المياه البيضاء.. العتمة والضباب وأمل النور الشفاف

01:30 صباحا
قراءة 6 دقائق

عدسة العين تقع خلف الحدقة، محفوظة داخل كيس بداخله مكونات العدسة، مكونات شفافة ومستقرة في مكانها، إلى أن يحدث شيء يغير من طبيعتها؛ إنها المياه البيضاء، التي يمكن وصفها بالسحابة أو الغيوم أو الضبابية أو العتامة التي تصيب عدسة العين.. هي أقرب إلى كل هذه التشبيهات، وبلا مبالغة هذا السبب الأكثر شيوعاً لفقدان البصر لدى الأشخاص فوق سن الـ40، كما أنه السبب الرئيسي لفقدان البصر فى العالم؛ حيث تفقد العدسة نورها الشفاف بالتدريج وتتطور الحالة ببطء؛ بحيث تتداخل مشكلة إعتام عدسة العين مع الرؤية، ومعها يضعف النظر، وتصعب القراءة على الرغم من تكرار تغيير النظارة أو العدسات اللاصقة، وتتطور الأمور إلى الأسوأ لو قوبلت الحالة بالإهمال.

لحماية العين من المياه البيضاء؛ ينصح الأطباء بزيادة تناول الخضراوات والفاكهة بصورة مستمرة؛ لأنها تحمي الجسم من الأمراض، ويفضلون من خلال الدراسات الطبية اتباع الأنظمة الغذائية التي تعتمد على تناول الخضراوات والفاكهة، فهي تعمل على تقليل تتطور المياه البيضاء عند الإصابة بها، وبعض العناصر الغذائية تقلل من خطر إعتام عدسة العين مثل اللفت والسبانخ والخضراوات الورقية، ومن المكملات الغذائية بذور عباد الشمس واللوز مع كميات أكبر من الفيتامينات المضادة للأكسدة، والأطعمة التي تحتوي على أحماض أوميجا 3 فهي قد تقلل من خطر إعتام عدسة العين

الخضراوات والفيتامينات

تزداد خطورة المرض مع التقدم في العمر، وحالات إصابة المريض بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والتعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية، وإدمان التدخين، ومع الإهمال قد تصاب العين بالإظلام، ويمكن ملاحظة أعراض هذه الحالة في زيادة صعوبة الرؤية ليلاً، ورؤية هالات حول الأضواء، وحساسية العين في مواجهة وهج الضوء، وتغير لون العدسة تدريجياً إلى اللون الأصفر أو البني؛ وذلك في الحالات المتأخرة.


أنواع المياه البيضاء


حصر الأطباء المياه البيضاء التي تصيب العين في ثلاث حالات؛ المياه التي تصيب نواة العدسة أي في منتصف عدسة العين، وهي تلازم كبار السن ومعها يشعر بعدم القدرة على القراءة ومع مرور الوقت تتحول العدسة البيضاء الشفافة إلى اللون الأصفر أو البني، وبالتالي يدخل المريض في حالة عدم القدرة على التمييز بين الألوان، والحالة الثانية تتكون فيها المياه البيضاء في الطبقة الخارجية للعدسة؛ أي الطبقة المحيطة بالنواة وفيها تصل الرؤية بالعين إلى الضبابية، في البداية يكون الإعتام حول العدسة من الخارج، وأشبه بالقوس ومع الوقت يتمدد هذا القوس ويأخذ شكلاً يتجه إلى منتصف العدسة، وتتداخل مع الضوء الذي يمر عبر العدسة المياه البيضاء خلف عدسة العين، والحالة الثالثة من المياه البيضاء تتكون في الجزء الخلفي من العدسة، وتحدث هالات حول الضوء وحساسية العين في مواجهته، وتسبب الإعتام وصعوبة في القراءة، ورؤية هالات تحيط بالأضواء ليلاً، ويميل هذا النوع من المياه البيضاء للتطور سريعاً، وإضافة إلى هذه الأنواع الثلاثة من المياه البيضاء، هناك الإعتام الخلقي؛ وهو النوع الذي يولد به الجنين، ويتطور خلال الطفولة، وسببه عامل الوراثة أو وجود التهاب داخل رحم الأم.
يتم تشخيص المرض؛ من خلال قياس حدة البصر، وفحص قاع العين وقياس الضغط داخل العين، وتقييم حالة العدسة والشبكية، وعمل اختبار على مدى رؤية انعكاس الضوء الأحمر؛ حيث عدم رؤيته يعني وجود ضبابية أو قتامة في العين.


