تسارع وتيرة التحول الرقمي وهيمنته على مستقبل الخدمات المصرفية

1.    بات معروفاً أن جائحة كورونا أدت إلى تسريع التحول الرقمي، فما هي أحدث هذه الاتجاهات في القطاع المصرفي؟ وبرأيكم، إلى أين تتجه المنافسة في ظل التغييرات الجذرية التي تفرضها التكنولوجيا؟

أدت الجائحة إلى تسارع ملحوظ لاتجاهات عديدة كانت موجودة بالأصل. وعلى الصعيد العالمي، نشهد تحولاً واسعاً جداً نحو اقتصادات غير نقدية، بتأثيرٍ من المدفوعات اللاتلامسية. ويواصل القطاع المصرفي طرح حلول داعمة بأشكال مختلفة، مثل محافظ الهواتف المحمولة ورموز الاستجابة السريعة، وبطاقات الدفع اللاتلامسية. وسوف يستمر هذا الاتجاه في احتلال مركز الصدارة، طالما استمر ازدياد عدد المتعاملين عبر الإنترنت، واستمر ازدهار سوق التجارة الإلكترونية، مما يؤدي إلى زيادة التركيز على المدفوعات المباشرة. فلا عجب إذاً أن يصبح مصطلح اللاتلامس مرادفاً للصحة والسلامة في عصر كوفيد-19.

وبرزت البيانات الضخمة كمجال رئيسي آخر للنمو الرقمي بالتزامن مع جائحة كوفيد-19، وجاء ذلك نتيجة شيوع المنصات المصرفية الرقمية التي جعلت واجهة التعامل بين البنوك والعملاء سلسة ومباشرة. إن قدرات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي (اللتان تعتمدان على البيانات الضخمة) ستدفع عجلة الخدمات والحلول المخصصة إلى آفاق غير مسبوقة.

وكانت معظم البنوك في دولة الإمارات العربية المتحدة تستخدم التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي قبل الجائحة، لكن زيادة استخدام المنصات الرقمية ستجعل هاتين الأداتين عاملاً رئيسياً يمكّن البنوك من تشكيل صورة أوضح وأدق أكثر صلة باحتياجات العملاء، والحصول على معرفة أفضل بفجوات السوق، وتقديم حلول أسرع من ذي قبل.

وبالنسبة للمنافسين، فقد كانت التكنولوجيا المالية حديث الجميع قبل بضع سنوات. وفي بنك المشرق، قمنا بتطوير المجالات الاستراتيجية لأعمالنا باستخدام واسع النطاق للتكنولوجيا المالية، بما فيها مدفوعات التجزئة وإدارة الثروات وتوفير الائتمان وتطبيقات اعرف عميلك. لكن طرأ اليوم تغير إضافي على المشهد، فالبنوك تواجه منافسة من لاعبين جدد، مثل شركات الاتصالات، التي تتمتع بقدرة تنافسية عالية. فالبنية التحتية وقاعدة العملاء التي تتمتع بها هذه الشركات بحكم تكوينها تتيح لها قاعدة انطلاق قوية لمباشرة تقديم الخدمات المالية.

وقد خطا كثير منها خطوات واسعة في هذا المضمار، وهم وفي وضع يسمح لهم بتقديم حلول لقضايا مهمة، مثل الشمول المالي. ونحن نولي اهتماماً بالغاً لهذا الأمر، وثمة أوجه تآزر ومجالات تعاون عديدة بين البنوك وقطاع الاتصالات يمكن القيام بها في المستقبل، على غرار ما يحدث حالياً بين شركات التكنولوجيا المالية والبنوك.

