نعمة الكلام

مكارم الأخلاق
03:40 صباحا
قراءة دقيقتين
د.رشاد محمد سالم

مُيّز الإنسان على سائر الحيوانات بالنطق المترجم عن مطالب عقله الذي أنعم الله به عليه.

قال الله تعالى في سورة الرحمن: «الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان»

قال أحدهم: خلق اللسان لنطقه وكلامه لا للسكوت فذاك حظ الأخرس.

وقال آخر

لولا الكلام لما تبينا الهدى

وتعطلت في ديننا الأحكام

فزن الكلام إذا أردت تكلما

ودع الفضول ففي الفضول ملام

وقال الشافعي في الكلام: إذا أراد أحدكم الكلام فعليه أن يفكر في كلامه. فإن ظهرت المصلحة تكلم، وإن شك لا يتكلم حتى تظهر المصلحة.

وإن للكلام شروطاً من تعداها زل، ومنها:

- أن يكون لداع يدعو إليه، إما جلب نفع أو دفع ضر.

- أن يأتيه في موضعه، لأن الكلام في غير حينه لا فائدة فيه.

- أن يقتصر على قدر الحاجة.

- أن يكون فصيحاً مهذباً.

وقديماً قالوا: إن اللسان فيه سبع خصال يجب على العاقل أن يعرفها، ويضع كل خصلة منها في موضعها:

هو أداة يظهر بها الإنسان، وشاهد يخبر عن الضمير، وناطق يرد به الجواب، وحاكم يفصل به الخطاب، وشافع تدرك به الحاجات، وواصف تعرف به الأشياء، وحاصد تذهب به الضغينة، ونازع يجذب المودة، ومسك يزكي القلوب، ومعز ترد به الأحزان، وخصلة أخرى هي أعظمها وأجلها، وهي ذكر الله تعالى وتقديسه. قال تعالى في سورة الحج: «وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد».

قال ابن عباس، رضي الله عنهما، للسانه: ويحك. قل خيراً تغنم وإلا فاعلم أنك ستندم، قيل له: أتقول هذا؟ قال: بلغني أن الإنسان ليس هو يوم القيامة أشد منه على لسانه إلا أن يكون قال خيراً فغنم أو سكت فسلم.

وقديماً كانوا يقولون: لسان الحكيم من وراء قلبه فإذا أراد أن يقول رجع إلى قلبه فإن كان له قال، وإن كان عليه أمسك. وإن الجاهل قلبه على طرف لسانه لا يرجع إلى قلبه، ما جرى على لسانه تكلم به.

عن إبراهيم التيمي قال: أخبرني من صحب الربيع بن خثيم فقال: ما أرى ربيعاً تكلم بكلام منذ عشرين عاماً إلا بكلمة تصعد، أي: يأخذ عليها أجراً من الله، فتصعد إلى السماء فتسجل له.

وصدق الله العظيم يقول في سورة فاطر: «إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه»، وقيل: أعظم الناس بلاء من ابتلى بلسان مطلق وقلب مطبق.

وقال أبو الدرداء: لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين: منصت واع، أو متكلم عالم.

يقول شداد بن أوس، رضي الله عنه: احفظوا مني ما أقول لكم، سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هذه الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلباً سليماً، وأسألك لساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب.

* مدير الجامعة القاسمية بالشارقة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"