رسائل داعش

00:51 صباحا
قراءة 3 دقائق

نبيل سالم

الانفجاران اللذان وقعا منذ أيام في العاصمة العراقية بغداد، رغم أنهما يكشفان عن خلل في المنظومة الأمنية العراقية، إلا أنهما يشكلان رسالة جديدة من تنظيم داعش الإرهابي، وبالأصح من داعميه أيضاً، يحاول من خلالها إثبات أنه مازال موجوداً، وأنه قادر على توجيه ضرباته وممارسة جرائمه على اتساع الجغرافيا العراقية والسورية أيضاً.

 ومع أن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أكد صراحة أن ما حصل، هو «خرق أمني»، واعداً بأنه لن يسمح بتكراره، إلا أن التنظيم الإرهابي نجح في الكثير من عملياته الإجرامية، ما يعني أن هناك تحديات حقيقية تواجه كلاً من العراق وسوريا، مع استمرار سقوط الأبرياء على يد هذا التنظيم الإرهابي.

 وهو مايبدو أن القيادة العراقية تنبهت إليه جيداً من خلال القيام بضربات استباقية، إلا أن هناك نقطة مهمة أثارها الكاظمي، وهي ضرورة التعاون والتنسيق بين كل المؤسسات الأمنية والعسكرية، وأن تعمل هذه المؤسسات بروح واحدة، مشيراً إلى أنه سيفرض «توحيد الجهود الاستخبارية العراقية بكل جدية والعراق دولة واحدة، ويجب أن تتصرف على هذا الأساس».

 وشدد الكاظمي على أن «القيادات الأمنية تتحمل المسؤولية وعليها أن تهتم بتطوير الكادر الوسطي وتدريبه وتقويمه وتأهيله لمواجهة التحديات، لأن حياة الناس ليست مجاملة»، مشيراً إلى أن حكومته لن تسمح بخضوع المؤسسة الأمنية لصراعات بين أطراف سياسية، و«يجب أن نتعلم الدرس ونتعامل بمهنية عالية في المجال الأمني».

والحقيقة أن ما قاله المسؤول العراقي لا يجافي الواقع، وإنما يعكس خطورة ما آلت إليه الأوضاع الأمنية في هذا البلد.

 لكن السؤال، هو هل يكفي توحيد الأجهزة الأمنية، أو تنظيفها أحياناً، لحل المعضلة التي يمثلها الإرهاب سواء في العراق أو في سوريا أو أي مكان آخر؟

 صحيح أن الإرهاب آفة يجب اجتثاثها من جذورها، وأنه لا يمكن لأي شعب أن يتحمل موت أبنائه بشكل مجاني في تفجيرات وعمليات إرهابية حمقاء، تديرها أطراف باتت معروفة، إلا أن من المهم التذكير بأن القضاء على الإرهاب رغم أهميته، لا يمكن أن يكون ناجزاً ما لم تنته البيئات الحاضنة له، وأهمها الفقر والتهميش والطائفية، وتحسين أوضاع العراقيين المعيشية، وتأمين ما يلزم لحياة كريمة للمواطن العراقي، ومحاربة الفساد بكل جدية تبدو خطوات لابد منها لمحاربة الإرهاب والإرهابيين، ليس في العراق وحسب وإنما في سوريا وكل الدول التي يجد الإرهاب في ظروفها القاسية مرتعاً خصباً له، ذلك أن الإرهاب يتسلل على الدوام من ثغرات اجتماعية تفسح المجال له للتلاعب بالعواطف والعقول، وتجنيد البسطاء لزجهم في مغامراته الإجرامية، تحت ضغوط الحياة اليومية.

 ولو ألقينا نظرة على المناطق التي استهدفها تنظيم داعش الإرهابي أو غيره، سنجد أنها كلها تعاني أزمات اقتصادية ضاغطة، كما هي الحال وعلى سبيل المثال لا الحصر، الجرائم الإرهابية التي وقعت في القارة الإفريقية، حيث مثلت حالة الفقر التي تعيشها القارة السمراء، عنصراً مهماً أحسن تنظيم داعش استغلاله في جذب الشباب الإفريقي الحالم بالعيش الكريم، إذ استطاع هذا التنظيم الإجرامي اللعب على وتر الفقر لدى العديد من الشباب الذين كان يتم إغراؤهم بالمال لكي ينضموا لقافلة الإرهابيين، ويقاتلوا في صفوفهم مقابل مبالغ مالية، بل وتجنيد حتى الأطفال القصر منهم.

 أخيراً لابد من القول إن محاربة الإرهاب يجب أن تسير في خطين متوازيين، وهما الضربات القاسية للإرهابيين، وتوفير شروط الحياة الإنسانية لملايين الشباب، ولا سيما العاطلين عن العمل، الفاقدين لأي فرصة في الحياة، وإلا فإن الإرهاب سيظل يطل برأسه بين حين وآخر جالباً المزيد من الموت والدمار لبلداننا العربية وغيرها من البلدان التي تطالها أياديه القذرة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"