“الثقة بالنفس” عملية علمية بحتة

بدأ فريق متحمس لنظرية الثقة بالنفس عام ،2003 اجراء مراجعة لأبحاث عديدة، محللاً حوالي 15 ألف دراسة، وقاده المتخصص النفسي الدكتور روي بوميستر، من جامعة ولاية فلوريدا في تالاهاسي، حيث وصل إلى نتيجة ان مائتين من هذه الدراسات فقط تتوافق مع المعايير العلمية، ولدهشة الفريق، فإن أياً من هذه الدراسات لم تثبت أن الثقة العالية بالنفس لها آثار ايجابية، فهي لم تحسن الدرجات المدرسية ولم تحقق اختراقات مهنية، ولم تخفض التصرفات العنيفة، أو تنعكس من خلال تقدير الغير لمستوى جمالك أو ذكائك أو خلقك، بل على النقيض، فإن الثقة العالية بالنفس كان لها انعكاسات سلبية، ففي احدى الدراسات التي ذكرتها مجلة السيكولوجيا الاجتماعية والطبية، تم اعطاء طلاب في الجامعة ممن لم يؤدوا جيداً في امتحانات منتصف الفصل، وسائل أسبوعية للمساعدة على الدراسة، ولكن بعضهم قيل لهم ان يرفعوا رؤوسهم لأنهم لم يفعلوا شيئاً يخجلون منه، بينما قيل للآخرين إن عليهم تحمل مسؤولياتهم تجاه تقصيرهم في الامتحانات، وتبيّن ان الفئة الأولى التي قيل لها أن تثق بنفسها، وترفع رأسها أدت بصورة دراماتيكية اسوأ من السابق.

يقول بوميستر إن مدح الأطفال لمجرد المدح وليس لتصحيح اخطاء اقترفوها، يمكن ان يؤدي إلى آثار سلبية خلال عملية التعلم.وفي نفس السياق، تبرز مجموعة من النقاط أثارتها استاذة علم النفس في جامعة ستانفورد كارول دويك في كتابها السيكولوجية الجديدة للنجاح، تقول كارول إن الناس يظنون ان الثقة بالنفس أهم ما يمكن توفيره للأبناء، على طبق من فضة، وذلك يكون عبر حمايتهم من الانتقادات وكيل المديح الدائم لمهاراتهم ومواهبهم، وتضيف كارول التي قضت 40 سنة في دراسة كيفية نجاح وفشل الصغار، أنه قديماً كان الآباء عندما يقلون أبناءهم من مباراة البايسبول، يقولون لهم: عندما رميت الكرة نحوك، لم تكن مركزاً نظرك عليها، أما الآن فإنهم يقولون لهم لقد تعرضتم لغش الحكم.

ويعتقد الآباء أنهم بذلك يفيدون أبناءهم ويساعدونهم إلا أن الحقيقة غير ذلك، لأنهم يسهمون في جعل أبنائهم عرضة لانتقادات الآخرين.

وأظهرت الدراسة التي أجرتها كارول أن الأطفال عندما يوصفون باللامعين، فإنهم غالباً ما يعتقدون أن أي جهد مضاعف يبذلونه هو ضرب من الغباء، وبعد ذلك وعندما يواجهون أي تحدٍ في دراساتهم، فإنهم يصابون بالذعر، وكثير منهم يتراجعون عن المهمة المكلفين بها لأن العمل الشاق يهدد صيتهم بالذكاء واللمعان.

وتضيف كارول أن الطريقة الفعالة هي مدح العملية التي يستخدمها الطالب مثل الجهد المبذول والاستراتيجية والمثابرة، والتقدم لأن هذه الأمور هي التي تخبرهم ما الذي يجب عليهم فعله في المرة المقبلة.

ففي احدى الورش التي نظمها طلاب ثانوية حول مهارات الدراسة، قامت مجموعة من الطلاب بتقديم درسين مدة كل منهما 25 دقيقة، حول كيفية تطوير الذكاء، شارحين أن الدماغ يشهد ظهور خلايا عصبية جديدة عندما تتعرض لتحد ما. وخلال فصل دراسي واحد، نجحت هذه المجموعة من الطلاب في تحسين درجاتها المدرسية، وحماستها وطرق دراستها مقارنة بغيرهم من الطلاب.

هذا التغير في التفكير عند الباحثين، كما ظهر عند كارول وبوميستر، ينسجم مع فلسفة التعليم الثورية المسماة التعليم الاجتماعي والعاطفي أو SEL، والتي تؤكد على أنه إذا أراد التلاميذ أن يكونوا من محبي المغامرة الذهنية، فإن عليهم الشعور بالأمان، وتوفر لهم هذه الفلسفة شريحة واسعة من المهارات، التي تسمح لهم بالنجاح في حياتهم.

حاز كتاب الذكاء العاطفي لمؤلفه عالم النفس دانيال كولمان عام ،1995 شهرة واسعة حيث إنه كان صاحب الفكرة ان الأطفال وربما الكبار يجب ان يعلموا ويطلعوا على التعاطف ومعرفة الغير، ومعرفة النفس والانضباط النفسي، وتكوين علاقات ايجابية، واتخاذ قرارات مسؤولة ومواجهة التحديات. في ذلك الوقت، كان امتحان تحديد نسبة الذكاء المعروف باسم IQ، هو المقياس الوحيد للتقدم في الحياة، ولكن كولمان في كتابه ناقش أن هناك قدرات أخرى على قدر أهمية امتحان IQ، لتحسين القدرات التعليمية، ومنع المشاكل كالعنف، وحسب كتاب كولمان، فإن الثقة بالنفس جزء من نظريته، ولكنه صغير.

