5 قصور أردنية ترسم ملامحها في تراث الزرقاء

00:49 صباحا
قراءة 3 دقائق
عمّان: «الخليج»

ترتبط 5 قصور أثرية في محافظة الزرقاء شمالي الأردن، بأحداث ومواقف تاريخية، تُلخّص تراث المكان وعادات وتقاليد سكانه واحتفاظهم جيلاً بعد آخر بتناقل حكايات الماضي على اعتبارها مكسباً للحاضر، ومسلكاً للمستقبل.
قصر شبيب الذي يأخذ شكل الحصن، شُيّد في العصر الروماني، وكان مركزاً للدفاع عن الحدود الشرقية، وعُثر بداخله في تنقيبات عدّة على بقايا قطع فخارية تعود للقرن الثاني الميلادي، وجدها مؤرخون مرجعاً أساسياً لاقتران حِرَف يدوية تراثية في المكان، على مدار قرون لاحقة بصناعة أنواع معينة من الفخار بدون تغيير على نمطها الأساسي، وإنما إضافات شكلية محدودة.

يؤكد هشام الزيود الباحث التراثي أن أسلوب البناء في مناطق قريبة من القصر، مستمد من شكله وبعض مواده، التي ظلت مستخدمة، باعتماد باحات داخلية واسعة، وغرف ذات جدران مقوّسة، وأسقف مرتفعة، وأعمدة صلبة عليها نقوش، واعتماد أغلب سكان المنازل على آبار في الساحات الملحقة.
ويشير الزيود إلى إسهام استخدامات متباينة للقصر خلال عصور ماضية، في تشكّل تاريخ المكان وتراث سكانه، ابتداء من استعماله قلعة حربية في العصر الروماني، ومحطة للمسافرين في عصر الفتوحات الإسلامية، وحماية طريق الحج في العصر العثماني، حتى اعتماده مسجداً في العصر الهاشمي، ثم تحوّله إلى مزار، وتحفل جدرانه بكتابات تدل على عادات وتقاليد حياتية في السلم والحرب، وثياب رسمية وشعبية، صارت لاحقاً بمثابة أزياء وملابس تقليدية، لاتزال حاضرة في المناسبات الاجتماعية.

ويمثّل قصر الحلابات الكائن على بعد 25 كم شمال شرقي الزرقاء، جزءاً رئيسياً من مهنة سكان المنطقة، لأنه كان في الفترة النبطية محطة تجارية، فتحت أبواب عمل الأجداد، في بيع وشراء مواد العطارة والأعشاب الطبيعية والأقمشة والجلود، التي تحوّلت إلى مصدر رزق، واستمد منها كثيرون تخصيص محال في هذا المجال، توارثتها الأجيال، ويعد شارع السعادة القديم في المحافظة، مثالاً ماثلاً حتى اليوم على ذلك.

ويلفت الزيود إلى أهمية قصر الحلابات تراثياً، في تفاصيل مرتبطة ببنائه من حجارة جيرية بازلتية متقنة، تحكي نقوشها اللاتينية استخدامه سابقاً، كحصن دفاعي لحماية الطريق التجارية بين بصرى الشام شمالاً، والعقبة جنوباً، وأخذه شكلاً مربعاً طول ضلعه 44 متراً، وفي زواياه أبراج مرتبطة بجدران جانبية، ترتفع حتى تغطي ثلاث طبقات، وفي الساحة خزان وقاعة واسعة كانت تستوعب قوافل تجارية.
ويرتبط قصر عمرة الذي شُيّد في العهد الأموي، باستخدامه مقراً لرحلات الصيد البرية في المنطقة، والتي أصبحت لاحقاً جزءاً من ممارسات ذات صلة، ارتبطت بعادات صيفية.

ويحتفظ القصر على جدرانه الرخامية برسوم ونقوش، تتعلق برحلات صيد وحيوانات وجدت في المنطقة في تلك الفترة، منها: الأسود والنعام والنمور والغزلان، فضلاً عن زخارف بأشكال نباتية، ويتكرر ذلك وسط قبة داخلية يظهر فيها ما يشبه الأبراج السماوية المقترنة بالتأمل والصبر.

ويشتمل قصر عمرة على قاعة استقبال مستطيلة ذات عقدين تنقسم إلى ثلاثة أروقة، لكل منها قبو نصف دائري، ويتصل الرواق الأوسط بغرفتين صغيرتين، تطلان على حديقتين، كانتا مقصداً للقيلولة، وهناك مرافق خدمية للاستراحة خلال رحلات الصيد.

ويُعد قصر الحرانة معلماً تاريخياً بارزاً، ليس لأنه الأموي الصحراوي الوحيد في الأردن، الذي أنشئ لغايات دفاعية فحسب، وإنما أيضاً بسبب بنائه قرب وادي الحرانة، الذي شهد اقتران بادية المنطقة هناك بصفات أصيلة وعادات اجتماعية.
ويوصف قصر الحرانة بأنه «حُرّ البدوي»، أي عدم انصياعه لمخاطر خارجية، تحاول السيطرة عليه، وهذا يعود إلى تشييد سطحه من حجارة صوانية، يطلق عليها «حرّة»، وكذلك لمناعته وصلابته في صد اعتداءات توالت على المنطقة في عهود سابقة.
ويحتفظ «الحرانة» بأغلب أجزائه الأصلية، ويتكون من 61 غرفة صغيرة، موزعة على طابقين، وضمن شكل يقترب من نمط القلعة، لاسيما بوجود برج صخري مستدير في كل زاوية، وفراغات للضوء والتهوية، ورمي السهام قديماً.
أما قصر الأزرق الذي يأخذ شكل القلعة، فقد وضعت أساساته في عصر الرومان، وسط واحة الأزرق، ومن إحدى دلالاته التراثية، التعامل مع مصادر المياه الطبيعية، وطرق تخزينها، وبناء سدود صغيرة، وتفاصيل حياتية دقيقة لأهل الصحراء، خلال مواجهات مطلع القرن الماضي مع العثمانيين، ومرور «لورنس العرب»، مع قوافل بدوية قصدت القصر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"