عادي
صور الواجهة تطل على التاريخ وتغري بالدخول

الطريق إلى الكويت يبدأ بيوم البحر

00:56 صباحا
قراءة 5 دقائق
دبي - شيرين فاروق
تحرص الدول الخليجية على إظهار تراثها، فعلى الرغم من أن التضاريس تتشابه بين هذه الدول وتتلاقى بعض الحرف والمهن إلا أن هناك اختلافات تميز تراث كل دولة عن الأخرى وان كانت الأشياء تتشابه في مضمونها وتختلف في أسمائها.ومن هنا حرص القائمون على الجناح الكويتي بالقرية العالمية لهذا العام أن يتفردوا بشكل مختلف عن الآخرين عارضين مجموعة من الصور التي تزين الجدار الخارجي للجناح الكويتي، ولم تقتصر تلك الصور على إبراز الجانب التراثي العتيق في الكويت بل ساهمت في فضول الكثيرين من الجنسيات الأخرى خاصة الجنسيات غير العربية للتعرف إلى ماهية هذه الصور والمعاني التي تحملها.لا عجب أن تجد احد الأشخاص رافعا رأسه وعيناه تتحرك يمينا ويسارا لتدقق في الصور المعروضة ولا سيما أنها اختيرت بعناية لتكون بمثابة رموز اختصارية لتاريخ دولة خليجية.ففي يوم البحر تبدأ الصور بألعاب العيد التي يشتهر بها المجتمع الخليجي بصفة عامة حيث كان الفريج بمثابة البيت الكبير لهم يجمع أطفالهم فتياناً وفتيات يذهبون إلى البيوت ويدقون الأبواب ليقابلوا بابتسامة ترحيبية من أهل البيت الذين يعيدون على الأطفال بالعيدية ويتنقل الأطفال من بيت لبيت ويذهبون إلى راعي الدكان ليصرفوا ما تحصلوا عليه من عيدية.المشهد الثاني ينتقل بالزائر إلى عالم مختلف عالم المقاهي الشعبية التي كانت تنتشر على ضفاف المياه وحولها خلفية السفن حيث كان يتجمع الصيادون ليتبادلوا الحديث حول مجريات اليوم ويتناقشون في الأخبار والشائعات التي تصل إليهم، وكانت الدكك الخشبية ترحب بمقعدهم وتربيعة أرجلهم فوق خشبها العتيق، وتتسابق أصوات اللعب للظهور من كلا الطرفين إلا أنهم في النهاية يعودون إلى بيوتهم.المنظر الثالث صورة قديمة لآثار جزيرة فيلكا التي تشتهر بها الكويت والتي تلفظ محلياً فيلجة وهي جزيرة كويتية تبعد حوالي 20 كيلومتراً شمال شرق مدينة الكويت، حيث يعتقد أن اسم جزيرة فيلكا مشتق من الكلمة اليونانية Fylakio والتي تعني الموقع العسكري المتقدم وباللغة اللاتينية تعني السعيدة، إلا أن هناك رأياً آخر يشير إلى أن كلمة فيلكا او فيلجا مشتقة من الفلوج وذلك لشهرة الجزيرة بالزراعة، و فيلكا هي الجزيرة الكويتية الوحيدة المأهولة بالسكان، وبها آثار تعود للاسكندر المقدوني ومقام للعبد الصالح الخضر عليه السلام كما تنتشر بها المزارع حيث تتميز الجزيرة بخصوبة أرضها، وسكان الجزيرة يدعون بالفيلكاوية أو باللهجة الكويتية بالفيلجاوية، وتحتوي الجزيرة على مهبط للطائرات العامودية ومينائين بحريين ويمكن الذهاب إلى الجزيرة عن طريق ميناء راس الأرض بمنطقة السالمية أو ميناء المرينا البحري عن طريق سفينتي أم الخير وبنت الخير، لذلك كان من الضروري أن توجد صورة لهذه الجزيرة على صدر الجناح الكويتي حاملة رسالتين مهمتين إحداهما تشير إلى أن الكويت دولة ضاربة في القدم والثانية هي دعوة لزيارة الجزيرة المتميزة.صورة أخرى من يوم البحر تنقل واقع البحارة والسفن التي كانت ترسو إلا أنها ركزت هذه المرة على سفن نقل المياه، أما الصورة المجاورة فكانت لصندوق المبيت الذي يحمل في داخله أدوات زينة المرأة الكويتية وهو الصندوق الذي يسبق العروس إلى بيت العريس، ويعتبر صندوق المبيت تراثاً خليجياً مستورداً من الهند سبق عصر النفط وبرع أهل الخليج في صناعته وقد استخدمه جيل ما قبل النفط للتخزين وأصبح اليوم قطعة أثاث للعرض في المنازل كديكور للتزيين فقط، وهو عبارة عن صندوق التخزين الخشبي القديم ويطلق عليه أهل الخليج في البحرين وقطر والسعودية والكويت صندوق مبيت بينما يعرف