عادي
تقع في جنوب غربي النرويج

ستافنجر.. جميلة وبكر ومتمدنة

03:00 صباحا
قراءة 5 دقائق
إعداد: قرشي عبدون

تقع مدينة ستافنجر في شبه جزيرة ستافنجر في جنوب غربي النرويج تمتلك ثروة كبيرة من النفط، ومع ذلك فإن شوارعها المرصوفة بالحصى ومرفأها الوسيم ومناظرها الخلابة الجذابة تكذب حقيقة تاريخها كمدينة بترولية. إنها ثالث أكبر مدينة في البلاد وهي المركز الإداري لمقاطعة روجالاند، ورابع أكبر بلدية من حيث عدد السكان. ومع ذلك الأسعار العالية ومتحف النفط النرويجي وحدهما تفضحان تراجع اعتمادها على قطاع النفط، ولكن السبب الذي لأجله يقوم السياح بزيارتها مختلف.

أجمل ما تقدمها هذه المدينة هي الطبيعة الخلابة، فضلاً عن شلالات مانافوسن وروك بولبيت (قطعة شاهقة من الجرانيت تطل على ليفسجورد المذهلة) فلا تبعدان سوى مسافة قصيرة بالسيارة. في حين يفضل معظم الناس تسلق بولبيت، إلا أن هناك حافلة متوفرة لمن لا يرغبون في السير مشياً على الأقدام.

وبذات القدر المثير لمناظرها الطبيعية الخلابة، فإن هناك أيضا أشياء أخرى مدهشة توجد في المدينة، فوسط المدينة الأصيل المبني حول المرفأ عبارة عن واحة من الكنائس، فضلاً عن المنازل الفوضوية وبعض المحال التجارية الراقية.

وتهيمن كاتدرائية ستفانجر التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر على المشهد، بأبراجها الشاهقة التي تمثل أبرز معالم المدينة، كما لا تنقصها المتاحف والمعارض أيضاً، ففي حين يبدو المتحف البترولي كئيباً بشكل كبير، إلا أنه ممتع للغاية بفضل شاشات العرض التفاعلية التي تشرح ماهية النفط ولماذا يوجد في مناطق محددة. وكذلك هناك متحف كانينج الذي يضم أعمالاً فنية ضخمة مثيرة للإعجاب والذي يأخذ السياح أيضاً عبر تاريخ صيد سمك الساردين بالمدينة، فالمتحف أروع بكثير مما يبدو عليه.

ولا شك أن النفط هو الذي كان خلف ازدهار المدينة، فصيد الساردين أصبح من الماضي، رغم طعمه اللذيذ بعد طهوه بالزبدة على نار هادئة، وهو أحد الأطباق الشهيرة التي تقدم في مطاعم المدينة ولا يعني ذلك عدم رؤية الصيادين يقومون بصيده في شواطئها الجميلة ذات الرمال الذهبية المشجرة حولها وحول المدينة، فها هي ستافنجر جزء منها متمدن وآخر بكر الطبيعة، وكلها جميلة.

  • تاريخ المدينة

كانت قرية صيد عديمة الفائدة خلال الجزء الأكبر من تاريخها، دخلت كتب التاريخ لأول مرة قبل أكثر من 10 آلاف سنة، مستقلة بشدة، حكمها سلسلة طويلة من شيوخ القبائل المحليين خلال عهد الفايكنج، وعلى الرغم من أن كل الأشياء لم تمض كما خطط لها، إلا أن الملك هارلد فيرهير ملك الفايكنج استطاع أن يفرض القانون ويستعيد النظام من خلال هزيمة حلف شيوخ القبائل ووضع حد لحكمهم. لقد كان انتصار الملك فيرهير سبباً في إنشاء ما سيصبح لاحقاً مملكة النرويج، إلا أن استقلال النرويج وستافنجر لم يمكث طويلاً، وخلال القرن الخامس عشر أصبحت البلاد الشريك الأصغر للدنمارك لما انضمت ل «اتحاد كالمار»، وبعد فترة زمنية وجيزة أصبحت مقاطعة من جارتها الصغرى، واستمرت على هذا الوضع حتى 1905.

وعلى الرغم من ذلك، ظلت المدينة في الازدهار تحت الحكم الدنماركي، وأصبحت معقلاً للكنيسة الكاثوليكية، وفتحت أبوابها للرهبان من كافة أنحاء أوروبا، عندما بدأ الإصلاح في القرن الخامس عشر كان وقعه قوياً في ستافنجر، ودخلت المدينة في فترة ركود مرة أخرى. صناعة الرنجة (السمك المملح) هي التي وضعت ستافنجر أخيراً على الخريطة في القرن التاسع عشر، مما أدى إلى ازدحام أرصفتها بصانعي الشباك، وبائعي المعلبات والفضة. وعندما فشلت صناعة الرنجة وتوقفت مصايد الأسماك انتقلت المدينة الآخذة في الازدهار إلى بناء السفن، واستفادت من الإمدادات الوفيرة للأخشاب.

