحية وثقافية عالمية رائدة ذات طابع متميز، وتقوم الهيئة بدور كبير في توفير الحماية للتراث العريق والأصيل في إمارة أبوظبي والحفاظ عليه، عبر جمعه وحفظه وتوثيقه وتشجيع الدراسات والأبحاث التي تتناوله وتؤرخ له، وتتعاون في هذا الإطار مع الجهات المختصة بقطاع التراث بشقيه المادي والمعنوي، وتستقطب في عملها الخبرات الرائدة من جميع أنحاء العالم، و تطبق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، وتعمل على تسجيل الفنون الشعبية والحرف اليدوية التقليدية والمواقع الأثرية في قوائم التراث العالمي الخاصة باليونيسكو.

خطوات كبيرة

تعمل إدارة التراث المعنوي في الهيئة من أجل جمع وحفظ وحماية وتوثيق عناصر التراث المادي لإمارة أبوظبي، وذلك من خلال العمل في اتجاهين، الاتجاه الأول يحقق حفظ وتوثيق عناصر التراث، حيث يتولى قسم الأرشيف في الإدارة حفظ المادة التي تم جمعها بصورة ورقية، أوعلى شكل أشرطة ممغنطة للعودة إليها والاستفادة منها بعد ذلك، وأصدرت الإدارة 36 إصداراً يتنوع بين البحوث والدراسات وأوراق عمل، إضافة إلى نشرات تتضمن نتائج الجمع الميداني لتاريخ بعض القلاع والمباني القديمة كالبيوت السكنيّة والقصور والمتاحف والأسواق، ولعل من أبرز الأدوات والوسائل المعاصرة في حفظ عناصر التراث والتعريف بها، ما تقوم به الهيئة من خلال تسجيل عدد من هذه العناصر في منظمة اليونيسكو التي تعتبر المنظمة الدولية الوحيدة للتعريف بتراث الشعوب، حيث تمكنت الهيئة من إدراج ستة عناصر في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، وهي الصقارة و العيالة و التغرودة والقهوة العربيّة والمجالس والرزفة، وعنصر السدو في قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل.
وتجلى تعاون دولة الإمارات متمثلا في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة مع منظمة اليونيسكو، في قيادتها لجهود عدد كبير من الدول في تسجيل تراثها في المنظمة، وكان تسجيل (الصقارة) في القائمة التمثيليّة للتراث الثقافي غير المادي باليونيسكو عام 2010 باكورة ثمار هذا التعاون، وبعدها جاء تسجيل حرفة السدو التقليديّة التي عرفها مجتمع الإمارات منذ القدم عام 2011م، كما سجلت (التغرودة) في القائمة التمثيليّة للتراث الثقافي لليونيسكو عام 2012م، وكملف مشترك مع سلطنة عُمان الشقيقة سجلت (العيالة) كملف مشترك آخر مع سلطنة عمان في 2014م، وسجلت القهوة العربيّة والمجالس في هذه القائمة كملف مشترك ثالث بين دولة الإمارات والمملكة العربيّة السعوديّة ودولة قطر وسلطنة عُمان، إضافة لفن (الرزفة) كملف دولي مشترك رابع مع سلطنة عمان عام 2015م.

جمع عناصر التراث

وفي الاتجاه الثاني من جمع وحفظ عناصر التراث، يتولى عدد من الباحثين والباحثات جمع عناصر التراث غير المادي وحصرها، من خلال المقابلات الميدانيّة التي يجرونها مع الرواة، والإخباريين الذين يشكلون كنوزا بشرية أساسية في عمليات حصر عناصر التراث، وجمع المعلومات حولها، ولدى إدارة التراث المعنوي سجل لهؤلاء الرواة، يتضمن أسماءهم وتوزعهم الجغرافي ومعلومات أخرى عن سيرهم الشخصية التي ترتبط بمجالات الاستفادة منهم، أما المصدر الثاني في عمليات الجمع والحصر، فيتمثل بممارسي التراث وحملته، ومنهم ممارسو الحرف التقليديّة، وفنون الأداء، والأدب الشعبي، كما تشكل المواد المطبوعة من وثائق وكتب ونشرات ومخطوطات ومواد مصورة أو ممغنطة، المصدر الثالث لجمع وحفظ التراث.

وتمكنت إدارة التراث المعنوي من إعداد قوائم حصر بالتراث الوطني لإمارة أبوظبي حسب مجالات التراث غير المادي الخمسة المتعارف عليها عالميا، من خلال استمارات تعريفية بكل عنصر من هذه العناصر التي وصل عددها حتى الآن إلى (800) عنصر، والعمل جار لاستكمالها بالعناصر الأخرى.

حماية المواقع التاريخية


تعمل الهيئة مع شركائها لدعم وحماية المواقع الأثرية والتاريخية إلى جانب إعادة ترميمها وافتتاحها للحفاظ عليها واستمراريتها لما تشكل من رمز معنوي وتاريخي مهم، وتتعاون الهيئة بشكل وثيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في مجال حفظ وحماية المواقع التاريخية والوجهات الطبيعية في إمارة أبوظبي، وقد تم تسجيل سبعة عناصر من عناصر التراث الوطني لدولة الإمارات في منظمة اليونيسكو، شملت عدداً من مواقع الآثار والواحات في مدينة العين، ويعد هذا التسجيل التزاماً من دولة الإمارات اتجاه هذه المنظمة بتقديم تقارير دورية يستدل منها على أن العنصر يلقى كل اهتمام وتعزيز من الهيئات والمؤسسات التراثية، وأنه في السياق الصحيح الذي رسمته اليونيسكو لاستمراره في المشهد الثقافي والتراثي.

أول موقع إماراتي

استحقت مدينة العين أن تكون أول موقع إماراتي على قائمة التراث العالمي للبشرية، بسبب تاريخها الذي يمتد إلى عدة آلاف من السنين، مما جعلها تتمتع بتراث ثقافي غني ومتنوع، تجسده الأهمية الجيولوجية والأثرية والتاريخية لجبل حفيت وحضارة هيلي وبدع بنت سعود ونظام الأفلاج ومناطق الواحات، التي أعطتها الكمالية والتنوع الذي يصعب تواجده في مواقع أخرى من هذا النوع في العالم.

وتعتبر المواقع الأثرية في منطقة جبل حفيت، واحدة من أهم عناصر مدينة العين ضمن قائمة التراث العالمي، حيث إن المدافن الأثرية في منطقة جبل حفيت، كانت من أول المواقع الأثرية التي يتم التنقيب فيها في ستينات القرن الماضي بعد جزيرة أم النار من قبل بعثة الآثار الدنماركية، وتشكل منطقة جبل حفيت موقعاً ثقافياً آخر ذا قيمة استثنائية نظراً لأهميته الجيولوجية والأثرية والتاريخية والبيولوجية.

أكبر مجمّع أثري

تعد حضارة الهيلي مع نظامها المتطور لإدارة المياه، ومبانيها السكنية المحصّنة وعادات الدفن فيها، من أهم مبررات القيمة العالمية البارزة التي حازتها مدينة العين، حيث يعود تاريخ آثار الهيلي بمدينة العين إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، والتي تعتبر أكبر مجمّع أثري للعصر البرونزي في الدولة، وقد تم ضمّ بعض أجزاء هذا الموقع إلى حديقة آثار هيلي، التي تم تصميمها لتسليط الضوء على الآثار وإتاحتها للزوّار، في حين توجد بقايا أثرية عديدة أخرى، كآثار المستوطنات السكنية والمدافن والأفلاج التي تعود إلى العصر الحديدي في منطقة محمية خارج الحديقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"