تصحيح سلوكات الأبناء.. مهمة أساسية في الإجازة الصيفية

زيادة الوزن والكسل وفقدان الرغبة في الحركة من تداعيات «كورونا»
02:17 صباحا
قراءة 4 دقائق
تحقيق: مها عادل

مع بدء الإجازة الصيفية، يجد الآباء والأمهات أنفسهم أمام تحدي المحافظة على صحة أبنائهم، إذ إن تواجد الأبناء في المنزل فترة طويلة لعدة شهور بسبب «كورونا» أدى إلى اكتسابهم عادات صحية و سلوكية غير سليمة، كان لها أثر سلبي في صحتهم البدنية، والنفسية. فكثير من العائلات تشكو من ظهور آثار سلبية مثل زيادة الوزن، والكسل، وفقدان الرغبة في الحركة، واللامبالاة، وفقدان الحماس، اقترنت بالتعود على البقاء في المنزل فترات طويلة، والجلوس أمام الشاشات ساعات طويلة، وإدمان الألعاب الإلكترونية، وتصفح مواقع التواصل، واللعب مع الأصدقاء عن بعد، وتوقف معظم الأنشطة الرياضية والاجتماعية التي تعودوا على ممارستها قبل بداية «كورونا». وفي السطور التالية نتعرف إلى تجارب بعض العائلات مع أطفالها، وآراء المتخصصين في كيفية تجاوز سلبيات هذه المرحلة.
تحدثنا حبيبة محمد، موظفة في عجمان، أم لثلاثة أطفال، عن ملاحظاتها على سلوك أطفالها، وتقول: «مع بدء مرحلة التباعد الاجتماعي والإغلاق العام كنت أشكو دائماً من فرط الحركة لديهم، ورغبتهم الملحة في الخروج دائماً، والتنزه ومقابلة أصدقائهم، ولكن مع مرور الوقت بدأت ألاحظ أن هذه الحالة بدأت تفتر، وبدا كأنهم تأقلموا مع الوضع، فلم يعودوا يطالبون بالخروج الدائم، وزادت علاقتهم بالألعاب الإلكترونية، وأصبح ابني الأوسط يفضل دعوة أصدقائه إلى البيت لمشاركته لعب «البلايستيشن»، بدلاً من الخروج معهم، وأصبحت أراه دائماً مستلقياً على الأريكة أمام شاشة التلفزيون، ومعه وعاء مملوء بالفشار، والمقرمشات، والحلويات، وازداد وزنه بالطبع.
دعاء إمام، معلمة بدبي، تشاركنا تجربتها مع أبنائها وتقول: «منذ بداية «كورونا» وبقاء الأطفال في البيت حرصت على شغل وقت فراغهم بنشاطات مفيدة، إلى جانب الاهتمام ومتابعة دراستهم عن بعد حيث تطلب الأمر مني، ومن والدهم، البقاء بجانبهم أثناء الحصص التعليمية. ومع انتهاء العام الدراسي وبداية الإجازة الصيفية بدأت أعاني إقبالهم المتزايد على طلب الوجبات الجاهزة من المطاعم، ولاحظت أنهم يتذمرون دائماً ويرفضون الطعام الذي أعده لهم بالمنزل، وشعرت بأنهم يعانون حالة من الملل من الأكلات التي أطهوها في البيت، كما وجدتهم يكثرون من تناول الآيس كريم، والحلويات، وبمرور الوقت ترتبت على ذلك زيادة واضحة في الوزن. وفكرت في اتباع خطة لتنظيم وقتهم وتفريغ طاقاتهم في رياضة مفيدة، واتفقت، أنا وزوجي،على متابعة دروس للتمرينات الرياضية على «يوتيوب» في موعد ثابت كل يوم لتحسين لياقتنا البدنية، واستعادة النشاط، وتخفيف الوزن الزائد الذي اكتسبناه جميعاً، ورغم ذلك يتحايلون للتهرب من حضور هذه التمرينات.
وتقول خديجة سالم، ربة بيت في الشارقة: «مع بداية جلوس الأبناء في البيت والتعلم عن بعد، وتوقف أغلب الأنشطة التي كانوا يمارسونها في روتين حياتهم قبل انتشار كورونا، عانيت كثيراً زيادة المشاحنات بين أبنائي، والتعبير عن شعورهم بالملل كان واضحاً تماماً، ولكن مع مرور الوقت اختفت هذه السلوكات، وحلت محلها عادات مختلفة، مثل عدم الرغبة في عمل أي شيء، وأصابتهم حالة من الكسل نتج عنها إهمال شديد في كل شيء، فأصبحت أشياؤهم وألعابهم مبعثرة في كل مكان، ولم يعودوا يقومون بترتيب غرف نومهم كما اعتادوا دائماً، ولجأت لمحاولات عدة لإشراكهم معي في ترتيب وتنظيم المنزل، ولكن من دون جدوى.


