مقاصد القرآن في أم الكتاب

04:36 صباحا
قراءة دقيقتين
د.رشاد محمد سالم

تكاد مقاصد القرآن الكريم تتمثل في الوحدانية، والوعد والوعيد، والعبودية، ومكارم الأخلاق، والعظة، والعبرة. ولقد شاء الله عز وجل أن تكون هذه المقاصد العامة مجموعة في سورة الفاتحة، ولو رحنا نتذوقها لوجدنا أن: «الحمد لله رب العالمين» تشير إلى الوحدانية، وأن «مالك يوم الدين» إشارة إلى الوعد والوعيد في يوم الحساب والجزاء، أما «إياك نعبد وإياك نستعين» فإنها إشارة إلى العبودية الخالصة لله التي لا تستعين إلا به سبحانه. وهذه العبودية لابد لها أن تتحلى بمكارم الأخلاق، وهو ما تلفتنا إليه الآية الكريمة: «اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم». ولكي تستقر العقيدة في النفوس ويثبت المرء على هدي صراط الله المستقيم يسوق الله لنا ما نستلهم منه العظة والعبرة، ممثلاً في «غير المغضوب عليهم و لا الضالين». وإذا كان كمال الإنسان بكمال قوتيه العلمية والعملية، فإنهما مكونات سورة الفاتحة (أم الكتاب).

تأمل: «الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين» علم ومعرفة بجلال الخالق سبحانه، رب هذا الكون ومالكه الحقيقي المتصف بكل كمال، والمنزه عن كل نقص.

أما «إياك نعبد وإياك نستعين* اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين» فهي عمل، والعمل، كما هو معروف، عبادة تستعين بالله وتطلب منه الهداية، ثم معاملات سرها الإخلاص وجوهرها مكارم الأخلاق.

ولما كانت فاتحة الكتاب بهذه المنزلة طلب من المؤمنين قراءتها في كل صلاة، و«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» نعم. إنها مجمع أشعة تنير بضوئها كل شيء وتبسطه على كل شيء، إنها تعلمنا آداب الدعاء بأن يبدأ العبد بالثناء على الله تعالى بما هو أهله، ثم يسأل الله الحاجة له ولإخوانه المؤمنين. بهذا يكون الدعاء أنجح للإصابة وأنجع للإجابة.

يقول أبو هريرة، رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال رب العزة: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله: مجّدني عبدي، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل. وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.

اللهم ارزقنا تدبر كتابك الكريم والعمل بما فيه، واجعله لنا في الدنيا نوراً وفي الآخرة شفيعاً. واكتب لنا الفوز بجنات النعيم.

* مدير الجامعة القاسمية بالشارقة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"