عادي

بلباو.. الوداعة الإسبانية الأصيلة

02:51 صباحا
قراءة 6 دقائق
إعداد: قرشي عبدون
ميناء بحري ومدينة صناعية شمال إسبانيا، يتجاوز عدد سكانها 350 ألف نسمة، استطاعت بلباو أن تنتقل من مدينة صناعية مغمورة إلى إحدى الوجهات الأكثر وداعة في إسبانيا في غضون أقل من 20 عاما. توصف بلباو في كثير من الأحيان بالمدينة «الجسورة» و«الأصيلة»، فهذا الميناء الشمالي هو أكثر من مجرد مكان للترفية والتسلية، مقارنة بمدينتي مدريد وبرشلونة الرائعتين. كانت بلباو حتى أواخر التسعينات تعتمد على نفوذها التجاري أكثر من جاذبيتها السياحية، حيث كانت تستورد الأسماك وتصدر الحديد، وكان الذواقة وعشاق الفن يصلون إليها عبر الزوارق، قبل أن يختفوا سريعاً داخل ميناء سان سيباستيان.
 
كل ذلك تغير حينما ظهر متحف جوجنهايم الشهير في 1997، حيث تم بناؤه قبالة رصيف القديم للبحر، فالمتحف لم يغير بلباو فحسب، بل العالم. اليوم أي محاولة لإعادة إحياء المدينة بالمباني المعمارية الراقية تعرف ب «خاصية جوجنهايم» وهي الثورة الجمالية التي خلفها مبنى «فرانك جهرى» على المدينة، فبلباو تستحق الزيارة لرؤية «متحف سيدني اوبرا هاوس» لوحدها، المتحف المصمم على شكل نصف مركبة فضائية. 
 
كما أن نجاحها شجع على المزيد من الأنفاق على هذه المدينة: مثلا كمحطات القطار التي صممها نورمان فوستر، و جسر زوبيزوري الذي صممه المعماري البارع، سانتياغو كالاترافا، ولا تزال بلباو تنعم بالحيوية، وقد بدأ العمل في مشاريع طموحة سلفا من إعادة تطوير حي زوروتزوري المتسخ.
 
بالنسبة للسياح، قلب المدينة لا يزال في شوارع البلدة القديمة التي يعود تاريخها إلى القرون الوسطى، ويعرف محليا ب «لاس سيت كاليس» أو الشوارع السبعة، وهو عبارة عن ممرات مشاة ضيقة مرصوفة بالحصى، تضم كاتدرائية سانتياغو التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر، ومحاطة بأسواق ذات أسقف. هنا في هذا المكان يستطيع السياح الاستمتاع بألذ الوجبات الخفيفة، تماما كما في سان سيباستيان.
على الرغم من شواطئها المذهلة بالقرب من الطريق مباشرة، والتزلج المناسب على ساحل الباسك ومشهد الفنون الخاصة بالطبقة العاملة المزدهرة في أحياء في سان فرانسيسكو ولا فيجا - قد لا تتجرأ على منافسة مع برشلونة - لكنها تجبر السياح بعدم البحث عن أي مكان آخر.
حتى القرن العشرين لم تلتقط بلباو فرشاة ألوانها وتزين بها مصيرها بثقة، وقبل ذلك، كان هذا الميناء المتوثب في الأصل لوحة من التاريخ الزاهي تلفها الحروب ومدهونة بكبرياء الباسك، بدأ يزدهر في القرن الثالث عشر عندما أصبحت بلباو مدينة مستأجرة، ولكن المعلومات تؤكد أن المدينة استوطنت من قبل هذا التاريخ، وبعد أن صارت مستأجرة، شهدت بلباو نمواً سريعاً، لتصبح الميناء الرئيسي لمملكة مملكة قشتالة وفي 1372، قرر جوان الأول للمملكة أن يضربها وهي حامية والسماح بنقل الحديد مجانا عبر البلدة.
 
وبحلول القرن السادس عشر، لم تكن بلباو مدينة اقتصادية لمنطقة بيسكاي فحسب، ولكنها كانت عاصمة أيضاً، ووجدت المدينة نفسها تحت الهجوم خلال الحروب الكارليسية للقرن الثامن عشر، حيث نجت لتحكي حكاياتها ومضت قدماً لتكون مقراً لحكومة الباسك المستقلة خلال الحرب الإسبانية في 1936، قبل أن يتم حصارها من قبل الجيش الوطني، الذي قام بتحطيم جسور المدينة في مايو/‏‏أيار 1937.
 
وبدأت عمليات إعادة البناء في المدينة في أربعينات القرن التاسع عشر، حيث ازدهرت صناعة الحديد مرة أخرى، ولكن استمر السخط تحت شعار «الكبرياء الإقليمي» وفي 1959، تم تكوين منظمة «إيتا» الانفصالية ذات النزعة القومية وتعنى «أرض الباسك والحرية»، حيث قامت بعمليات الاختطاف والقتل وجرحت الآلاف في سعيها لنيل الاستقلال.
 
ومع ذلك، استمرت خلال العصر الصناعي في القرنين التاسع عشر والعشرين لتخلق لنفسها ثروة. ولكن دفعت المدينة جمالها ثمناً، حتى العقود الأخيرة من القرن العشرين عندما تدهور قطاع الصناعة، وتفاقمت أزمة اقتصادية عميقة كانت العمليات التجارية جيدة، ولكن بعد الاستثمار المكثف في السياحة والثقافة وإعادة الإنتاج، أدارت بلباو نفسها لتتحول إلى قصة نجاح.
 