كن سيد ذاتك

ثلاثة تمارين تقدمها جمعية ست ثوان وهي جمعية دولية غير ربحية مقرها كاليفورنيا، ضمن برنامجها للتدريب على الذكاء العاطفي والاجتماعي. وصممت هذه التدريبات لتطوير جوهر الكفاءة والاحساس بالثقة.

خياطة المشاعر

إحدى شروط اتخاذ قرارات جيدة هي تطوير المعرفة العاطفية، أي العودة إلى مشاعرك واكتشافك ان عدة مشاعر تجتاحك خلال هذه اللحظة، خذ قطعة صغيرة من الورق واثنها مرتين (أي يصبح لديك أربعة مربعات)، ومن ثم قم بفردها مرة أخرى، فكر في مناسبة أو حدث مهم حدث معك الليلة الماضية، وفي أحد المربعات، أدخل رمزاً أو رسماً يوضح كيف شعرت حيال هذا الحدث أو الموقف، ما الذي شعرت به أيضاً؟ اكتبه في مربع آخر، ومن ثم في المربعين الباقيين، الآن أصبح لديك لائحة من أربعة مشاعر، أحسست بها حيال موقف ما، أي شعور كان الأكبر؟ بهذه الطريقة تستطيع أن تحظى بعدد من المشاعر.

البنس المعلم

إجادة تنظيم ردات فعلك مهم لتستطيع أن تحكم ذاتك، ففي الصباح، ضع عشر عملات نقدية صغيرة (بنس) في جيبك الأيسر، وكل مرة تقول أو تفعل شيئاً، يكون عكس ما كنت تريده أي لم تكن ردة فعلك كما تريد أو كانت أقسى وأخف أو أقوى من الذي أردته، فإن عليك نقل قطعة نقدية من جيبك الأيسر إلى الأيمن، وبهذه الطريقة تحاول أن تقلل عدد القطع النقدية في الجيب الأيمن.

لعبة الفيلم الصامت

هذا التدريب يساعد على استخدامك لقوة مشاعرك لفائدة أفضل، ولكنه يحتاج إلى معاونة أحد أصدقائك، حيث عليك ان تجلس برفقته في مطعم أو محطة أوتوبيسات، واختيار بعض المارة، وتخمين ما الذي يدور في مخيلتهم، وكتابته على ورقة، ويتم بعد ذلك مقارنة مع ما كتبته عن ما الذي يفكر فيه الأشخاص المارة الذين اخترتهم مع صديقك، وماذا يشعرون.

العلاقة بين المظهر والسعادة

تتحدث نانسي إتكوف العالمة النفسانية في كلية هارفرد الطبية، ومؤلفة كتاب بقاء الأجمل: علم الجمال، عن العلاقة بين المظهر، والسعادة.

ففي خلال تحدثها عن مدى ارتباط سعادة المرأة بمظهرها وشكلها، قالت ان المرأة التي تركز كثيراً على مظهرها كمصدر أساسي لثقتها بالنفس عادة ما تكون أقل سعادة من الأخريات اللواتي يركزن على الحياة الاجتماعية، وتضيف أن الانسان بطبعه كائن اجتماعي، ولذلك فإن الأشخاص الذين لا يمتلكون علاقات جيدة مع الآخرين يكونون أقل سعادة، ونفس الشيء ينطبق على الذين لا يؤدون أعمالاً أو نشاطات تظهر نقاط قوتهم، فهذه هي المصادر الحقيقية للسعادة، وليس الأشياء الخارجة مثل المال والجمال.

وتكلمت عن صحة ما يقال إن الاحساس الايجابي بالنفس يجعل المرأة أكثر جمالاً في الشكل، فقالت راقبوا امرأة تدخل إلى مكان بثقة كبيرة، وكأنها تقول انظروا إليّ، أنا مهمة، طريقة مشيها وتعابير وجهها، وكل شيء فيها يقول انظروا إليّ، إذاً لماذا نهتم بأن نكون جميلين؟ الجواب بسيط لأننا لا نريد أن يتم تجاهلنا ونُعزل، فنحن بطبعنا نحب جذب الانتباه، فالطفل عندما تشيح بوجهك عنه، يغضب، لذلك فهناك هذا الطفل في داخلنا جميعاً.

وعما إذا كان هناك طرق أخرى غير العمليات التجميلية يمكنها تغيير نظرتنا إلى شكلنا، تقول نانسي إن العلماء يدرسون طريقة التعقب بالعين، تعتمد على قيام الأشخاص بالتحديق في المرآة، فالأشخاص لا ينظرون إلى أشياء جميلة فيهم، بل يحدقون في عيوبهم، وعليهم التوقف عن ذلك، والقول لماذا لا نحدق بالأشياء التي تعجبنا؟، فمثلاً أنا أحب عينيّ، فما الذي يجب أن أفعله وأظهر جمالهما؟.

وتؤكد نانسي ان المساعدة الاجتماعية تجلب السعادة، لأن هناك دلائل عديدة، تؤكد أن التطوع يجعل المرء سعيداً، لأن الشعور بأنك جزء من شيء أكبر مهم جداً، فعندما تقدم مساعدة لغيرك، فإن نظام المكافأة في دماغك يعمل، لذلك عليك ان تحدد الأشياء التي تجلب السعادة لك.