المكتبات في الواجهة

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

عثمان حسن

لم تعد علوم المكتبات مجرد مهنة عادية، تقدم خدمة الكتب وفق النظام القديم، بل باتت ومنذ نهاية الألفية الثانية، مهنة جديرة بالتخصص وذلك لأنها يجب أن تتضمن ثلاثة عناصر مهمة وأساسية وهي أولاً: الإحاطة الجارية، و«البث الانتقائي للمعلومات» و«خدمة الرد على استفسارات المستفيدين»، وفي هذه الحالة، صار لزاماً على أمين المكتبة أن يتكيف مع هذه الاشتراطات، وأن يغادر المنطق التقليدي في تعامله السابق مع المستفيدين.

وينظر إلى «الإحاطة الجارية» بوصفها من أهم الخدمات المكتبيّة المُتطورة، فهي تحيط المستفيد علماً بآخر المُستجدات في فروع العلوم والمعارف، كما توفر مصادر معلومات إضافية توزعها المكتبات على المستفيدين، فتمكنهم من تصفح واستعراض الوثائق والمصادر التي تصل للمكتبة، واختيار المواد التي تُناسب احتياجاتهم، وهذه الخدمة مهمة لأنها توفر الوقت والجهد على الباحث، وتمكن المكتبي من اكتشاف أوعية معلوماتية جديدة يمكن أن تكون فقدت بسبب عدم معرفة مصادرها، فتحسن من عمل الباحث أو المستفيد وتمنحه فرصة لتجاوز المشكلات التي تصادفه، وتطوير عمله جراء إمكانية اطلاعه على الاكتشافات والأبحاث الحديثة.

الخدمة الثانية تشبه الأولى، من حيث توفير الوقت والجهد على الباحث، وتجهيز معلومات متخصصة في كافة ميادين العلوم غير أنها استحدثت لتزويد المستفيدين بصفة دورية بالمعلومات التي يريدونها، حتى دون أن يطلبوا ذلك، والنقطة الجوهرية في هذه الخدمة، هي تمكين الباحث من استرجاع كل ما له علاقه باهتماماته الحالية، وما سبق فقده بسبب استخدام الطُّرق التقليدية في الخدمة المكتبيّة.

بعد أزمة كورونا، فُرض على المكتبيين، أن يفتحوا الباب على «التوثيق الإلكتروني» وهو توثيق يختلف كثيراً عن توثيق الكتب الورقية، هنا، صار لزاماً على أمين المكتبة أن يسارع إلى تلبية خدمات المستفيدين مع مراعاة الشروط الجديدة، وهو التحدي الذي فرض على الخبراء والمختصين في علوم المكتبات التفكير مجدداً بأنواع الخدمة التي يمكن أن تستحدث ما بعد كورونا.

يسجل للإمارات مسارعتها بعد جائحة كورونا إلى التعاطي مع أساليب الخدمة الجديدة في علوم المكتبات، بعقدها لمزيد من الورش المتخصصة، وهو التحدي الذي ساعد في تقديم الخدمات الثقافية، بالعمل على توفير أكبر قدر من المحتوى المعرفي الإلكتروني، وجعل ذلك في متناول الجميع وعلى مدار الساعة.

هذا السعي يقترن بحراك دؤوب ومتواصل، مع أكبر المكتبات في العالم، وهو الدور الذي تلعبه بحرفية الشارقة خاصة مع استضافتها لمؤتمر المكتبات كل عام على هامش معرض الشارقة للكتاب. 

من قرأ عناوين وموضوعات الدورة الأخيرة للمؤتمر، يجدها تنسجم مع مستجدات علوم المكتبات، وتوفير منصة لخدمات مكتبية متطورة ما بعد جائحة كورونا، وهو الذي يؤكد أهمية المعرض الذي يتسارع بوتيرة عالية، خدمة للكتاب والمثقف، وتأكيداً لضرورة تعزيز التبادل المعرفي مع العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وشاعر وصحفي أردني، عمل في الصحافة الأردنية / في القسم الثقافي بجريدة الدستور ، ويعمل اليوم محررا في جريدة الخليج الإماراتية / القسم الثقافي، صدرت له عدة كتب في الشعر بينها: "ظلال" ، وردة الهذيان / ، وكبرياء الصفة / ، كما صدر له كتاب في الإمارات بعنوان "محطات حوارية مع وجوه ثقافية إماراتية" .
له كتاب مترجم غير منشور/ قصائد عن الإنجليزية، نشرت بعض هذه القصائد في "ثقافة الدستور" وفي مواقع إلكترونية محكمة مثل موقع "جهة الشعر.
شارك في أماسي وملتقيات شعرية عربية كثيرة، وقد قدمت حول نتاجاته الأدبية الكثير من القراءات النقدية.
عضو رابطة الكتاب الأردنيين ، وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"