الإرهاب و«كورونا» حليفان

02:47 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاطف الغمري

المنظمات الإرهابية تستغل الظروف التى هيأها لها هذا الحليف الافتراضي كورونا، لكي تصعد من جرائمها في عدد من الأماكن التي سبق أن تواجدت فيها

هذه الواقعة التى جرت في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، ثم تكررت في ولايات أخرى لم تمر مرور الكرام، من تحت نظر الجهات المختصة بتطبيق القانون، في مجال مكافحة الإرهاب.. فقد تعمد شاب أمريكي أن يسعل فى وجه رجل كبير السن يضع كمامة على وجههه، وهو يردد فى إدعاء كاذب أنه مصاب بفيروس كورونا. وبعد أن بث الرعب فى قلب الرجل، انطلق يضحك كاشفاً عن أن ما فعله دعابة؛ لكنها كانت دعابة ثقيلة ورذيلة، من وجهة النظر الإنسانية، التى لا يحتمل فيها أحد هذه التصرفات.

المسؤولون عن تنفيذ القانون سارعوا بإرسال مذكرة إلى وزارة العدل، يوضحون فيها أنهم سيتعاملون مع استغلال محنة كورونا، لإرهاب الآخرين، على أنهم يتعاملون مع عمل إرهابي، وفي نفس الوقت ربط المدعون العموميون في بعض الولايات، بين ما تسببه الإصابات بفيروس كورونا، والفعل الإرهابي. وأن كلاهما ينتج نفس الخوف، والقلق، وهو ما عبر عنه كذلك الباحث فى الشؤون الصحية ستيفن إيرلانجر من أن كورونا خلقت شكلاً للإرهاب خاصاً بها، وأنهما عابران للحدود.

وعلى المستوى العملي، اتفق المتابعون لهذا التشابه بين الاثنين، أن الجماعات الإرهابية بدأت بالفعل تتصرف وكأنها عثرت على حليف لها، لا يضرب بالأسلحة الفتاكة؛ لكنهما معا يسببان خسائر للبشر.

وبدأت أجهزة مكافحة الإرهاب في الغرب تتنبه إلى إسراع المنظمات الإرهابية إلى استغلال الظروف التى هيأها لها هذا الحليف الافتراضي؛ لكى تصعد من جرائمها في أماكن عدة سبق لها أن تواجدت فيها.

وما يؤكد ذلك ما أعلنه أنطونيو جويتيرس الأمين العام للأمم المتحدة، من أن الجماعات الإرهابية تستغل ظروف فيروس كورونا؛ لإضعاف جهود مكافحة الإرهاب.

كما توقع روبرت مولي مدير مجموعة الأزمات الدولية، أن تستغل الجماعات المسلحة هذه الظروف؛ لإثارة الاضطرابات في العالم.

وهو ما أعلنه جيل دي كيرشوف المنسق العام لمكافحة الإرهاب بالاتحاد الأوروبي، من انتهاز منظمات إرهابية لانشغال المجتمعات في كل الدول بمكافحة الفيروس، واعتبرته يوفر لها غطاء؛ لإثبات وجودها، ولو حتى في لحظات معاناة إنسانية قاسية.

ونبه دي كيرشوف حكومات دول العالم إلى عدم التقليل من تركيزها على الجانب الأمني، بينما هي مشغولة بمواجهة محنة وباء كورونا، فما يزال الإرهاب عدواً للبشر، ولكافة المجتمعات الإنسانية، خاصة بعد أن نشطت هذه المنظمات في ارتكاب جرائمها الإرهابية في هذه الأجواء الصحية، مثلما أعلنت بقايا تنظيم «داعش» أنها تركز اهتمامها على ما يجري في أجواء فيروس كورونا، وأن نظرها ليس بعيداً عن هذه الأجواء، وهو ما ظهر من محاولة مجموعة إرهابية ارتكاب جرائمها في سيناء في الفترة الأخيرة، ضد كمائن أمنية، وفي سوريا والعراق، وأيضاً ما جرى في ليبيا من استغلال تركيا لمحاولات وقف إطلاق النار، وحتى تضعف هذه المحاولات، بعدما كشفت مصادر أمريكية، عن تجنيد تركيا لمراهقين سوريين تراوح أعمارهم بين 15- 16 سنة، ثم تقوم بإرسالهم إلى ليبيا؛ لتعزز بهم مجموعات المرتزقة التي تقاتل هناك ضد الجيش الوطني الليبيي.

لم يكن سلوك المنظمات الإرهابية فى الظروف القاسية في جميع الدول، غير انعكاس لطبيعة المنتمين إلى هذه المنظمات، والذين سبق أن انشقوا عن مجتمعاتهم، التي تحتوى مواطنيها؛ بناء على قيم الحرص الطبيعي على أمن وسلامة الجميع. وبحيث تحول هؤلاء إلى فرق خارجة، ليس فقط على القانون؛ بل أيضاً على معنى الانتماء للوطن.

ولذلك بدا إحساسهم المخالف لكل القيم الإنسانية، وكأن الظروف أتاحت لهم، من دون قصد، حليفاً يساندهم في قتل البشر، أو هكذا صورت لهم عقولهم المريضة أصلاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"