لا شك أن أفضل وقت لزيارة بلباو هو شهر أغسطس/‏‏آب عندما يكون الطقس حاراً وجافاً، حيث يكون مهرجان أست ناغوسيا الكبير طاغياً في هذا الشهر. هناك أيضا العديد من المهرجانات الأخرى يحدث خلال هذا الوقت من السنة، وهذا هو أفضل موسم للذهاب إلى الشاطئ. ومع ذلك نادراً ما يكون الشتاء باردا جداً في بلباو، وعادة ما تنخفض درجات الحرارة إلى 5 درجات مئوية كأدنى مستوى. المتاحف والمواقع المثيرة مفتوحة على مدار السنة وأوائل الربيع هي أنسب وقت للزيارة إذا كنت لا تحب الأجواء الساخنة جدا.
 
معالم الجذب
 
  • متحف غوغنهايم: يعد متحف غوغنهايم من أروع مواقع الجذب في بلباو دون منازع، صمم من قبل المهندس المعماري فراك جهري، يقبع وسط مركز المدينة، ويحتل مساحة قدرها 11 ألف متر مربع، ويضم 19 معرضاً، ويمثل أعمالاً فنية لبعض أكثر الفنانين تأثيراً لمنتصف وأواخر القرن العشرين، بما في ذلك بيكاسو وموثرول و روزنبرج.
  • كاسكو فيجو: تعرف البلدة القديمة لبلباو ب«لاس سيت كاليس»، أو الشوارع السبعة، لأن هذا هو عدد الممرات المرصوفة بالحصى التي كانت تتمركز في الأصل داخل أسوار المدينة القديمة. منذ القرن التاسع عشر، على الرغم من أنها توسعت شمالا نحو بلازا نويفا، فهذا هو الجزء من البلدة الذي يقضي فيه معظم السياح أوقاتهم مستكشفين المعالم المعمارية الجذابة للكنائس والكاتدرائية أو الساحات الصغيرة ذات الأجواء المفعمة بالحيوية.
  • متحف الفنون الجميلة: تأسس في 1908، ويمثل أعمالاً فنية متنوعة واستثنائية يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر حتى يومنا هذا، تشمل المجموعة الفنية أكثر من 600 ألف عمل فني، من اللوحات الجدارية، والتماثيل والرسومات إلى المنحوتات والزخرفة، ينقسم المتحف إلى ثلاثة أقسام، قسم للأعمال الفنية الأوروبية الكلاسيكية، والفنون المعاصرة والفنون الباسكية.
  • متحف الآثار والإثنوغرافيا والتاريخ: وهذا المتحف يستحق الزيارة حيث يضم معارض لعلم الآثار، الإثنوغرافيا والتاريخ ولما قبل تاريخ منطقة الباسك. وتتيح المجموعة الفنية الدائمة للزوار فرصة استكشاف موضوعات مثل منطقة بيسكاي ما قبل التاريخ والعالم البحري في المنطقة، وكذلك الصيد والتجارة والحياة الرعوية والمنسوجات اليدوية والفخار والأسلحة والأثاث.
  • قصر وسكالدونا: يعتبر من بين أهم الأعمال المعمارية المعاصرة التي قام بها المهندسون المعماريون الإسبان، وقد صممها فيديريكو سوريانو ودولوريس بالاسيوس ويمثل آخر سفينة بنيت في حوض بناء السفن وسكالدونا القديم. ويمثل هذا المجمع الضخم متعدد الوظائف، الذي بني في عام 1999 ويقع في وسط المدينة، مركزاً رائعاً للمؤتمرات وقاعة رائعة، وهو تمثيل رمزي للتراث الصناعي لبلباو. تتوفر هناك جولات بصحبة مرشدين كل يوم سبت في وقت الظهيرة.
 
الأنشطة المتنوعة
 
  • التزلج في أمواج مونداكا: تتميز مونداكا بامواج رائعة تسمى«لفت وييفز»، وهي بمثابة محج لكل عشاق التزلج على الأمواج، حيث يبلغ ارتفاع الموج 4 أمتار وطوله 400 متر.
  • كهوف بوزالاغوا: توجد هذه الكهوف داخل حديقة أرمانون الوطني على بعد 60 كم من بلباو، حيث تكون النزهة بصحبة المرشدين السياحيين الذين يأخذون الزوار إلى أعماق الكهوف، حيث إن هوابطها وصواعدها وشالاتها وستائرها وأحجار الراين تضاهي أي معرض فني في العالم وأجمل من الفنون السريالية.
  • غراند روت: عبارة عن مسار مشاة لولبي يمتد إلى 61.5 ميل، وينتهى في مكان يتيح للسياح والزوار فرصة الاستمتاع بمشاهدة أروع المناظر الطبيعية للمدينة، يمر المسار عبر متنزهات أرتكساندا ومونتي أفريل، وأرنوتيغي وباغاساري ووأريز.
  • شاطئ خليج بيسكاي: تتميز شواطئ خليج بيسكاي بالروعة، حيث يستطيع عشاق التشمس الاستمتاع بأجمل الأوقات على سواحلها بالقرب من بلباو، مع منحدراتها الجميلة ورمالها الذهبية، حيث يعتبر شاطئ بلايا دي باكيو أكثرها إثارة للإعجاب، حيث يتيح رقعة شاسعة من الرمال التي يتمكن فيها الأطفال اللعب والمرح بكل ارتياح.


هل تعلم؟

  • كافا كانت تسمى بمياه بلباو هنا منذ بواكير القرن العشرين.
  • أول بلاط لبلباو تم رشه بالصوف الصلب والرمل لمنع الناس من الانزلاق في المطر.
  • اعتمدت المدينة حجما جديداً لخط كتابة لوحات الشوارع في عام 2000 تسمى أبجدية بلباو.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"