محطة قطار

01:11 صباحا
قراءة دقيقتين

ميثا السبوسي

استيقظت مبكراً من نومي.. كنت قد حزمت حقائبي للمبيت في قرية ريفية، تبعد بضع ساعات.. ارتديت معطفي.. وانطلقت، هبوب باردة تلفح وجهي..غيم كثيف حجب أشعة الشمس، قطرات مطر تساقطت فزادت من برودة المكان.. مشيت بسرعة أسابق خطواتي.. وصلت إلى محطة القطار، حشود مسرعة، تمشي مطرقة الرأس.. اصطففت في الطابور لحجز تذكرة، قلة هم من سبقوني خلف شباك التذاكر.

انتهيت فكانت هناك بضع دقائق للاستمتاع بكوب قهوة دافئ مع كرواسون الجبن اللذيذ.. لأحصل على الدفء في هذا الجو البارد، وصل القطار.. فتحت أبوابه، نزلت منه جموع المسافرين.. كأنها في سباق.. ما إن وضعت رجلي في القطار حتى قفلت أبوابه، شغلت كل المقاعد فاخترت أحداً منها على الزاوية، مقابل النافذة.. للاستمتاع بمشاهدة المروج الخضراء الندية.. فيمر هذا القطار بالريف حتى نصل إلى الوجهة المراد الوصول إليها.

يجلس في المقابل مني شاب في مقتبل العمر.. يقرأ كتاباً.. فتاة مستغرقة في ألعاب الفيديو.. ورجلٌ في نهاية عقده الخامس ينظر مستمتعاً إلى الحياة.. يتوقف القطار.. فينزل منه، ويصعد إليه.. جلست عائلة مكونة من خمسة أشخاص أمامي.. ثم بالقرب مني جلست امرأة كبيرة في العمر يبدو عليها الإعياء والتعب..

تحرك مرة أخرى.. لمحت فتاة تركض وكأنها تأخرت، لكنها لم تلحق به.. أغمضت عينيّ، وبدأت في استرسال الذكريات..

كم مر أناس في حياتنا؟

بعضهم ترك أثراً جميلاً.. أضاف إلى الحياة..

والبعض الآخر قبيح فنتعلم منه دروساً وعبراً نرتقي بها..

وبعضهم كان مرورهم سلاماً..

فما الذكريات التي نحملها منهم..

وما هو الأثر الذي رسخ بعدهم؟

الحياة مستمرة كالقطار.. لا تنتظر أحداً ولا تتوقف على ذكرى موقف ألم بها وآلمها..

ولا تأزمها العقبات..

توقف فكانت المرة الأخيرة قبل أن أصل إلى وجهتي، لينزل جميع من كانوا معي في هذه العربة..

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"