2.    ما هي المبادرات التي نفذها المشرق في العام الماضي استعداداً للمستقبل؟

إن التحولات السريعة التي طرأت على توقعات العملاء خلال الجائحة، جعلت التحول الرقمي في هذه الصناعة برمتها ضرورة لا خياراً. وعلى الرغم من اختلاف الأشواط التي قطعتها البنوك في رحلة تحولها، فلا شك بأن المبادرين الأوائل، مثل بنك المشرق، هم في وضع أفضل لتزويد العملاء بحلول مصرفية سلسة.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، استثمرنا بكثافة في مجال الابتكار الرقمي، ولا سيما في تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي واستخدام الروبوتات في أتمتة العمليات. ونحن مقتنعون تماماً بأن استخدام هذه التقنيات يجعلنا أكثر قدرة على التكيف مع الاضطرابات المستقبلية، من خلال خلق تجارب متميزة للعملاء تشعرهم بالرضا والراحة.

كما نواصل تقديم الحلول التي تلبي أحدث متطلبات العملاء. ومن الأمثلة على ذلك، أننا في سياق الاستجابة لتزايد استخدام تقنية المدفوعات اللاتلامسية، تعاونا مؤخراً مع شركة محفظة الإمارات الرقمية على إطلاق منصة النقد الرقمي للإمارات؛ كليب (klip)؛ وهي منصة مدفوعات سلسة وآمنة وتتماشى تماماً مع الأهداف الطموحة لدولة الإمارات في الانتقال إلى مجتمع لا نقدي وتعزيز الشمول المالي. ويمكن الآن أيضاً استخدام محفظتنا الرقمية؛ مشرق باي في معاملات انقر وادفع في المنافذ المحلية، مما يجعل عمليات الشراء سريعة وسهلة وأكثر أماناً، ولاسيما في عصر كوفيد-19، حيث المدفوعات اللاتلامسية هي أسلوب الدفع المفضل.

وعلى صعيد الخدمات المصرفية للشركات، فإننا نواصل اجتذاب عدد كبير من عملاء هذه الخدمات الى منصة المشرق ماتريكس؛ وهي أول منصة رقمية لخدمات المعاملات المصرفية العالمية والتداول التجاري وإدارة النقد. ورأينا أن العملاء الذين كانوا تاريخياً يرفضون القيام بمعاملات مصرفية رقمية، أصبحوا الآن يستخدمونها بانتظام في حلول المعاملات التجارية وإدارة النقد وتجميع السيولة وتعقب التجارة، ويستفيدون من ميزاتها الإضافية الملائمة.

 ومن أجل المضي قدماً في أعقاب نجاح العمل عن بعد أثناء الجائحة، وبعد مراجعة لاحقة للجوانب التشغيلية، فإننا نعمل الآن على بناء هيكل تشغيلي معدّل يتبنى نهجاً أكثر مرونة للعمل عن بعد. ونعتقد أن هذا الانتقال نحو نموذج عمل أكثر مرونة هو ما ستشرع به مزيد من البنوك، وهو ما سيصبح المعيار الاعتيادي في هذه الصناعة.

الأسئلة الموجهة للسيد إليس وانغ؛ النائب التنفيذي للرئيس ورئيس التكنولوجيا والتحول الرقمي والمعلومات في مجموعة بنك المشرق
 

1.    ذكر بنك المشرق في وقت سابق أن على البنوك أن تعمل بشكل أشبه بشركات التكنولوجيا. فأين تكمن أهمية ذلك؟ وهل يمكنكم توضيح هذه النقطة؟

نحن في المشرق على قناعة راسخة بأن التغيرات التكنولوجية والتنظيمية وفي توقعات العملاء، تتطلب من البنوك، ونحن منها، أن تعمل بشكل أشبه بشركات التكنولوجيا. فالمؤسسات المالية التي تنجح في تعزيز أصولها الرقمية ستحقق زيادة في تدفقات الإيرادات وتحسناً في الكفاءة التشغيلية. وخير مثال على ذلك هو إدخالنا لروبوتات المحادثة المعززة بالذكاء الاصطناعي، التي تسمح لنا بتلبية الملايين من طلبات العملاء بجزء بسيط من التكلفة. وهذا النوع من الأتمتة يتيح لنا تجنب العمليات اليدوية التي تستغرق إدارتها وقتاً طويلاً وتتطلب قوى عاملة إضافية.