علاج المرض


الطريقة الوحيدة للقضاء على المياه البيضاء الاستعاضة عن عدسة العين المعتمة بعدسة أخرى رخوة تبقى مدى الحياة، ميزة العدسة الجديدة لا تتغير خواصها الفيزيائية أو الكيميائية بمرور فترة زمنية، وعملية المياه البيضاء بسيطة لا تتجاوز أكثر من نصف ساعة، وتتم تحت تأثير المخدر الموضعي، ويمكن للمريض العودة لمنزله في اليوم نفسه، وإذا كانت المياه البيضاء في العينين؛ يفضل أن تتم العمليتان بشكل منفصل ويكون الفرق بينهما ثلاثة أشهر على الأقل بعد شفاء العملية الأولى، ثم يقوم الجراح بعلاج الأخرى.
هناك 3 طرق لعلاج المياه البيضاء، الأولى تتضمن الإزالة بجهاز الموجات فوق الصوتية، وزرع عدسة لينة دقيقة عن طريق فتحات دقيقة داخل العين، أما الطريقة الثانية يتم فيها إزالة المياه البيضاء عن طريق ليزر الفيمتو ثانية؛ بحيث تجرى فتحات داخل القرنية ثم في الكبسولة الأمامية لعدسة العين، وتتم إزالة المياه البيضاء في نواة العدسة، ثم إدخال جهاز الموجات فوق الصوتية، وزرع أخرى لينة من داخل فتحة دقيقة.
والطريقة الثالثة تتم بإزالة المياه البيضاء عن طريق فتحة جراحية كبيرة، ويستلزم معها أخذ غرز بالقرنية، ولكن يعيب هذه الطريقة وجود «استجماتيزم» ولكن الجراح يلجأ إليها عندما تكون كثافة المياه البيضاء كبيرة، وتحول دون استخدام جهاز الموجات فوق الصوتية أو الفيمتوليزر.
عملية المياه البيضاء بالليزر أكثر دقة، ويتم إحداث الشقوق في وقت أقل، وتحقق عملية الليزر تصحيح الاستجماتيزم بشكل أدق من الجراحة العادية، ولكن من ناحية أخرى تعد فترة النقاهة والشفاء بعد العمليتين متماثلة، ويرى المريض الأشخاص بوضوح؛ ولكن في زمن يختلف من مريض لآخر.
الاستجماتيزم أو اللابؤرية مرض يصيب القرنية أو العدسة، لدى المصاب تأخذ شكلاً مستطيلاً، ما يؤدي إلى الخطأ في الإنكسار، وتشويه الضوء في عين المريض، ونتيجة لذلك تظهر الصورة معتمة وضبابية، ولتقليل الاستجماتيزم يقوم الجراح بصنع شقوق صغيرة في خط الطول الأكثر انحناء، ومع التئام تلك الشقوق؛ تأخذ القرنية شكلاً مستديراً قليلاً؛ ما يقلل انكسار الضوء، ويتم ذلك أثناء عملية المياه البيضاء الانكسارية بالليزر، وتصحيح الاستجماتيزم بعد العملية يقلل من حاجة المريض إلى استعمال نظارة المسافات ونظارة القراءة؛ بل يمكن الاستغناء عنهما؛ بعد عملية المياه البيضاء، ما يساعد على ثبات النظر، كما أن إزالة المياه البيضاء باستخدام الفيمتو ليزك لا تتعارض مع مرض السكري، فالعملية آمنة طبياً وتجرى بكل سهولة ويسر.


