المرأة الحصن

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين

 

كانت دائماً ولا تزال «المرأة الحصن» هذه الإماراتية، سليلة البحر، أختها النخلة وضميرها الأرض الرؤوم.
وهي في منتهى الحياة والأناقة الروحية حين تعبر زمن الحكاية المغمور بالأبيض والأسود، لتتحول إلى جنة مزدانة بالإبداع أيا كان لونه وشكله، وحين ابتعث الوقت الشحيح أبناءه للبحر شهوراً طويلة، وحين شرَّق بهم شظف العيش وغرَّب، ظلت هي وطناً صامداً وصبوراً ويداً خضراء.
في هذه الأيام التي تسبق احتفالنا بأمس مضى وغد قادم، بتأسيس اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة ومستقبلها، حق علينا وواجب أن نذكر تلك الشخصيات التي نعتز بها ونحلها محل القلب في الصدر، ومنها الدكتورة رفيعة غباش أول طبيبة نفسية في الإمارات، ومؤسس «متحف المرأة» المبني في موقع منزل قديم يسمى «بيت البنات» بين العامين ١٩٤٠ و١٩٦٠، والذي يقع حالياً في منطقة سوق الذهب بديرة في إمارة دبي.
إن حس المسؤولية الممزوج بالحماس لكل ما هو أصيل وإنساني وفكري هو الدافع وراء هذه المشاريع المستدامة لأنها تستمد روحها من الغاية الأكبر في أن يكون لإنسان هذا المكان صوت وحضور أساسهما العلم والعمل، والحلم الضخم الذي راودها عمل فيه أفراد آمنوا بقيمة هذه الخطوة في بناء الإماراتي والإماراتية المعرفي والاجتماعي.
«هذه رفيعة التي عاشت تركض وراء الأحلام وتقبض على بعضها لتصيرها حقيقة» تقول عنها سيدة أخرى لا تقل مكانتها «غلا» في نفوسنا وهي الدكتورة حصة عبدالله لوتاه من أوائل الأسماء الرائدة في مجال الإعلام الإماراتي، وأول مخرجة إماراتية في التلفزيون المحلي.
تعلمنا مسيرة الدكتورة رفيعة غباش الكثير حول تأسيس الوعي عند الفرد والذي يبدأ في المربع الأول من حياته، الوعي بالذات وجوهرها ومكامن قوتها، والوعي بالآخرين وطرائقهم في التعامل مع مجريات الحياة ومواقفها المختلفة، إن هذه الشرارة تطلقها «الحكمة» الموجودة عند «الأوليين» في كفاحهم المستمر وصمودهم في قلب العاصفة ورغبتهم الصادقة في الانتقال بأسرهم من الشدة إلى الرفاه، وربما كانت «موسوعة المرأة الإماراتية» من أصدق الترجمات لهذا الجانب من حياة «بنت البلاد»، حيث عملت الدكتورة غباش على مدار عقد من الزمن بحثاً وتحقيقاً وتفصيلاً حول أسماء لامعة في مجال الريادة النسائية قبل وبعد الاتحاد منهن المطوعات والأديبات والطبيبات والمهندسات والتاجرات والرائدات في الفن.
كيف تكون المرأة حصناً؟ هذا سؤال أخير يراودني كلما توقفت عند إنجاز أو مشروع لهذه الشخصية الاستثنائية. تكون المرأة حصناً بعلمها، بصبرها، بخدمتها للآخرين وقبل كل ذلك بوعيها، الذي سيعينها على اتخاذ قرارات صعبة وخوض مواجهات كثيرة، وسينتج عنه حصاد مزدهر وإن بعد حين.
 كل عام والإمارات بكل خير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"