«أبل» على حلبة سباق السيارات الفاخرة

21:58 مساء
قراءة 4 دقائق

أليكس ويب *

إذا كانت شركة «أبل» ستنجح في مشروعها الخاص بالسيارات، فعليها أن تستهدف سوق السيارات الفاخرة البالغة قيمته 230 مليار دولار وتحسن التعامل معه. وقد يكون القيام بذلك هو الطريقة الوحيدة لإرضاء المستثمرين، ولكن إزاحة الشركات القائمة بالفعل والبالغ بعضها 125 عاماً من العمر مثل «مرسيدس بنز» لن يكون أمراً سهلاً.

ذكرت وكالات الأنباء الشهر الماضي أن صانع «آيفون» يكثف الجهود لتصنيع سيارته الخاصة، وأنه لا يزال أمامه خمس سنوات على الأقل من الإنتاج.

ومنذ أن بدأ المشروع في عام 2014، تعرضت شركة «أبل» للعديد من البدايات الخاطئة، حيث تم تسريح مئات الموظفين في عام 2016 وعام 2019، بعد أن تضخمت التكاليف، وتحول التركيز من السيارات الكهربائية إلى تكنولوجيا القيادة الذاتية والعودة مرة أخرى. وفي حال استمر الرئيس التنفيذي تيم كوك في هذا النهج، فسيواجه خيارات صعبة حول كيفية دخول سوق بربح ضئيل.

وعلى الرغم من كل النجاحات التي حققتها في سوق الأوراق المالية مؤخراً، أظهرت شركة «تيسلا» العديد من الانزلاقات جراء الافتقار إلى الخبرة في مجال السيارات، مقارنة بعمالقة الصناعة، وتحملت مراراً وتكراراً مشاكل التصنيع وفقدان أهداف الإنتاج؛ لذلك ليس هناك شك في أن شركة «أبل» ستوكل مهام التصنيع لطرف ثالث مثل «ماجنا إنترناشونال».

في وقت ما منذ حوالي خمس سنوات، كان لدى «ماجنا» ما يقرب من 100 موظف يعملون مع «أبل»، مما ساعد في توجيه شركة التكنولوجيا الكندية من خلال عملياتها الهندسية، دون العمل والتركيز على كيفية أو مكان بناء سيارة.

و«ماجنا» ليست الخيار الوحيد؛ إذ بدأت أيضاً مجموعة «فوكسكون» التي تصنع أجهزة «آيفون» بموجب عقد مع «أبل»، في صناعة السيارات. وأسست مشروعاً مشتركاً العام الماضي مع «فيات كرايزلر»، عملاق السيارات ومقره ميلانو، والذي اندمج مع مجموعة «بي إس إيه» الفرنسية. وربما بشكل أكثر ملاءمة، أصبحت شركات صناعة السيارات القائمة والخبيرة الآن مرشحة للقيام بهذا الدور.

وكانت شركة «هيونداي موتور» الكورية، أكد تقرير محلي أنها أجرت مناقشات مع «أبل»، قبل التراجع عن البيان. على العموم، يمكن أن يساعد هذا الارتباط في حل بعض المشكلات السابقة التي واجهتها «أبل» مع المكونات.

في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية، اعتادت علامة وادي السيليكون الفارقة على تصنيع أفضل التقنيات. إنها أكبر لاعب موجود عندما يتعلق الأمر بجني الأرباح للموردين الذين يتفوقون على أنفسهم للمساهمة في أكثر من 200 مليون جهاز «آيفون» من المتوقع أن تبيعها الشركة هذا العام.

ولكن عندما يتعلق الأمر بالسيارات فالأمر مختلف بعض الشيء، مع القليل من الوضوح عما حصل في عام 2016 وعدد المركبات المتوقع شحنها في عامها الأول، أو متى سيحدث ذلك، والحافز الضئيل للموردين آنذاك لتوفير مكونات حصرية ل«أبل» عندما باع عميل مثل «فولكس فاجن» حوالي 10 ملايين سيارة في ذلك العام.

لذلك من المنطقي أن تتعاون «أبل» مع لاعب معروف في الصناعة، ويبرز خمسة منهم: «فولكس فاجن»، وتحالف «رينو  نيسان  ميتسوبيشي»، و«فولفو» وشركتها الأم مجموعة «جيلي» الصينية القابضة، وشركة «جنرال موتورز»، وبالطبع شراكة «هيونداي» و«كيا موتورز» الكورية.

كل هذه الشركات طورت منصات للمركبات الكهربائية ذات نطاق كاف لحث الموردين على التدافع من أجل الحصول على عقود.

ومع ذلك، بينما يحافظ العمل الجماعي على انخفاض التكاليف الثابتة، فإنه يمثل تحدياً عندما يتعلق الأمر بالربحية. فعادة ما تكلف الشركة المصنعة حوالي 10% أكثر من صنع السيارة بنفسك. كما أن هوامش الربح في صناعة السيارات أقل بالفعل مما هي عليه في صناعة الهواتف المتحركة مثل «آيفون».

من المحتمل أن تتمتع «تيسلا» بهامش ربح إجمالي يبلغ حوالي 30% على «الطراز 3» السيدان، حسبما أفادت به وكالة «بلومبيرج» في عام 2018، في حين يبلغ هامش الربح الإجمالي لشركة «أبل» من هواتف «آيفون» ضعف ذلك تقريباً.

تعتبر البطارية من أكبر نفقات السيارات الكهربائية، بسبب التكلفة الثابتة للمواد الخام. في طراز «تيسلا 3»، تمثل البطارية أكثر من ثلث إجمالي تكلفة التصنيع، بنحو 13 ألف دولار للقطعة الواحدة.

إذا تمكنت «أبل» من إيجاد طريقة لتخفيض تلك التكلفة باستخدام تقنية البطاريات الجديدة، فإن صناعة السيارات تصبح اقتراحاً أكثر جاذبية بالنسبة لها، ولكن حتى البطارية الأرخص بنسبة 50% من المحتمل أن تترك للسيارة أرباحاً أقل من ربحية «آيفون» إذا كانت نقطة السعر مماثلة لنظيرتها في «تيسلا».

السعر هو الطريقة الواضحة لسد الفجوة. و«أبل» لن تصنع سيارة سوق شاملة، ولكن يجب أن تكون سيارة فاخرة، ومن المحتمل أن يبدأ تسعيرها ب100 ألف دولار، خاصة إذا كانت تتمتع بخاصية القيادة الذاتية باستخدام تقنية «الليدار» المتطورة. من الناحية النظرية، ستكون هذه استراتيجية تسعير مماثلة لجهاز «آيفون»، ولكنها من الناحية العملية ستستهدف شريحة إنفاق مختلفة تماماً، وهو ما لن يكون سهلاً. 

تخلت شركة «دايسون» المصنعة للمكانس الكهربائية عن جهودها الخاصة بصناعة السيارات بعد أن أدركت أنها ستضطر لتسعير السيارة ب150 ألف جنيه إسترليني (200 ألف دولار).

لدى «أبل» فرصة أفضل لتصبح صانع سيارات حقيقي. لديها ميزة قوية عندما يتعلق الأمر بالبرمجيات والتصميم، وقد تكون لها قفزة في تكنولوجيا البطاريات، على الرغم من أن هذه المزايا لن تدوم إلى الأبد.

وأفضل طريقة للمضي قدماً هي أن تكون نقطة السعر أقرب إلى سيارة فيراري من سيارة فيات.

*كاتب في «بلومبيرج»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب في بلومبيرج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"