«الكتب» تهز حظوظ ترامب الانتخابية

03:00 صباحا
قراءة 4 دقائق
دانييل شتراوس *

الحملات الإعلامية التي تتزامن مع موسم الانتخابات الأمريكية ربما تكون أمراً مألوفاً وتستخدم فيها مختلف الأسلحة في إطار القانون، والجديد في السباق الرئاسي لانتخابات البيت الأبيض لعام 2020 هو مجموعة الكتب التي وجد دونالد ترامب نفسه في مواجهة مفتوحة معها؛ خشية أن تكشف عن حقائق تشوش الرأي العام في توقيت حرج.
لعل الكتابين الأكثر حرجاً واللذين تجد حملة ترامب نفسها مضطرة لمواجهة تأثير أي منهما بمنع نشرهما أو بأية وسيلة أخرى هما كتاب جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق بعنوان: «الغرفة التي شهدت الأحداث»، والذي لا يغطي فقط الفوضى التي يعيشها البيت الأبيض في عهد ترامب؛ بل يضع تقييمات لأبرز اللاعبين في عملية صنع القرارات غير المتناسقة التي تصدر عن الرئيس وتعامله مع حلفاء الولايات المتحدة وأعدائها على حد سواء.
وهناك كتاب آخر يمثل «شهادة شاهد من أهله»، تستعد ماري ترامب ابنة أخ الرئيس لطباعته، ويصدر يوم 28 يوليو/تموز الحالي بعنوان: «كيف خلقت عائلتي أخطر رجل في العالم»، الذي يسلط الضوء بجرأة تصب إلى حد الوقاحة، على تاريخ الأسرة ومصادر ثروة الرئيس، وهو ما يثير حفيظة الأسرة كلها، وقد خلق بلبلة قبل صدوره؛ نظراً لتوقيته الحرج أيضاً.


دوافع كيدية وشخصية


وفي التوصيف الدقيق لكل من الكتابين وتأثيرهما على الرأي العام، يعتقد المحللون أن الدوافع الكيدية وراء محتوى كتاب بولتون، والدوافع الشخصية وراء كتاب ماري ترامب أيضاً، ربما تكون كافية للحد من تفاعل الناخبين مع الكتابين في الوقت الذي تشغل الشارع الأمريكي قضايا أشد حساسية خاصة مواجهة كورونا، والاحتجاجات ضد التمييز العنصري.
وإذا كانت حظوظ دونالد ترامب بالفوز في انتخابات نوفمبر هذا العام هي أساساً غير مطمئنة حسب ما تكشف عنه استطلاعات الرأي في ظل رجحان كفة منافسه المرشح عن الحزب الديمقراطي، جو بايدن، فإن العوامل الموضوعية المتعلقة بالاقتصاد وقوة الولايات المتحدة ودورها في قيادة العالم قد لا تتأثر بمثل هذه الزوابع الخاطفة التي قد تحدثها إصدارات الكتب، خاصة وأن ما يشغل الرأي العام الأمريكي حالياً أكبر بكثير سواء ما تعلق بكورونا، وفشل الإدارة الأمريكية الموصوف في مواجهته، أو موجة الاحتجاجات ضد التمييز العنصري التي حشدت سكان المدن الأمريكية في الشوارع.


تحديات


من هنا تبدو التحديات العديدة التي واجهها ترامب خلال عام 2020 أكثر تأثيراً على نتائج الانتخابات؛ لكنها لا تمنعه من تحقيق نصر مفاجئ. وفي هذه الحالة لن يكون فوزه ساحقاً؛ ولكي يضمن الفوز؛ عليه أن يضمن نقلة نوعية يحققها الاقتصاد الأمريكي تسهم في ارتداد سكان ضواحي المدن من الفقراء والمسحوقين، وخلط الأوراق من خلال شحن الناخبين بشعور التفاؤل حول رفاهية موعودة في فترة رئاسية ثانية يقودها ترامب.
هذه الرؤية أجمع عليها عشرة من الاستراتيجيين والنشطاء من الحزب الجمهوري استطلعت الجارديان آراءهم.
فقد أضرت التحديات العديدة لعام 2020 الرئيس ترامب بشدة. وعلى الرغم من أنه حاول جاهداً تنظيم استجابة منسقة في مواجهة كورونا؛ لكنه لم يفلت من موجة الانتقادات الحادة بعد موت أكثر من 120 ألف أمريكي.