أما وصول السفينة الحديدية فقد وضع حداً لتلك الصناعة، ولكن بعد بضع سنوات، كان نفط بحر الشمال سبباً في طفرتها. وتقوم المدينة وفي الوقت الراهن ببناء الحفارات المستخدمة في حقول النفط البحرية، كما تقوم بتكرير النفط ، إذ تعد الآن واحدة من أغنى المجتمعات الحضرية في العالم. إنها المدينة التي ضحكت حقاً في النهاية.

  • مواقع الجذب البارزة
    • ستافنجر القديمة: جزء من مركز المدينة تم الحفاظ عليه من الخراب والدمار لما تم تطويره بعد الحرب العالمية الثانية، تتكون ستافنجر القديمة من حوالي 170 منزلاً خشبياً وكوخاً يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر وحتى بواكير القرن العشرين، يتوفر رحلات التنزه مشياً على الأقدام بصحبة المرشدين السياحيين.
    • متحف البترول: لعبت صناعة النفط دوراً حيوياً في جعل النرويج واحدة من أغنى البلدان في العالم. هذا المتحف يحكي عن قصة صناعته ويوضح كيف تشكلت صناعة النفط والغاز في الأصل وكيف يتم استخراجهما، وصقلهما واستخدامهما. ويمكن للزوار المشاركة في رحلة افتراضية تتجول في منصات النفط ببحر الشمال.
    • متحف ستافنجر البحري: متخصص في التاريخ البحري للساحل الجنوبي الغربي للنرويج، ويضم عدداً وافراً من المقتنيات والوثائق والصور التي تمنح السياح والزوار لمحة عن تاريخ الشحن وبناء السفن والثقافة الساحلية بشكل عام، ويضم المتحف أيضاً سفينتين جميلتين وعدداً من القوارب الصغيرة.
    • متحف الفنون الجميلة: يقع هذا المتحف على بعد حوالي 20 دقيقة سيراً على الأقدام إلى الغرب من المركز في حديقة موسفان الورقية بجوار بحيرة موسفان. ويضم أكبر مجموعة أعمال فنية في النرويج للرسام لارس هيرترفيغ (1830-1902)، جنباً إلى جنب مع أعمال إدفارد مونش وكريستيان كروج، وهارييت باكر وغيرهم من الفنانين النرويجيين البارزين من القرنين الماضيين. ويشتهر المتحف أيضا ببرنامج المعارض المؤقتة.
    • كاتدرائية ستافنجر: تتميز كاتدرائية ستافنجر بهيكل معماري جذاب جنباً إلى جنب مع برجيها التوأم اللذين يرتفعان عالياً في السماء ، حيث يعود تاريخها إلى عام 1125، كما أنها تتباهي أيضا في جزء منها بالمعمار القوطي، حيث تم بناؤها من قبل نحاتي الحجارة الإنجليز الذين جلبوا إلى هنا كعمال في بناء الكنيسة في القرن الثالث عشر.
    • نصب ثيري سورس التذكاري: وقعت معركة ثيري سورس (السيوف الثلاثة) في هيفسجورد في 872 ميلادية، وهي المعركة التي قاتل وانتصر فيها هارولد فير هير، نتج عنها اتحاد النرويج في نهاية المطاف، وأقيم نصب ثيري سورس تخليداً لذكري انتصار هارولد فيرهير، حيث يضم النصب ثلاثة سيوف ضخمة على نسق سيوف الفايكنج، مغروزة على تلة صخرية، افتتحه الملك أولفا الخامس في 1983، يقع على بعد 6 كيلومترات من وسط المدينة.
       
  • أفضل وقت للزيارة

تعتبر ستافنجر وجهة على مدار العام، ولكن في فصل الصيف - من مايو إلى سبتمبر - هو الوقت الذي تكون فيه المدينة مفعمة بالمهرجانات التي تقام في الهواء الطلق، حيث يعم شعور عام بالأجواء الاحتفالية. في أحسن الأحوال، تصل درجة الحرارة حوالي 17 درجة مئوية خلال الصيف، مع توفر الأنشطة التي تقام في الهواء الطلق، ابتداء من التنزه مشياً على الأقدام إلى ركوب الأمواج الشهيرة. ونظراً لموقعها الساحلي، يكون الطقس معتدلاً في فصل الشتاء مع انخفاض درجات الحرارة إلى حوالي 4 درجات مئوية. ومع ذلك، فإن المدينة هي بوابة لمنتجعات التزلج القريبة.

  • هل تعلم؟
    • أن الكاتب ألكسندر كيلاند ولد في ستافنجر، حيث يعتبر واحداً من 4 أدباء نرويجيين عظماء، وهم: هنريك إبسن وبيورنستجيرن بجورنسون وجوناس لاي.
    • أن كاتدرائية ستافنجر هي الأقدم في النرويج، حيث اكتمل بناؤها حوالي 1150، وأحرقت في عام 1272 وأعيد بناؤها على الطراز القوطي.
    • أن المنازل الخشبية القديمة والبالغ عددها 150 منزلاً في ستافنجر هي من أقدم المباني الخشبية في العالم.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"