في الإمارات وعمان باسم مندوس وقد عرف باسم المبيت لأنه كان يحوي ملابس وحلي وعطور وبخور وحاجيات العروس ويوضع في بيت الزوجية ليلة قبل الزفاف فسمي بهذا الاسم كونه يبيت في المنزل قبلها ثم يسلم لها في اليوم التالي من الزفاف كما كان متبعا في اغلب الدول الخليجية، وفي العادة لا يباع هذا الصندوق بعد اقتنائه إذ يحتفظ فيه أهله منذ دخوله المنزل حيث يستخدم في التخزين وغالبا للحاجيات الشخصية، وغالبا ما يصنع من نوعين من الخشب إما من خشب السيسم أو خشب الصاج وهي تجلب من الهند أو إفريقيا، كما أن صناعته تتطلب نحو 2600 مسمار للصندوق الصغير ونحو 4400 مسمار للصندوق الكبير وهذه المسامير تجلب في الوقت الحاضر من ألمانيا بينما يستورد النحاس من الهند.وتتنقل بنا واجهة الجناح الكويتي إلى عالم آخر وهو صورة للحي القديم ذلك المكان العتيق، تلك الأزقة الضيقه، الشوارع المزدحمة بأناس تعرف بعضها، تلك البيوت المتراصة و المتشابهة في تناغم جميل، من شدة تشابهها يمكن أن تدخل بيت جارك معتقدا أنه بيتك، وتشعر انك أمام عائلة واحدة تعرف الضيف والغريب من أول وهلة، حيث ترى الفتيات بالزي الشعبي بألوانه الصاخبة وتصميمه المختلف.وعودة إلى البحر ركزت الصور على الصيد بالشبك ( القرقور) وحرفة صناعة السفن وهي من الصناعات المنتشرة على مستوى دول الخليج العربي وتشكل مورداً جيداً لأصحابها، حيث إن هناك إقبالاً على مختلف أنواع السفن، ورغم كثرة العاملين فيها وحتى سنوات قليلة سابقة، إلا أنه لم يتبق منهم إلا عدد قليل جدا، وحتى الآن لم تكتمل الصورة عن الكويت حيث انضمت لها مجموعة أخرى من الصور مثل مستلزمات المرأة الكويتية في القديم والتي تمت ترجمتها إلى المستلزمات الحديثة في داخل الجناح، كذلك صورة لسور الكويت هذا الأثر التاريخي العميق، الذي صاحب أفئدة الكويتيين على مدى عقود من الزمن، فكان مثال المستعمرة العظيمة رغم بساطته وقلة عدد الناس الذين كانوا بأحضانه، وقد كان السبب الرئيسي لبناء هذا السور هو الحماية والأمن وصد الهجمات والغارات على الكويت، وان يكون بمثابة سد منيع يحمي الكويت من الغزاة والطامعين أما الصورة الأخيرة فنقلت سوق الحريم وصورة أخرى كانت بمثابة منظر شهي للحلويات الكويتية.ونجحت الواجهة في جذب انتباه الزائرين حيث قدمت اطلالة بصرية على تاريخ الدولة قبل الولوج إلى المحال الداخلية والتي تنوعت فيها المعروضات بين الملابس النسائية وملابس الأطفال، وفاحت منها رائحة العطور الذكية حيث اكبر واشهر محال العطور تواجدت في الجناح، أما الركن القوي والذي يميز الجناح الكويتي فهو ركن الفنان جمال العلي الذي يحرص على التواجد كل عام في القرية العالمية مصطحبا معه أدواته الثمينة، حيث يقوم بعرض حي للصناعات والتماثيل التي يعرضها وهي الفرصة الذهبية التي يقدمها الجناح كل عام لزواره، والتي تشمل أدوات الصيد المتنوعة والمنتجات الفخارية والأدوات المنزلية باحجام مختلفة جذابة، وعن مفردات المعرض الذي يقيمه قال العلي انه يحتوي على كل ما يتعلق بالكويت على شكل مجسمات مصغرة والحرف الكويتية والتراثية القديمة المصغرة مثل البيت الكويتي القديم والحوش الكويتي وأنواع من الدوة ومجسمات كويتية من سور الكويت وقص درب الزلق والشخصيات الكويتية مثل الكندري والقلاف والقطان والصفار وغيرها إلى جانب ورشة مصغرة لأداء الحرف اليدوية أمام الزوار ليتعرفوا إلى أداء الفن الكويتي والتراث الكويتي بكل أشكاله، وبامكان زائري المتحف كما يود أن يطلق عليه العلي أن يتعرفوا إلى الدوة الكهربائية التي تستخدم للزينة كذلك برع العلي في صناعة مجسمات للأبواب الكويتية القديمة مثل باب بوخوخة وبوابة النصف.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"