ترامب يخترق الدولة العميقة

23:13 مساء
قراءة 3 دقائق

حافظ البرغوثي

اتهمت وكالة المخابرات الأمريكية، روسيا وإيران، بأنهما تتخذان إجراءات «للتدخل في الانتخابات الأمريكية المزمع إجراؤها مطلع الشهر المقبل». وقال مدير وكالة المخابرات الوطنية الأمريكية جون راتكليف في مؤتمر صحفي، إن إيران أرسلت رسائل إلكترونية تستهدف ترويع الناخبين والتحريض على الاضطرابات والإضرار بالرئيس دونالد ترامب، لكن أجهزة المخابرات رصدت التهديد وسارعت إلى الرد عليه. وأضاف: «نحن على علم بحصول روسيا على بعض بيانات الناخبين».

وجاء الاتهام من رجل يترأس وكالة قاتل الرئيس ترامب لتعيينه فيها، باعتباره موالياً له في أعقاب تقرير المدعي العام روبرت مولر الذي كشف تدخلات روسية كبيرة في الانتخابات الماضية لصالح ترامب، وهو ما نفاه ترامب حينها، واتهم مؤسسات الدولة العميقة في واشنطن بالتآمر بحقه، لكنه  أي ترامب  سعى إلى اختراق الوكالة الأمريكية بتعيين أحد الموالين له على رأسها، وعقب تعيينه سعت الإدارة لتقويض رقابة الكونجرس، وأقالت مسؤولاً مخضرماً من موقع حساس للأمن القومي في وزارة العدل.

وقال مسؤول استخباراتي كبير سابق، إن ترامب يسعى إلى خلق الشيء الذي انتقده مراراً في السابق وهو «الدولة العميقة»، بينما شبّه مسؤول آخر مساعي ترامب بالمهزلة الاستخباراتية التي سبقت غزو العراق عام 2003.

ويقع التركيز الأكبر في التحديات الحالية على الدور الروسي السري في الحملة الانتخابية؛ إذ قدر مجمع الاستخبارات الأمريكي أن موسكو تقوم بدور نشط مثلما فعلت عام 2016، لإلحاق الضرر بجو بايدن وتعزيز حظوظ ترامب، من خلال نشر المعلومات المضللة، لكن مسؤولي الإدارة سعوا إلى وقف النقاش العام حول مثل هذا التدخل.

وقد منع مساعد وزير الأمن الداخلي، تشاد وولف، إذاعة نشرة إخبارية في يوليو/تموز تُحذر من الجهود الروسية لإثارة الشكوك حول صحة جو بايدن العقلية

 وأبلغ راتكليف المدير الجديد للاستخبارات الوطنية، الكونجرس في نهاية الأسبوع الماضي، بأن مكتبه سيتوقف عن تقديم إحاطات شخصية حول أمن الانتخابات، لكنه بدلاً من ذلك سيقدم تقارير مكتوبة لا يمكن إجراء استجواب بشأنها من جانب المُشرِّعين المتشككين.

وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (أف بي آي) اتهم 13 روسياً بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت عام 2016 وفاز فيها ترامب. ووجه الاتهامات المحقق الخاص روبرت مولر، المكلف بالتحقيق في مزاعم تدخل الروس في الانتخابات الأمريكية، وطالت الاتهامات ثلاث شركات روسية أيضاً، من بينها شركة إنترنت مقرها في سانت بطرسبرج التي قال تقرير ال«أف بي آي» إن هدفها الاستراتيجي كان «زرع الفتنة في النظام السياسي الأمريكي».

وأقر ترامب في تغريدة على «تويتر» بوجود حملة روسية للتأثير في الانتخابات، لكنه أوضح قائلاً: «بدأت روسيا حملتها المناهضة للولايات المتحدة في 2014 قبل إعلان ترشيحي بفترة طويلة. لم تتأثر نتيجة الانتخابات. لم ترتكب حملة ترامب أي مخالفات».

ولكن السؤال هو كيف تدخلت روسيا في الانتخابات لصالح ترامب؟ وفقاً للتحقيقات التي أجراها مولر، فإن أشخاصاً من الروس فتحوا حسابات مصرفية باسم أمريكيين وانتحلوا شخصياتهم وأنفقوا آلاف الدولارات شهرياً لشراء إعلانات سياسية، واشتروا فضاءات إلكترونية أمريكية لإخفاء هوياتهم ونظموا تجمعات سياسية في الولايات المتحدة، ودعوا إليها ونشروا تعليقات سياسية على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء أمريكيين نشروا معلومات أضرت بهيلاري كلينتون، وأنشأوا مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة «فيسبوك» و«إنستجرام» للنقاش في قضايا حساسة. كما نشر المتهمون معلومات مسيئة لهيلاري كلينتون، وأخرى للتقليل من شأن مرشحين آخرين.

وزعم الرئيس ترامب حينها أن تقرير مولر برأ ذمته، لكن مولر قال إن تقريره لم يبرئ الرئيس ترامب بشكل تام، ولا سيما من شبهة إعاقة سير العدالة، خلافاً لما يؤكده الرئيس الأمريكي. وتحدث مولر عن ضغوطات مريبة مارسها ترامب على سير التحقيق.

في الوقت الذي تعرضت فيه المزيد من الأصوات للإسكات حول هذه القضية، وجه كبار مسؤولي ترامب رسالة مختلفة بشأن التدخل في الانتخابات، وهي أن الصين  وليست روسيا  هي المتدخِّل الأكبر في الانتخابات الأمريكية، وقال راتكليف: «ليس صحيحاً أن روسيا تمثل تهديداً أكبر على الأمن القومي من الصين؛ بل الصين هي التهديد الأكبر الذي نواجهه». 

وعقب تعيين راتكليف على رأس المجتمع الاستخباراتي، سعت الإدارة إلى تقويض رقابة الكونجرس. ويقول محللون إنه إذا كانت الدولة العميقة عبارة عن مجموعة من المسؤولين الذين يمارسون سراً، سلطة الحكومة مع القليل من المساءلة والشفافية، يزداد انطباق هذا التعريف على ترامب وأنصاره. وتحت ستار وقف انقلاب على السلطة غير موجود «يعمل ترامب على تسييس مجتمع الاستخبارات ووزارة العدل، ويستخدمهما لتعزيز جهود إعادة انتخابه».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"