عادي
يمهد للجزء العاشر والختامي للسلسلة

إف 9: الملحمة السريعة خرافات كثيرة وقليل من المنطق

23:51 مساء
قراءة 4 دقائق
1

مارلين سلوم
لأول مرة تتأخر سلسلة «فاست أند فوريوس»، أو «السريع والمندفع»، 4 أعوام لتطل على جمهورها. فمنذ ظهورها الأول في 2001 تقدم لعشاقها فيلماً جديداً كل عامين أو ثلاثة أعوام على الأكثر، لكن هذه المرة عطلت جائحة «كورونا» استكمال السلسلة، ليأتي الجزء التاسع تحت عنوان «إف 9: الملحمة السريعة» ويعرض في الصالات كانطلاقة قوية لموسم أفلام الصيف التي تعتمد كثيراً على جذب الشباب.

تحقيق الفيلم، سريعاً، إيرادات عالية بلغت نحو 243 مليون دولار حول العالم، ورغم قلق كثير من الناس من الجلوس في صالة مغلقة خوفاً من الوباء وعدم استعادة السينما نشاطها الطبيعي وبأعداد كبيرة للجمهور، يمنحنا انطباعاً أولياً بأن الفيلم جيد ومرغوب، خصوصاً من الشباب. صحيح أن صنّاع السلسلة لا ينتظرون ردود أفعال الناس والنقاد لتقرير مصير «فاست أند فوريوس»، وقد أعلنوا فعلياً تحضير الجزء العاشر والمفترض أن يكون ختاماً للسلسلة، لكن قياس مدى إقبال الناس لمشاهدة الجزء التاسع والانطباعات والتعليقات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، تترك أثراً في تقييم العمل الذي يعتبر حتى الآن، أقل من كل الأجزاء السابقة، والسبب يعود لمجموعة نقاط نتحدث عنها في هذه السطور.
أهم مميزات هذه السلسلة أنها تلعب على نقطتين، من جهة سباق السيارات والسرعة الجنونية، ومن جهة أخرى، المطاردات التي تجمع بين التشويق البوليسي والمهمات المستحيلة، حيث المنافسة حامية دائماً بين الطيبين والأشرار، تكفي هذه التشكيلة لتنال رضا الشباب فيقبلون على المشاهدة بشغف، ويتغاضون عن المضمون الذي جاء مشابهاً إلى حد ما ليس للأجزاء السابقة، بقدر ما هو تكرار لأفلام «الأكشن» التي تطرح قضايا وهمية لأن الأساس فيها هو الحركة، لذلك تجد المضمون غير منطقي، ولا يصدقه حتى الأطفال صغار السن.
في الجزء التاسع تكثر «الخرافات»، ويتراجع المنطق. ما كان يبهرنا في الأجزاء السابقة من تقنيات تجعل الأبطال خارقين وسياراتهم خارقة أيضاً، لا هم، ولا هي يُحرقون، أو يغرقون، أو يصابون، أو يُقتلون، أو يُدمرون، وصلت إلى حد المبالغة البلهاء التي تجعلك تضحك ولا تندهش، لا تصدق وبالتالي لا تقتنع، ولكنك تشاهد لمجرد الاستمتاع ب«الأكشن» والسرعة التي تخطف الأنفاس. وصل «فاست أند فوريوس» إلى مرحلة ارتباط الجمهور بأبطاله الرئيسيين والتمسك بهم، وتوقع أي عمل خارق منهم. ودومينيك توريتو الملقب ب«دوم» (فان ديزل)، ليتي (ميشال رودريجيز) وميا توريتو (جوردانا برودستر) حاضرون منذ ظهور الجزء الأول، وكان رابعهم براين أوكونر (بول والكر)، إلى أن رحل بحادث سيارة عام 2013، وكرّمه فريق السلسلة في الجزء الثامن بإطلاق اسمه براين على ابن دوم، وفي هذا الجزء نرى الطفل وقد كبر 4 أعوام.
زمن طويل
