غريب في المنزل

02:20 صباحا
قراءة 3 دقائق
كتب: أمير السني

تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
حصلت (ج. و) على وظيفة عاملة منزلية عبر أحد مكاتب التوظيف، وذهبت مع صاحبة المنزل بعد أن عاينتها ووجدت فيها النشاط والهمة، وبعد وصولها انخرطت في العمل داخل المنزل، حيث تقوم بمهام النظافة وغسيل الملابس وجلب الحاجيات المنزلية من مركز التسوق رفقة صاحبة المنزل، واستمرت في عملها لمدة عامين تؤدي واجبها ومهامها بجدية ونشاط، ما أكسبها ثقة أصحاب المنزل، فصارت تذهب إلى المركز التجاري لشراء الحاجيات رفقة السائق بعد أن اطمأنت صاحبة المنزل لها، ودربتها على كيفية شراء الحاجيات الجيدة من خضروات وفواكه وغيرها من أغراض المنزل، وبعدها تعود إلى البيت وتقوم بتنظيف الحاجيات وترتيبها في خزانة المطبخ والثلاجة، وتذهب مع أفراد الأسرة إلى الخارج لقضاء الإجازة الأسبوعية، وترافق الأطفال ليلعبوا وتراقبهم حتى لا يتعرض أحد منهم للسقوط، أو يضيع وسط الزحام.
وفي أحد الأيام ذهبت (ج. و) إلى المركز التجاري رفقة السائق لشراء بعض الحاجيات والتقت بشخص من جنسيتها، ولاحظت اهتمامه بها ومتابعته لحركتها داخل مركز التسوق، وعندما حاول التقرب منها خافت في بداية الأمر، لكنها بدأت تستجيب لنظراته وتبادله الابتسامة، وتقرب إليها أكثر وهمس إليها بأن تعطية رقم جوالها فاستجابت على الفور وبعدها عادت إلى المنزل.
بدأت العلاقة بين (ج.و) والرجل تتطور وصارا يتبادلان الرسائل عبر «واتس أب» ويتحدثان طوال الليل، واستمرا أشهراً يلتقيان في السوق، وأحياناً على الكورنيش في إجازتها الأسبوعية، وفي يوم أخبرها بأنه يريد الزواج منها فلم تسعها الفرحة بأن حلمها الذي تريده كل فتاة سيتحقق وتترك الوظيفة التي جعلتها تتغرب عن أسرتها، وهكذا ستعود معه إلى بلدها وتصبح ربة منزل لترتاح من تعب الحياة وتتفرغ لبناء أسرة.
وبعد أن توطدت العلاقة صار حبيبها يطلب منها طلبات غريبة مثل أن تسهل له دخول المنزل الذي تعمل فيه ليلتقي بها ويجلسا في غرفتها الخاصة التي تقع في الجزء الخلفي من المنزل، وهناك باب صغير يطل على الشارع تستقبل منه (ج.و) طلبات المنزل من البقالة، أو توصيل الوجبات ودخول عمال الصيانة في حال حدوث عطل كهربائي أو في المياه، بينما الباب الأمامي مخصص للأسرة والضيوف ودخول السيارات إلى فناء المنزل، وفي بداية الأمر تخوفت (ج.و) من طلب حبيبها ورفضت الفكرة باعتبار أن ذلك يمكن أن يوقعها في مشاكل تفقدها وظيفتها التي تعتمد عليها وتعول أسرتها منها، كما أن أصحاب المنزل وثقوا فيها ويعاملونها بلطف ويحسنون ذلك، وقد تعلق بها الأطفال وصاروا يحبونها لأنها تلعب معهم وتلبي رغباتهم في الأكل وترتيب الغرف وملازمتها لهم عندما يكونون خارج المنزل، فكان من الصعب أن تقبل فكرة استقبال حبيبها في المنزل، لكن حبيبها كان يلح عليها ويرجوها وأحياناً يهددها بأنها إذا لم تستجب له فسيتركها، وهكذا صارت في وضع يصعب معه أن ترفض طلبه، فوافقت بعد الضغط عليها وطلبت منه أن يمنحها فرصة لتجد اليوم المناسب الذي تخرج فيه الأسرة ويكون الوضع آمناً.
وبعد مرور أسبوع أخبرت (ج.و) حبيبها باليوم المناسب، وفي الموعد وقف الحبيب في أول الشارع الذي يقع فيه المنزل ليراقب حركة المارة، وبعدها ذهب إلى المنزل حيث فتحت له (ج. و) الباب الخلفي بجوار غرفتها، وعاد أصحاب المنزل من الخارج وفوجئوا بوجود رجل داخل غرفة العاملة المنزلية، وعلى الفور اتصل صاحب المنزل بالشرطة التي هرعت إلى المنزل وتمكن رجالها من القبض على الحبيب و(ج.و) وتم تحويلهما إلى النيابة العامة حيث اعترفا بالجريمة، وأمرت النيابة بتحويلهما إلى المحكمة التي أدانتهما بالسجن 3 أشهر وبالإبعاد خارج البلاد، عقب انتهاء مدة العقوبة بتهمة تسهيل المعصية، والاعتداء على ممتلكات الآخرين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"