سوريا والأمن الغذائي

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين

بحسب تقرير برنامج الأغذية العالمي فإن 60 في المئة من السوريين يعانون انعدام الأمن الغذائي
على الرغم من التراجع الملحوظ في المعارك على الأرض السورية، وتزايد الحديث عن مبادرات ونشاطات دبلوماسية تجري هنا وهناك للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية، إلا أن تداعيات هذه الأزمة الخطيرة، وانعكاساتها على حياة الشعب السوري لا تزال قائمة، وتمثل العنوان الأبرز في اليوميات السورية. ولعل أخطر هذه الانعكاسات والآثار التي حملتها الأزمة هي قضية الأمن الغذائي في هذا البلد العربي الذي كان يتسم بأمنه الغذائي.
 ففي تقرير أصدره برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة فإنّ 12.4 مليون شخص في سوريا التي مزقتها الحرب يكافحون للعثور على ما يكفيهم من الطعام، في زيادة كبيرة وصفها التقرير المذكور بأنها «مقلقة».
 وبحسب التقرير ذاته فإن هذا الرقم يعني أن 60 في المئة من السوريين يعانون انعدام الأمن الغذائي بناءً على نتائج تقييم وطني في أواخر عام 2020، مشيراً إلى أنه في مطلع عام 2021، كانت أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء البلاد أعلى 33 مرة من متوسط خمس سنوات قبل الحرب.
 وفي تعليقها على التقرير أكدت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي جيسيكا لوسون، أن «المزيد من السوريين ينزلقون إلى براثن الجوع والفقر وانعدام الأمن الغذائي أكثر من أي وقت مضى». مضيفة أن من المثير للقلق أن الوجبة الأساسية أصبحت الآن بعيدة عن متناول أغلبية العائلات، وأن الكثير من هذه العائلات تعتمد بشكل كامل على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
 وكما هو معلوم يمكن التمييز بين مستويين للأمن الغذائي، أحدهما الأمن الغذائي المطلق، الذي كانت سوريا أحد أمثلته البارزة، ويقوم على إنتاج الغذاء داخل الدولة بما يعادل أو يفوق الطلب المحلي، وهو ما يمكن تسميته بالاكتفاء الذاتي، أما المستوى الثاني من الأمن الغذائي فهو الأمن الغذائي النسبي ويقوم على قدرة الدولة على توفير السلع والمواد الغذائية، أو على الأقل توفير الحد الأدنى من احتياجاتها.
 وفي المثال السوري، فرغم أن سوريا كانت دولة مكتفية ذاتياً بالنسبة للغذاء، إلا أن نتائج الحرب الدائرة على أراضيها، وخسارتها لمساحات زراعية كبيرة، وثرواتها البترولية، إضافة إلى تنامي الأزمات الاقتصادية الناجمة عن الحصار وتدني مستوى الليرة السورية، فضلاً عن التبعات السلبية لوباء كورونا، دفعت بهذا البلد العربي إلى الفقر الحقيقي، وهذا الواقع يدفع إلى التنبيه من استمرار الأزمة السياسية في سوريا، وضرورة إيجاد تسوية سياسية تقوم على احترام حقوق جميع أبناء الشعب السوري، من دون تمييز، لأنه من دون هذا الحل السياسي الذي يضمن مصالح الشعب السوري، فإن الأوضاع الاقتصادية في سوريا ستزداد سوءاً، وبالتالي فإن انعدام الأمن الغذائي سيزداد تفاقماً، خاصة إذا ما علمنا أن الأمن الغذائي يرتبط أيضاً بالاستقرار، لأن غياب الاستقرار والأمن ووجود عوامل الخطر يؤثران سلباً في توفر الغذاء، أو طرق الوصول إليه.
وأخيراً، لا بد من القول إنه آن الأوان لوقوف المجتمع الدولي بجدية إلى جانب الشعب السوري الغارق في مآسيه التي تتزايد باستمرار في ظل استمرار الصراع وغياب الحل السياسي المنشود.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"