نمط الحياة اليومي


تحدثنا د. نور هشام ماجستير الصحة العامة عن التأثيرات السلبية التي يتعرض لها الأطفال عقب فترة المكوث في المنزل، وتقول: «كان للتباعد الاجتماعي في البيت فترة طويلة أثر في نمط الحياة اليومي للأطفال، واكتساب عادات انعكست على صحتهم البدنية، وتشمل الجلوس فترات طويلة أمام شاشات التلفاز والأجهزة الإلكترونية، والإدمان على الألعاب الإلكترونية، الأمر الذي يؤدي إلى قلة نشاط وحركة الطفل. كما أن عدم التعرض للشمس، والشعور بالخمول، ونقص الفيتامينات، مثل «فيتامين د»، يؤدي إلى ضعف مناعتهم. إلى جانب اضطرابات النوم، والسهر فترات طويلة، والنوم خلال ساعات النهار، ما يؤدي إلى شعور الأطفال بالتعب، والإرهاق، والإجهاد، وعدم القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية بفعالية.
وتضيف: يؤدي الشعور بالملل إلى اللجوء لتناول المزيد من الوجبات غير الصحية بما ينعكس على زيادة الوزن لدى الأبناء في ظل تقييد الحركة وعدم الخروج، وقد يتسبب ذلك بأن يكونوا أكثر عرضة لبعض الأمراض في المستقبل، كالسكري، وضغط الدم.
وتستطرد د. نور: «انعكس الوضع الحالي على صحة الأطفال النفسية، ما أصابهم بالقلق في بعض الأوقات وتغير السلوكات، وعلى الأهل الانتباه لأعراض القلق التي قد يتعرض لها الطفل، بحيث يصاب بنوبات غضب، وعنف، أو يصبح أسرع استثارة، أو أن يبكي بلا مبرر. وقد يصبح عدوانياً مع الآخرين، أو يتحدث عن الخوف بشكل كبير، أو يعاني نقص الانتباه، وضعف التركيز، وسهولة التشتت. كما يمكن للأهل رصد بعض التغيرات السلوكية، كزيادة الحركة، أو نقصانها، وكثرة الجدال، وانخفاض الرغبة في اللعب، وزيادة التعلق بالوالدين. وهناك من يعاني اضطرابات النوم، والرغبة في النوم على أسرة الآباء. أو قضم الأظافر، أو مص الإبهام. أو التبول اللاإرادي. أو الانعزال والانطواء.
وتنصح د. نور بأنه «لابد من تحقيق التوازن بين الصحتين البدنية، والنفسية خلال هذه الفترة، والإجازة الصيفية، حيث يجب تنظيم وقت الطفل لكي لا يشعر بالملل، والاهتمام بصحته البدنية والنفسية بتخصيص وقت للترفيه وقضاء وقت مع العائلة، وأن يتم وضع روتين يومي للطفل من قبل الأهل في أوقات النوم، والوجبات وأوقات اللعب والالتزام به قدر المستطاع. وإبعاد الأطفال خصوصاً من هم أقل من 10 سنوات، عن متابعة أخبار الفيروس التي قد تسبب لهم القلق، ومن المهم الاستماع للطفل، وإعطائه فرصة للتعبير عن نفسه عن طريق الحوار أو الرسم، أو كتابة القصص. والحرص على توفير جو عائلي فيه محبة، وأمان، ومشاركة الأطفال في الأنشطة المنزلية، والابتعاد عن المشاكل الأسرية أمام الطفل. وعلى الوالدين أن يصطحبا الأطفال إلى الأماكن المفتوحة، ويشجعانهم على ممارسة الرياضة والتمارين الخفيفة، وتمارين التنفس مع الأطفال داخل المنزل، أو خارجه، للحفاظ على طاقتهم الإيجابية ونشاطهم، وتجنب زيادة الوزن والسمنة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"