فرصة ترامب


إلا أن أياً من ذلك لا يعني أن ترامب ليس لديه فرصة لإعادة انتخابه. فعلى عكس استطلاعات الرأي والمؤشرات الاقتصادية المتداعية، أظهرت نسبة كبيرة من الجمهوريين في جميع أنحاء البلاد إحساساً قوياً بالتفاؤل بأن الظروف مهيأة لتكرار فوز ترامب المفاجئ مثلما حصل في عام 2016.
ولكن هذا النوع من الفوز يبقى رهناً ببعض الأساسيات المهمة. فالاقتصاد هو الأولوية القصوى إضافة إلى قدرة ترامب على الفوز بدوائر التصويت الرئيسية خارج قاعدته الشعبية الأساسية. وعليه أيضاً أن يقنع الناخبين بأن فترة ثانية ستكون أقل فوضوية من الأولى.
وقال ريكس إلساس الخبير الاستراتيجي الجمهوري: «على ترامب أن يذكر الناس بأن ما وعدهم بفعله قد فعله حقيقة. من الواضح أن ما يعيق تحسين صورته الانتخابية هي العناصر الخارجة عن إرادته».
معلوم أن الاقتصاد هو البطاقة الذهبية الرابحة في الحملات السياسية الأمريكية منذ القديم. ولا تزال عبارة جيمس كارفيل، مستشار بيل كلينتون الاستراتيجي، «إنه الاقتصاد، أيها الغبي»، تتردد في أوساط المحللين والمخططين، ويتمسك بها الناشطون في حملة ترامب الذين يقودون مسار الفوز خفية عبر الاقتصاد.


شبح بايدن


لكن هل يمكن لترامب تجاهل شبح منافسه الديمقراطي جو بايدن؟

يسخر الجمهوريون دائماً من نائب الرئيس السابق والمرشح الديمقراطي، جو بايدن الذي يصفه ترامب ب«النعسان»؛ لأن حملته الانتخابية انطلقت من قبو منزله؛ لكنه لا يزال يتفوق على ترامب في استطلاعات الرأي المباشرة. والأهم من ذلك أن ترامب أقل تقديراً من بايدن في نظر الأمريكيين؛ حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «كوينيبياك» أن أغلب من شملهم الاستطلاع ينظرون إلى ترامب بشكل سلبي، مقارنة مع أقلية ترى بايدن بنفس الصورة، وكلا المرشحين في نظرهم غير مواتٍ.
من هنا يتعين على ترامب كي يضمن النجاح أن يحشر بايدن في خانة الرفض كخيار بديل للأمريكيين. وقد لا تكون هذه المهمة سهلة ما لم يتمكن ترامب من إضعاف صورة بايدن الذي لا ينظر إليه بنفس درجة عدم الرضا التي كان يشعر بها الأمريكيون حيال هيلاري كلينتون في منافستها لترامب عام 2016.
ويعتقد الاستراتيجيون إنه على عكس الدورات السابقة، فإن انتخابات 2020 لا تتخذ نفس المسار؛ حيث تحدد مجموعة صغيرة ومختارة من الولايات مصير أي مرشح من المرشحين. فعلى الرغم من أن بايدن يتقدم في ولايات الغرب الأوسط الرئيسية مثل ويسكونسن وميشيجان، فإن هناك مسارات أخرى لا بد منها لتحقيق النصر.
وهناك العديد من الولايات الأخرى غير الثلاث الكبرى في الغرب الأوسط، تظهر في هذه المرحلة أنها تمتلك وزناً ينبغي أخذه في الحسبان، وهي: أريزونا، وجورجيا، وتكساس؛ حيث يتقدم بايدن بشكل كبير في ميشيجان وبنسلفانيا موطنه. وتبقى ولاية ويسكونسن بين الثلاثة الكبار في حزام الصدأ.
ويأمل كبار المسؤولين الديمقراطيين في أن يؤدي الدعم الكبير بين الناخبين من الأقليات إلى ترجيح كفة بايدن، ما يعني أن أصوات الناخبين هي التي ستكون الفيصل، وليس المجمع الانتخابي لهذه الولاية أو تلك.

* «ذي جارديان»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"