دبي.. ومعراج التطور العلمي

01:19 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

إن العلم هو الطموح إلى اكتشاف كل جديد، والغوص في أعماق المجهول. لقد برهن التطور الحضاري، قديماً وحديثاً، على أن العلم والعلماء هم وقود كل الثورات العلمية التي شهدتها وتشهدها الأمم على مر التاريخ؛ حيث إن تاريخ الحضارة يشير إلى أن العلم هم المنبع الرئيسي لكل تقدم وتطور، والعمل الغني هو غائية تقوم استناداً إلى أهداف أخلاقية وفلسفية، وتصاعد الإنسان إلى معراج التطور والنمو، لأن تاريخ الإنسان هو تاريخ المثابرة والكفاح والعقل والإرادة في تحديات المكان والزمان ليفهم عالم الطبيعة ويروضها، ومن ثم يسخرها لخدمته.

 وها هي دبي تعمل من أجل العلم والمعرفة في عالم النور والتجربة والتطور العاقل والتقدم الشجاع في تسابق الزمن، وتخطو نحو المستقبل بخطوات واسعة ترسم فيها معالم نهضة حضارية علمية، ستجعل منها واحدة من القوى الرئيسية في العالم في صناعة التكنولوجيا المتقدمة والنانو تكنولوجيا. وفي تجسيد لهذا المسعى، أطلق القائد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حفظه الله ورعاه، في 29 يونيو العام الماضي مختبرات دبي للمستقبل، وقال سموه في هذه المناسبة: «خلال إطلاقنا مختبرات دبي للمستقبل فإن دولة الإمارات تراهن على مستقبل يقوم على العلم والتفوق التقني، دولة الإمارات تراهن على الإنسان وعقله وخياله وإرادته التي لا تعرف المستحيل». هذه الكلمات الصادقة تؤكد إيمان القيادة العظيمة بشعبها، وإيمانها العميق بأن المستقبل المشرق تصنعه الإرادة القوية والمثابرة والعزم والتصميم على تحقيق النجاح.

 وتعد «مختبرات دبي للمستقبل» أول مؤسسة تطبيقية في الدولة والمنطقة، متخصصة في مجال أبحاث واختبارات وتطبيقات تكنولوجيا المستقبل. وتهدف هذه المختبرات، التي تشرف عليها مؤسسة دبي للمستقبل، إلى دعم مختلف جوانب الاقتصاد القائم على المعرفة في الدولة، من خلال شراكاتها مع مؤسسات البحث والتطوير من مختلف أنحاء العالم، وذلك بما يسهم في تحقيق التطلعات المستقبلية وخلق أسواق وفرص عمل جديدة، وتوفير منصة تواصل بين مختلف القطاعات والجهات المعنية بتعزيز توظيف التكنولوجيا الحديثة. وكان قد تم تأسيس مؤسسة دبي للمستقبل في إبريل 2016؛ بهدف تعزيز مكانة دولة الإمارات، ومدينة دبي كمركز عالمي لاستشراف وصناعة المستقبل. وتقوم هذه المؤسسة على خمسة محاور رئيسية: تبدأ بفهم المستقبل، واستجلاء خفاياه، ومن ثم وضع الأفكار والدراسات الملائمة، وبما يؤدي إلى تحقيق أفضل النتائج في معرفة القادم من الأيام، وعدم الوقوع في مفاجآت من السهل تداركها. 

 كما تعمل المؤسسة على تطوير منصة متكاملة لتصميم المستقبل، تدعى «منطقة 2071» تجمع أفضل العقول؛ لتحويل الأفكار، والرؤى الخلاقة إلى واقع، بما يسهم في تطبيق نموذج الإمارات لتصميم المستقبل بكل ما يحمله من إعجاز، وتحقيق أهداف مئوية الإمارات. وخلال ترؤس سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، اجتماع مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، قال سموه: «نريد أن تصبح مؤسسة دبي للمستقبل منصة رائدة عالمياً لنشر المعرفة، وأبحاث المستقبل تلهم الملايين لصنع مستقبل أفضل للإنسانية...».

 وقد أطلقت مؤسسة دبي للمستقبل، مبادرة «مليون مبرمج عربي»؛ بهدف بناء قدرات عربية متمكنة في مجال البرمجة، ومساعدتها على إيجاد حلول مبتكرة وجديدة لمختلف التحديات العالمية، وتعتبر هذه المبادرة تجربة إماراتية مهمة، لما لعلوم الحاسوب من أهمية قصوى في حياتنا الراهنة.

 ولا شك أن مؤسسة دبي للمستقبل هي من المؤسسات الرائدة عالمياً، وهي تحقق نتائج كبيرة ملموسة، وإطلاق مركز مختبرات دبي المستقبل ضمن هذه المؤسسة هو دليل على القيمة الكبيرة التي تمثلها، فهذه المختبرات ستجعل دبي والإمارات في قائمة الدول المنتجة والمصدرة للتكنولوجيا المتقدمة، بمختلف أشكالها وأوصافها، ما سيضاعف من حجم الناتج القومي، ويوسع طيف الثراء وصولاً إلى تحقيق التنمية المستدامة التي ثبت بالدليل القاطع أنه لا يمكن لأية دولة الوصول إليها، ما لم تأخذ بأسباب العلم والابتكار والتصنيع، والسعي للحصول على براءات الاختراع. وقد وضعت دبي، بهذه الخطوات والإنجازات، قدماً راسخة على طريق البحث والابتكار، والإنتاج العلم، مما يؤهلها أن تصل، بفضل حكمة قيادتها ومتابعة نخبها وطموح شبابها، إلى ما تصبو إليه من تغيير المعادلات القائمة، وإيجاد مكان لها وللإمارات ضمن المراكز البحثية والتكنولوجية والتقنية الأكثر تطوراً، ليس على مستوى العالم العربي والآسيوي، وإنما على مستوى العالم أجمع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"