لكن أهم ميزات التحول الرقمي تكمن في قدرته على تلبية احتياجات عملائنا الذين تزداد مهاراتهم في استخدام المعاملات الرقمية. ولذلك، فإننا نواظب على تعزيز مهارات العاملين وإعادة تصميم بعض الوظائف بما يعكس الوقائع الجديدة، وجعل هذه المهارات تنمو وترتقي بما يواكب التطور المستمر للقطاع المالي.

2.    كيف يعمل المشرق مع شركات التكنولوجيا المالية، وكيف يستفيد عملاء البنك من هذه الشراكات؟

في غضون السنوات الأخيرة، شارك المشرق بفعالية عالية مع شركات التكنولوجيا المالية لإدخال الابتكار والأتمتة في العمليات الداخلية. فالتكنولوجيا المالية ترتبط بدقة التنفيذ والرشاقة وتجربة أحدث التقنيات؛ وهذا من فضائل الابتكار. إن مشاركتنا مع شركات التكنولوجيا المالية لم تساعد البنك على إحراز التقدم في تنفيذ أجندة التحول الرقمي فحسب، بل وساعدته أيضاً قي الحصول على اعتراف عالمي جسدته الجوائز المرموقة التي حصل عليها.

وبصفتنا من رواد الاستثمار في التكنولوجيا المالية في القطاع المصرفي في دولة الإمارات، فقد تعاونا مع عدة شركات تكنولوجيا مالية عالمية لترقية أنظمة عملنا. ومن أمثلة ذلك، أننا أول بنك في الشرق الأوسط يطلق منصة اعرف عميلك المدعومة بتقنية البلوك تشين لتسهيل إجراءات فتح الحساب للعملاء من الشركات، وجعلها أكثر أمناً من أي وقت مضى. وفي العام الماضي، أطلقنا أيضاً خدمتين رقميتين رئيسيتين: الأولى هي تطبيق الخدمات المصرفية على واتس أب التي تجعل العملاء يشعرون براحة غامرة وبأننا أقرب إليهم عند استخدامها لإجراء معاملاتهم. والثانية هي منصة نيوبيزنس؛ وهي الخدمة الرقمية الأولى من نوعها المخصصة للشركات الصغيرة والمتوسطة في دولة الإمارات، التي أقل ما يقال فيها، أنها شكلت عامل تغيير لقواعد اللعبة، وصانع سوق موصوف في مجال إدخال الرقمنة والعمليات الافتراضية المتطورة للشركات الصغيرة والمتوسطة. وكانت استجابة عملائنا من الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة لهذه المبادرات إيجابية للغاية، حيث لمس العملاء الراحة والمرونة التي توفرها هاتان الخدمتان.

3.    كلما تحسنت التكنولوجيا، كلما توقع العملاء زيادة في الخدمات المخصصة، كيف يستطيع بنك المشرق مواكبة ذلك؟

نعتقد أنه من الضروري تصميم الخدمات المصرفية بحيث تركز على رحلة العملاء وليس على وظائف محددة. فمثلاً، نحن نعمل في المشرق حالياً بطريقة تمكننا من طرح الحلول في السوق في وقت أقصر. وهي طريقة أكثر مرونة في التفاعل مع عملائنا، وتعطينا القدرة على الاستجابة الفعالة للظروف المتغيرة باضطراد، والمتطلبات الدقيقة لعملائنا.

كما يجب على البنوك أن تتبنى استراتيجيات جديدة بالطريقة نفسها التي تتبعها شركات التكنولوجيا، إضافة إلى تصميم تجاربها الرقمية بما يخدم التواصل الفعال مع عملائها. وهذا يجعل التفاعل معهم مباشراً وشخصياً، ويعطيهم شعوراً بالراحة. وعلى الصعيد الداخلي، ثمة تركيز متواصل على الأهمية القصوى لإعادة تأهيل وصقل وترقية مهارات الموظفين، وإدخال وظائف جديدة في هيكلية البنك التقليدية يشغلها علماء البيانات والمهندسون المعماريون ومنسقو تجربة العملاء الرقمية ومهندسو ديف أوبس، وغيرهم.  
للمزيد قوموا بزيارة: https://www.mashreqbank.com