القصة كتبها بداية جاري سكوت تومسون، ثم دخل على الخط مؤلفون ومخرجون، منهم المخرج جاستن لين الذي عمل على 4 أجزاء من السلسلة، وسيقدم الجزء العاشر والأخير. لين شارك في الكتابة مع دانيال كاسي وألفريدو بوتيلو، والإنتاج لشركة «يونيفرسال بيكتشرز». لنحو ساعتين و25 دقيقة تمتد المغامرات، وعملية بحث دوم وليتي ورفاقهما عن حقيقة «مشروع آريس»، وما علاقته بعائلة توريتو، ومن هو جيكوب توريتو. ومدة الفيلم طويلة، لا تشعر بملل، بسبب سرعة الإيقاع والمطاردات، لكن في الوقت نفسه لو اقتطعت ساعة من الفيلم لن يتأثر، ولن يفوتك الكثير، لأن القصة كلها تُختصر ببضعة سطور، والباقي مطاردات في الشوارع بالسيارات، وبسرعة جنونية، وفريق دوم يندفع نحو الخطر.
منذ سنوات طويلة لم يلتق الشقيقان، وتحديداً منذ وفاة والدهما بحادث سيارة كان يقودها في السباق، بعدها دخل دوم إلى السجن، بينما انطلق جيكوب لتحقيق ذاته ومحاولة التفوق على أخيه بأي ثمن. من يستغل نقطة الضعف هذه والخلل الحاصل في عائلة توريتو؟ طبعاً الشريرة سيفر (تواصل أداءها بتألق تشارليز ثيرون)، المصرة على الانتقام من دوم، والتحكم في العالم. وفي هذا الجزء نرى أيضاً شقيقة دوم وجيكوب التي لا تقل عن شقيقيها قوة وسرعة.
يرسل السيد «لا أحد» رسالة إلى دوم وفريقه يطلب النجدة. وسريعاً يلبون النداء ويكتشفون أن هناك مشروعاً سرياً اسمه «آريس»، قادراً على اختراق أي جهاز كمبيوتر أينما كان، ومن يحصل عليه يمكنه تحميل آريس على أي قمر صناعي لينتشر مثل الفيروس في كل مكان، ثم يتحكم في أي شيء في العالم، خصوصاً الأسلحة بكل أنواعها، وطبعاً النووية، باعتبار أن «آريس» هو إله الحرب. من يسعى خلف هذا المشروع هو جيكوب (النجم جون سينا) شقيق دوم، الذي قد يصبح «سيد العالم»، والمتحكم فيه. وصدمة عودة جيكوب ومواجهة أخيه هي نقطة إشعال النيران الأولى، والكل يراقب معركة الأخوة الأعداء، لكن وجود سيفر لا بد أن ينقل المعركة إلى نقطة ثانية تكون هي الذروة، حيث تنقلب سيفر على جيكوب ليكتشف أنها استغلته لتصل إلى جزئي النموذج الأولي للمشروع، كما استغلت دوم لتصل إلى المفتاح الذي من دونه لا يمكن تشغيل «آريس».
سذاجة
يميل «إف 9» إلى عالم الأبطال الخارقين والخزعبلات السينمائية التي تبدو ساذجة أحياناً، مثل إرسال رومان وتاج من فريق دوم إلى الفضاء بلا ملابس فضاء، وبلا مركبة، بل على متن سيارة مصنوعة يدوياً بمجهودهما، وقد وضعت فوق طائرة لتنقلهما إلى أعلى نقطة ممكنة في السماء، ومنها تنطلق سيارتهما، كأنها صاروخ لاختراق المدار وتعطيل القمر الصناعي كي تفشل مهمة سيفر في السيطرة على العالم.. كذلك مشاهد انقلاب السيارات بشكل «كرتوني» فتبدو كأنها رسوم يحركها المخرج، وقفز دوم وجيكوب من شاحنة إلى سيارة وهي تسير بأقصى سرعة، وتحليق سيارة فريق دوم رغم وقوع الجسر من تحتها لتصل إلى الجهة الأخرى من الجبل سليمة بكل ركابها..
الفيلم جيد لهواة سباق السيارات والمغامرات الشبابية، لكن المخرج لم يوفق هذه المرة في كثير من المشاهد التي بدت بدائية وموجهة إلى جمهور ساذج، أو ربما ذكي ولكنه ارتضى عدم تشغيل عقله ليكتفي بالفرجة. طبعاً النهاية كالعادة مفتوحة، وتؤكد استمرارية السلسلة، ولا شكفي  أن الجمهور سينتظر بحماس أكبر الجزء العاشر ليرى ختام «السريع والمندفع» هل يشفي غليله بالتخلص من سيفر، مع بقاء الأبطال المحبوبين، أم يكون للمخرج والمؤلف لين أفكار أخرى غير متوقعة؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"