العدسات والقطرة


بعد إزالة المياء البيضاء؛ توضع داخل العين عدة أنواع مختلفة من العدسات، وتحدد وفقاً لاحتياجات المريض، ومقاسات نظره، والفحص الخاص بمقاسات العدسات يتم إجراؤه قبل العملية، وأهم أنواع العدسات التي تتم زرعها داخل العين أحادية البؤرة و«العدسات التوريك لعلاج الاستجماتيزم» و«العدسات المتعددة البؤر» التي تغني عن نظارة القراءة.
وعلى الرغم من أن الطريقة الوحيدة المستخدمة لعلاج المياه البيضاء هي الجراحة، فإن هناك أملاً بعلاج جديد من نتائج دراسات أمريكية توصلت إلى إمكانية استخدام «لانسوتيرول» على شكل قطرات؛ لعلاج المشكلة من دون الحاجة إلى جراحة لاستبدال عدسة العين؛ من خلال اكتشاف فاعلية مادة كيميائية توجد بشكل طبيعي في عين الإنسان السليم؛ لمعالجة المياه البيضاء، وهذه المادة قادرة على إذابة الترسبات والتجمعات البيضاء التي تتكون على عدسة العين، وتسبب العتمة والضبابية في الرؤية، وتعود النتيجة الإيجابية لهذه المادة عند استعمالها في وقت مبكر من الإصابة، وهناك تأكيدات لنجاح هذه القطرة؛ من خلال المعامل التجريبية.


الكشف الدوري


الذين يخشون عودة المياه البيضاء إلى العين مرة أخرى بعد إجراء العملية الجراحية، من الناحية الطبية مستحيل؛ لأن عدسة العين يستعاض عنها بزراعة عدسات جديدة لا يمكن أن تتكون فيها المياه البيضاء على الإطلاق، ولكن الأمر من البداية يتطلب الوقاية من هذا المرض، ولهذا ينصح الأطباء بضرورة التوجه للفحص لدى المختص في حالة ملاحظة أي تغيير بسيط في العين، والأفضل الفحص بانتظام؛ ليساعد على اكتشاف أي مشكلة يمكن علاجها بسهولة طالما في البداية، ومن ناحية أخرى، ينصح الأطباء وخصوصاً كبار السن بالإقلاع عن التدخين فإنه يؤذيهم بالمياه البيضاء، ولا يدعو الأطباء للحذر من التدخين فقط، ولكن من الكحوليات؛ لخطورتها على العين؛ حيث تؤدي إلى العمى في حالات كثيرة.


مضاعفات السكري


يعد مرض السكري من أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً، وترتبط مشكلات العين مثل المياه البيضاء بمضاعفات السكري، وهو أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى حدوث المياه البيضاء وإعتام عدسة العين، كما أنه أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالعمى حول العالم، وكما هو الحال مع معظم المضاعفات، فإن الحفاظ على مستوى جيد من مستويات السكر في الدم؛ يساعد على تفادي الإصابة والتطورات الخطرة.
احتمال الإصابة بالمياه البيضاء لمريض السكري أكثر من الإنسان الطبيعي، كما أنهم يصابون بها في أعمار صغيرة، ويتطور المرض بشكل أسرع لديهم؛ لكن الحفاظ على مستوى جيد من مستويات السكر في الدم يساعد على تقليل خطر الإصابة، ويعاني مريض السكري عند إصابته بضبابية الرؤية وفقدان القدرة على النظر على الرغم من وجود الأضواء الشديدة حوله، إضافة الى توهمه من خلال ما أصاب العين بوجود هالات دائرية تحيط بالأضواء، وتتحوّل ألوان الأشياء لديه إلى الأصفر، وتتطور الحالة إلى فقدان النظر.
يعد العلاج الأفضل للمياه البيضاء لهذا المريض إجراء جراحة؛ لإزالة عدسة العين والاستعاضة عنها بعدسة اصطناعية، كما يمكن اللجوء إلى إزالة المياه البيضاء باستخدام طاقة الموجات فوق الصوتية لإزالة العدسة الغائمة أو باستخدام اللليزر وفي كافة الحالات فهو إجراء آمن.
وتعد هذه الطريقة الوحيدة لتحسين النظر لدى المصابين بمرض السكري، لكن قبل الخضوع للعملية يجب ضبط السكري بشكل أفضل؛ وذلك لمنع حدوث ارتشاحات سكرية بمركز الإبصار بالشبكية، والتأكد أن وضع الشبكية مستقر وأمن حتى لا تؤدي العملية إلى نشاط الاعتلال الشبكي وفقدان الإبصار، ولا يؤثر مرض السكري في خطوات العملية؛ حيث تظل عملية المياه البيضاء سهلة وآمنة في يد الجراح، وتستغرق نحو 5 دقائق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"