نوع آخر من التحرش

03:51 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم


رغماً عنّا استسلمنا لإرادة الإنترنت، وتركناها تكون رفيق معظم أوقاتنا في ظل الجائحة والبقاء في المنزل، والعمل من المنزل والدراسة «أونلاين». ورغماً عنا، صارت المشاهدة عبر الإنترنت جزءاً من يومياتنا، وصارت الصفحات «الغريبة» والمشبوهة تقفز أمامنا بمسميات مختلفة، لتدعو الشباب والشابات إلى «التعبير عن الذات»، وما أدراك ما المقصود بهذه العبارة المفخخة.
ليست قضية الشاب المصري أحمد بسام زكي التي ضجت بها الدنيا منذ أيام، هي قضية التحرش الوحيدة التي تدق ناقوس الخطر لتنذر الناس، وتلفت انتباههم إلى قضايا التحرش والاغتصاب التي تتعرض لها فتيات صغيرات، ومراهقات، فهناك تحرش من نوع آخر لا يقل خطورة يحصل «إلكترونياً»، من قبل بعض المواقع والصفحات التي تغري الشبان والفتيات وتدعوهم إلى «المثلية»، والجريمة الكبرى أنها تستخدم الدين وكلام الله من أجل منح نفسها وشذوذها صبغة «الشرعية».
هناك موجة عالمية بدأت تظهر في السنوات الأخيرة، لمسنا أبعادها، وخفنا منها على شبابنا، حيث عمدت الصناعة السينمائية في «هوليوود» إلى تقديم ولو شخصية واحدة مثلية على الأقل، في كثير من الأفلام التي تنتجها للأطفال، ومن ضمنها الكرتون وأفلام الحركة. وبدا واضحاً أن حشر تلك النماذج في الأفلام بلا أي دواع درامية، ما هو إلا نوع من غسل الأدمغة تمهيداً لنشر الفكرة، وانتشار المثلية بشكل كبير في مختلف المجتمعات الغربية، والعربية. وها قد وصلنا إلى مرحلة الدعوة المباشرة من خلال أعمال فنية، وأغانٍ وحفلات، وصفحات إلكترونية.
هل في ما يحصل أية صدفة؟ طبعاً لا، بل هناك من يريد للعالم أن يسير وفق خططه التي تقتضي تحريف الديانات قبل القضاء عليها، والقضاء على كل القيم والمفاهيم التي تربّينا، ونشأنا عليها، وتغيير ملامح العالم كله لتتفكك العائلات ويزول مفهوم الأسرة، ويسهل الطلاق، و«يصبح زواج المثليين قانونياً»، وفق ما جاء في كتاب «النظام العالمي الجديد» للمؤلف رالف أبرسون في عام ١٩٩٠، الذي تحدث فيه عن الفكر الماسوني، والسيطرة على العالم. وما أسهل السيطرة على عقول الناس، خصوصاً الأطفال، والشباب، من خلال الرسائل المسمومة، سواء عبر مسلسلات وأفلام أجنبية معروفة وتقف وراءها شركات إنتاج كبرى، أو عبر مواقع وصفحات إلكترونية تشوّه الدين، وتحرفه لتقنع الناس بأن ما يحسبونه حراماً ما هو إلا حلال، ولا يكفيهم العبث بالعقول بأفكارهم الشيطانية الخبيثة، بل يذكرون اسم الله للإيحاء ب«تقواهم»، وصدق أقوالهم، وأفعالهم، فاحذروهم، واحذروا من وقوع أبنائكم في فخاخهم، لأنهم لا يختلفون عن الفكر الإرهابي بشيء، ولا يختلفون عن المغتصبين والمتحرشين، لأنهم يغتصبون العقول البريئة، ويشوّهون طهارتها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"