كبار المواطنين ومعنــى الــوفــاء

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد عبدالله البريكي

عندما كنا صغاراً ونرى مجالس كبار المواطنين تملأ الأمكنة، كنا نشعر بأن الحكمة تسيل من بين أعمدة جريد النخيل، وأن الحكايات التي كان يرويها هؤلاء الكبار في كل شيء لم تكن غير تاريخ لا ينسى من حياة الآباء والأجداد، فالهيبة هي عنوان هؤلاء، والرأي السديد هو الشائع في ذاك الزمان، حيث الحياة البسيطة والطقوس التي يفرح بها الصغار والكبار في المناسبات العامة والخاصة، ولأن كبار المواطنين هم عصب الحياة وضياء العمر وبركة الوجود، كانت دائماً كلماتهم هي التي تمهِّد الطريق للشباب لعبور الملمات، ولم يكن غير هؤلاء الكبار حين تضيق الأمور بأحد أو تحدث بعض الخلافات بين الناس بعضهم بعضاً، فالأسواق تحفظ مكانتها بوجودهم، والبحر يكتظ بحكمتهم في مواسم الصيد، والبر ملكٌ لخبرتهم.

واليوم تضع الإمارات في حسبانها أن كبار المواطنين هم الخير والنماء، وأنه يجب رد الجميل، إذ إنه في أمكنة أخرى وبين دروب البشر نجد من يتنكر لكبار المواطنين ويهمشهم ويقصيهم من ذويهم، ويرسمون على وجوههم الحزن والألم ومن ثم إبعادهم عن حياتهم الاجتماعية الطبيعية وكأنهم أحجار شاخت، ويجب أن ترص في الهواء، غير أن الصورة النمطية لكبار المواطنين في الإمارات تستمد البهاء من آيات الرحمة القرآنية ومن عظمة ديننا الحنيف، ومن هذه الطيبة التي سكنت القلوب منذ أن أوجد الله الإمارات على خريطة البلدان، وهو ما يظهر الرؤية الصادقة للقيادة الرشيدة في الدولة التي تعبر دائماً عن الأصالة في كل شيء، والتي لا تتوانى عن رد الجميل بكل السبل، فلا يمكن أن تكون هنا أو هناك حياة حقيقية من دون توقير كبار المواطنين وإسعادهم وتوفير كافة احتياجاتهم النفسية والمعنوية والمادية، وهو ما يجعلنا نشعر بأن كل ما قدمه كبار المواطنين من جهود لا تضيع أبداً، فهم مصدر الموروث وكنز الحكايات وعين الحكمة والتاريخ الذي يذكر الأحداث والوقائع، ومنهم يستمد الجيل الجديد الرؤية والخبرة.

 لذا فإن كبار المواطنين لهم كل الحقوق علينا جميعاً لأنهم أصحاب فضل، وقد عبرت المبادرات المجتمعية عن رؤية صادقة لمستقبل كبار السن وواقعهم الحالي، مما يؤكد أن الخير باقٍ في هذا البلد الطيب الذي دائماً نتوقع منه كل خير لأنه أهله كرام، وكل مكرمة تعم الكبار والصغار، ولأن كبار المواطنين يستحقون كل هذا الاهتمام، فإن ما ينفعهم ينفع المجتمع ويقوي في الوقت نفسه العلاقة بين الأجيال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"