عادي

«طالبان».. هل تفجر اتفاق السلام؟

01:05 صباحا
قراءة 4 دقائق
1

كتب: المحرر السياسي

 لا يكاد العالم يشعر ببارقة أمل وتفاؤل حول إنهاء الحرب الدموية في أفغانستان التي مضى عليها أكثر من عقدين،حتى تضرب التفجيرات وأعمال العنف كل أمل بالسلام لتبدأ دائرة العنف في التوسع من جديد.

من الواضح أن إدارة الرئيس ترامب تبذل قصارى جهدها لتحقيق اختراق على جبهة أفغانستان قبل انتهاء ولايته في العشرين من يناير المقبل، انسجاماً مع وعوده الانتخابية الخاصة بعودة العسكريين الأمريكيين إلى بلادهم. 

وكان ترامب قد انتتقد الحرب بشدة كمرشح في عام 2016، حيث لعبت انتقاداته للحرب في أفغانستان وغيرها من الحروب التي تشارك فيها بلاده على الصعيد العالمي دوراً رئيسياً في انتصاره على هيلاري كلينتون.

 واستعداداً لخوضه الانتخابات المقبلة عام 2024، حيث يسعى لتأكيد مصداقيته في عدد من القضايا العالمية منها إبرام اتفاق سلام في أفغانستان، يحرص ترامب على سحب أكبر عدد ممكن من تلك القوات وتحقيق مصالحة سريعة.

 ووسط البشائر المتعاقبة بحلول السلام التي عاشها العالم منذ فبراير/شباط 2020 عندما تم توقيع اتفاقية السلام بين حركة طالبان والحكومة الأمريكية التي تضمنت سحب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول مايو (أيار)2021، تعيش المدن الأفغانية كابوس التفجيرات والهجمات بين حين وآخر.

 فقد هاجم انتحاري بسيارة مفخخة قاعدة للجيش على أطراف عاصمة ولاية غزني ما أدى إلى مقتل 30 عسكرياً، في هجوم يعد بين الأكثر دموية خلال الأشهر الستة الأخيرة.

وقال عبدالله عبدالله، الذي يقود عملية السلام الشاملة في أفغانستان، إن مثل هذه الهجمات الإرهابية ستخلق أجواء من الخوف والإرهاب والتشاؤم بين الشعب الأفغاني وستضر بعملية السلام ولا شك أن تصاعد العنف غير مقبول لدى الناس ويتعارض مع عملية السلام والمفاوضات والمصالحة.

 أهداف طالبان

يأتي هجوم غزني بعد يومين فقط على مقتل 14 شخصاً بتفجيرين في مدينة باميان التاريخية، ما أنهى سنوات من الهدوء عاشتها البلدة المعزولة.  وفي تفجير انتحاري آخر بسيارة، قُتل مدني وأصيب 20 بجروح في مدينة قلعت الجنوبية في ولاية زابل. واستهدف الهجوم مركبة كانت تقل رئيس مجلس ولاية زابل عطا جان حق بيان الذي أصيب بجروح.

 وتمثل هذه الهجمات حلقة جديدة ضمن سلسلة أعمال العنف التي تشهدها أفغانستان، وقد تصاعدت العمليات منذ أن انطلقت محادثات السلام في 12 أيلول/سبتمبر.

 وتشن حركة طالبان هجمات بشكل يومي تستهدف قوات الأمن الأفغانية على الرغم من انخراطها في محادثات السلام.

 وقال المحلل الأمني الأفغاني عطي الله قمرخيل ل«فرانس برس» إن هجوم غزني يظهر تكتيك طالبان لاستخدام العنف من أجل الضغط على الحكومة للاستجابة لمطالب الجماعة المتمردة وأن الهجوم يحمل رسالة مفادها أن طالبان قادرة على ضرب قواعد محمية جيدا إذا لم تقبل الحكومة مطالب الحركة.

 تعقيدات سحب القوات الأمريكية

 تعقّد الوضع الميداني أكثر بالنسبة إلى حكومة كابول مع إعلان الولايات المتحدة أنها ستسحب ألفي جندي بحلول منتصف يناير/كانون الثاني المقبل. فبعد أسبوع من إقالة وزير الدفاع مارك إسبر، الذي عارض الانسحاب، أعلن البنتاجون في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، أن القوات الأمريكية المتبقية في أفغانستان البالغ عددها 4500 سيتم تخفيضها إلى 2500 بحلول 15 يناير، قبل 5 أيام من تولي الرئيس المنتخب جو بايدن منصبه.

 ونصت الاتفاقية التي وقعت خلال شهر فبراير الماضي، على أن تسحب الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو، قواتهم من أفغانستان خلال 14 شهراً وأن ترفع عنها العقوبات، شرط أن تفي حركة طالبان بالتزاماتها التي تتضمن تحرير أكثر من ألف سجين والانخراط في العملية السياسية السلمية.

 وبعد أقل من يومين على توقيع اتفاقية الدوحة حول استمرار المفاوضات من أجل تسوية سياسية قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في الرابع من ديسمبر /كانون الأول الجاري إن أعمال العنف التي تشهدها أفغانستان حالياً بلغت حداً غير مقبول.

 ويثير عدم التوافق بين جانبي النزاع الأفغاني شكوكاً حول انسحاب القوات الأمريكية من البلاد، لذا فإن الإدارة الأمريكية تضغط لإبرام الاتفاق بين الجانبين، والاتفاقية مع طالبان ستكون اتفاقية بين الحكومة الأمريكية أيضاً وإدارة الحركة ما يعني أنها لا تتأثر بتغيير إدارة البيت الأبيض.

 تغييرات على الأرض

 يؤكد الخبراء أن انسحاب القوات الأمريكية يعطي حركة طالبان أفضلية تكتيكية حيث يرفع الغطاء الجوي عن خصومها. وقد ذكرت صحيفة «الإيكونوميست» أن القوات الحكومية لم تطلق رصاصة واحدة في الهجوم الأخير في غزني بسبب غياب الغطاء الجوي وهذا ما منح حركة طالبان الفرصة لإيقاع هذا العدد الكبير من القتلى في صفوف القوات الحكومية، كما سقطت مديريتان للشرطة شمال وجنوبي البلاد. 

 وشكل الهجوم على أمر الله صالح نائب الرئيس الأفغاني نقطة تحول مقلقة حيث أعلنت «داعش» مسؤوليتها عن الهجوم وأطلقت 23 قذيفة على المنطقة الخضراء في كابول حيث تقع سفارات ومقر حلف شمال الأطلسي.

  ويراهن الحريصون على السلام من حانبهم على نجاح الجهود الأمريكية التي تقوم بها الإدارة المنتهية ولايتها فضلاً عن استمرار الاهتمام بالقضية الأفغانية في ظل عهد الرئيس جو بايدن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"