الجـدري..العدو الأول

02:17 صباحا
قراءة دقيقتين

إعداد: فدوى إبراهيم

«الجدري» أحد أكثر الأمراض فتكاً عبر التاريخ، فإن لم يقتل حامله، أصابه بالعمى والتشوهات، ولأن أعراضه تشبه الإنفلونزا فإن التعامل معه لا يبدأ إلا بعد ظهور البقع الحمراء في أنحاء الجسم والوجه، ومن ثم الندوب العميقة والتشوهات وتسمم الدم.
وبعد أن قضت منظمة الصحة العالمية على فيروس الجدري في أنحاء العالم بحلول ديسمبر 1979، أعلن أحد أكبر الانتصارات الطبية العالمية تحت شعار «العالم وجميع شعوبه تحرروا من الجدري».
والجدري مرض معد نتيجة استنشاق هواء فيروس الجدري وقطرات الغشاء المخاطي للفم والأنف والبلعوم، ولذلك فهو ينتقل بالاتصال المباشر مع المصاب، وغير المباشر من خلال أغراضه الشخصية. والجدري نوعان، الكبير الخطير، والجدري الصغير غير الخطير.
قبل عام 1967، كانت استراتيجية استئصال الجدري تعتمد على تطعيم الجماعات وأدّت تلك الاستراتيجية إلى التخلّص من المرض في بعض البلدان، ولكنّها أخفقت في تحقيق ذلك في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية كشبه القارة الهندية، والمناطق النائية كالقرن الأفريقي حيث أثبتت تدابير الاحتواء فعالية أكبر، فعمل برنامج الصحة العالمية الذي بدأ في 1966 حتى 1980على احتواء المرض وذلك بالتطعيم في السنوات الأولى في الطفولة، وتم الإبلاغ عن آخر حالة إصابة معروفة من مرض الجدري في الصومال عام 1977.
يشار إلى أن الجدري ليس وليد العصر الحديث، بل عانى منه العالم قبل 3000 سنة في الهند ومصر حيث عثر على مومياء أحد الفراعنة الذي ظهرت عليه آثار بثور شبيهة بالجدري، كما ظهرت آثاره في الصين ومنطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا بدءاُ من القرن الرابع، ويعتقد أنه كان وراء سقوط إمبراطوريات الأزتيك والإنكا، قبل أن يتسنى استئصاله من العالم، ولقي بسببه 300 مليون شخص مصرعهم خلال القرن العشرين وحده.
يشار إلى أن 30% من مصابي الجدري «الكبير» لاقوا حتفهم بينما ظلت آثاره على الآخرين الذين فقدوا أجزاءً من آذانهم وأنوفهم وأصيبوا بالعمى، حتى أقدم العالم إدوارد جينر على تجربة فكرته في عام 1796، وهي أن التعرض إلى مواد من بثور جدري البقر قد يحمي الشخص من الجدري، وأدى ذلك إلى ابتكار لقاح الجدري الذي جاء نتيجة جهود مضنية وطويلة لكنها نجحت في القضاء على المرض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"