شرطة الذيد.. نصف قرن من الأمن والأمان

المخفر تحول إلى مركز شامل يعكس التطور
02:31 صباحا
قراءة 4 دقائق
خليفة بن حامد

تأسست قوة الساحل المتصالح عام 1951، واتخذت من إمارة الشارقة مقراً لقيادتها، وكان من أولوياتها المساعدة في استتباب الأمن الداخلي والخارجي في الإمارات المتصالحة، إضافة إلى حماية أعمال الشركات الخاصة بالتنقيب عن البترول. وكان تواجد هذه القوة في إمارة الشارقة يوفر نوعاً من الحماية والأمن، ولم تكن هنالك حاجة لتواجد جهاز شرطي أخرى بالمنطقة مع انضمام الكثير من أهالي الشارقة، وقراها، إلى قوة الساحل، خاصة أن ذلك يحتاج إلى توفير مورد مالي لدفع نفقات التأسيس، والرواتب، ما يعد في تلك الحقبة قبل اكتشاف النفط عبئاً على الإمارة.
في بداية تأسيس شرطة الشارقة، كما ذكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في كتابه حول تأسيس وتنظيم قوة شرطة الشارقة، طلب البريطانيون إلى حاكم الشارقة وقتها الشيخ خالد بن محمد القاسمي، أن يقوم برعاية ودفع أجور القوة، باستثناء الضباط الذين سيتم اختيارهم من قبل البريطانيين، فيُدفع لهم من قبلهم. وحينها قرر البريطانيون المساهمة في تلك الموازنة بمبلغ أحد عشر ألفاً وثلاثمئة وثمان وخمسين روبية. وفي شهر نوفمبر 1966، تم تعيين ضابط عسكري من الأردن في شرطة الشارقة. وفي سبتمبر 1967، أصدر الشيخ خالد بن محمد القاسمي مرسوماً أميرياً بتأسيس وتنظيم قوة شرطة الشارقة.
استمرت قوة الشرطة بإمارة الشارقة في أداء مهامها كقوة نظامية محلية تتولى حفظ الأمن والنظام، وإنفاذ القوانين في الإمارة وملحقاتها، حتى إعلان قيام الاتحاد عام 1971، ومع تولي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، مقاليد الحكم في إمارة الشارقة عام 1972، بدأ التفكير في تطوير الشرطة واستكمال بنائها من النواحي التنظيمية، حتى يصبح باستطاعتها تلبية حاجات الأمن.
وأعلن صاحب السمو حاكم الشارقة عن دمج دوائر الشرطة والأمن العام بالشارقة، في وزارة الداخلية، كما أعلن دمج عدد من الدوائر والمؤسسات المحلية في الوزارات الاتحادية، مؤكداً أن هذا يعني أن على كل مواطن دفع عجلة العمل لتحقيق مسيرة الاتحاد، والتفاني من أجل الوحدة الشاملة، وكان ذلك في السابع من نوفمبر 1975.
ومع تأسيس شرطة الشارقة في عام 1967، ظهرت جلية الحاجة إلى افتتاح مراكز شرطة تغطي مناطق ومدن الإمارة، حيث افتتح مركز شرطة في خورفكان على الساحل الشرقي عام 1969 وتولى إدارته علي المحيان الكتبي كمسؤول عن الأمن بالمنطقة الشرقية.
وكانت الخطوة التالية تأسيس مخفر شرطة في المنطقة الوسطى، وهنا ظهر مخفر الذيد عام 1970، وتكون من غرفة لمديره الذي كان برتبة رقيب، وأخرى للأفراد الذين لم يزد عددهم على أربعة، بينما يتخذ القاضي من الغرفة الثالثة مقراً له للحكم في القضايا، وكان يزور المنطقة قادماً من الشارقة بشكل أسبوعي، وكانت محطة الذيد الصغيرة إلى جوار المستشفى القديم تغذي المركز بالتيار الكهربائي.
واستخدم أفراد المركز سيارات «لاندروفر» في تحركاتهم اليومية، وتميز موقعه بأنه إلى جوار دكان مصبح، ودكان حارب إلى جانب مستشفى الذيد القديم، ومزرعة الشيخ زايد، وقصر حاكم الشارقة، وأمامه واحة النخيل، قلب المدينة، ومدرسة الذيد، أول مدرسة في المنطقة الوسطى التي تأسست 1964. وتواجد رجال المنطقة الوسطى في رفقة حكام الشارقة قبل ظهور الشرطة، حيث كان يتواجد العديد منهم كمرافقين لهم، ووثقت مجلة «العربي» في الستينات ذلك بالصورة لرجال مثل محمد سعيد الطنيجي، ومحمد برويجدة الكتبي، وسعيد غدير الكتبي.


بداية القصة


مع الطفرة التي أحدثها افتتاح شارع الشيخ زايد بالذيد، وظهور مؤسسات ومساكن جديدة في مشروع توطين البدو، وبعد أن وقع الشيخ محمد بن سلطان القاسمي، وزير الأشغال العامة، اتفاقية وعقود العمل مع الشركة التي ستطور شوارع الذيد وتربطها بالإمارات الأخرى، بدأت قصة ظهور أول مبنى متكامل لشرطة الذيد على ميدان الحصن، حيث انتقل إليه أفراد الشرطة عام 1977. وبقي هذا المركز حتى عام 2015 حيث انتقل إلى مبنى مؤقت على شارع وشاح، وتم هدم المبنى القديم لكي يفسح المكان لترميم حصن الذيد.
وحين ترجل مركز شرطة الذيد كان مشهداً مؤثراً لرحيل صرح بقي قرابة 40 عاماً، وعيون أهالي المنطقة ترقبه، وأكثرهم تشرف بزيارته لإنجاز معاملة يوماً ما.
واليوم، بعد نصف قرن من تواجد جهاز الشرطة في الذيد، تم إنجاز مبنى مركز شرطة شامل في المدينة بتكلفة 116 مليون درهم، وتصل مساحة المباني إلى 114 ألف متر مربع. ويشمل المركز مبنى رئيسياً لمركز الشرطة، وقسم المرور، وإدارة التوقيف، والمحكمة، وقسم الجنسية والإقامة، ومبنى للدفاع المدني. وساهم تواجد مركز شرطة الذيد على استتباب الأمن عبر نصف قرن.
وانعكس التطور الذي شهدته المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة في شتى مناحي الحياة، على جهاز الشرطة لمواكبته، لذلك ارتأت حكومة الشارقة، ووزارة الداخلية، أن من الأهمية بمكان تأسيس مركز آخر في المدام التي تبعد عن الذيد نحو 40 كم في نهاية السبعينات، ثم تطور الأمر إلى افتتاح نقطة شرطة في منطقة مليحة في التسعينات، وصولاً إلى تدشين مراكز شرطة على أحدث أنظمة الأمن في مناطق مليحة، والثميد، والبطائح، وقيادة لشرطة المنطقة الوسطى عام 2010.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"