سورة يوسف عليه السلام هي قصة كاملة، أحداثها مرتبة ومتسلسلة، وسميت بأحسن القصص لإلمامها بأدق التفاصيل للنوازع النفسية من ألم وحزن وفراق ويقين وحكمة وحلم، وفيها كثير من الدروس والعبر والأجوبة لأسئلة تجوب في عقول العارفين.
أهم درس وهو البداية للقصة، عدم إظهار المحبة والتعلق بأحد الأبناء دون غيره، وهذا ما كان سبباً لتحريض نفوس إخوته الدنيئة بالقتل أو رميه في البئر، كما تشير إلى أن الأنبياء بشر، وبالتالي فهم لا يستطيعون إخفاء مشاعرهم، وذلك لأن يعقوب عليه السلام كان يعلم بأن يوسف سيصير له شأن، فأخبره بأن الله اختاره ليعلّمه من تأويل الأحاديث والرؤى ويتم نعمته عليه، فطلب منه كتمان الأمر حتى لا يثير غضب وبغض إخوته فيكيدوا له.
رُمي يوسف عليه السلام في البئر ورأى قسوة قلوب إخوته له، بِيعَ عبداً في سوق مصر بثمن بخس، ثم كانت أعظم تلك الابتلاءات وهي دخوله السجن ظلماً وبهتاناً، كل ذلك كان تربية له، لكي يعلّمه الله الأخلاق الفاضلة والنبيلة التي هي أساس لكل حاكم.. لذلك من المهم التمعن في قصة يوسف لنرى الكثير من العبر والدروس المستفادة.
لو انقطعت عن الإنسان أسباب الدنيا وأغلقت جميع الأبواب، لبقي باب الله مفتوحاً، للتذلل إلى الله يقيناً بالخوف منه، والتأكد بأن إجابة الطلب في الوقت الذي يريده هو وعلى الطريقة التي يريدها، وعند استشعار نعم الله فإن العبد يخشى من الوقوع في المعاصي.. «قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي»، ثم يطول البلاء ليعظم العطاء ولو فرّج عن يوسف من أول ابتلاء لما آلت إليه خزائن مصر.
ولم يطلب الخروج من السجن لتأويله رؤية الملك لأنه الكريم ابن الكريم، وعندما أمر بالإفراج عنه لم يخرج حتى أثبت براءته من ظالميه، وهذا دليل على ظهور الحق ولو بعد حين، ولكنه عندما أتته الفرصة في وقتها المناسب طلب بأن يكون عزيزاً على مخازن الأرض فهو عليها الحفيظ العليم.
القصة قائمة على رؤى، رؤيا يوسف كانت ابتلاء ورؤيا الفَتَيان في السجن بداية المنحة، ورؤيا الملك المنحة العظيمة من الله سبحانه وتعالى.
كذلك نتعلم من يعقوب عليه السلام، الصبر والاستعانة بالله وكظم الغيظ لأن كل شيء بيد الله، يفقد ابنه الأول وتشتد عليه المصائب بفقد الثاني فيصبح بعدها من الصلابة كالصخرة.
اليقين برحمة الله؛ فالقميص الذي كان وسيلة لضنك يوسف وهو في حالة الضعف والمحنة، يكسوه قميص الملك والعز والنبوة فيعطيه لأبيه ليشم رائحة الأمل.. كلما اشتد الكرب بالإنسان، اشتد قربه من الله، فالشر وإن طال لابد له نهاية.
وبعد كل ما حدث له يسأل الله: «توفني مسلماً وألحقني بالصالحين»
وما نعيشه اليوم من بلاء يجب ألاّ يزعزع ثقتنا بالله عز وجل، وأن نكون على يقين بأن رحمته قادمة لا محالة ولو طال الزمن.
ميثا السبوسي
مقالات أخرى للكاتب
![الخليج](/sites/default/files/2024-07/Untitled-1_1.jpg)
![الخليج](/sites/default/files/2024-07/Untitled-1_1.jpg)
![الخليج](/sites/default/files/2024-07/Untitled-1_1.jpg)
![الخليج](/sites/default/files/2024-07/Untitled-1_1.jpg)
قد يعجبك ايضا
![«أجنحة في الأفق» تحمي الطيور الجارحة في أبوظبي](/sites/default/files/2024-07/6181034.jpeg)
![الرئيس الأمريكي جو بايدن (أ ب)](/sites/default/files/2024-07/6181030.jpeg)
![](/sites/default/files/2024-07/6179358.jpeg)
![وافية المعمري بعد تتويجها](/sites/default/files/2024-07/5886412.jpg)
![«فينيكس» تطلق منشأة تعدين جديدة في الولايات المتحدة](/sites/default/files/2024-07/6179884.png)
![الكتل المعدنية المكتشفة التي تنتج الأكسجين](/sites/default/files/2024-07/6181001.jpeg)
![برنامج «انتقالات الصيف» يرصد تفاصيل «الميركاتو»](/sites/default/files/2024-07/6180996.png)
![1](/sites/default/files/2024-07/16_1.jpg)