نقــش إســــباني

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

ينظر إلى الثقافة الإسبانية بوصفها تشكل ملمحاً حضارياً ثرياً على مستوى العالم، وهو ملمح خصب بكل ما للكلمة من معنى، فإسبانيا منذ القدم، هي بلد التقاطعات التاريخية والاجتماعية والسياسية، وهي من أكثر بلدان العالم خصوبة؛ لكونها أثرت وتأثرت بثقافات شعوب وبلدان عدة.
وللحديث عن الثقافة الإسبانية، فلا بد من الإشارة إلى تاريخ لغتها وهي الإسبانية، هذه اللغة الجديرة بالكتابة عنها اليوم، ذلك لأن المتحدثين بها من حول العالم يتجاوزون عتبة ال 550 مليون نسمة، وهو رقم كبير إذا ما تمت مقارنته باللغات الشهيرة على مستوى العالم، وعلى رأسها بالطبع اللغة الإنجليزية من حيث عدد الناطقين بها. كما تعدّ اللغة الخامسة الأكثر استخداماً بعد الألمانية، والفرنسية، والإنجليزية، والإيطالية. 
يؤكد كثير من الخبراء أن الحضور الإسباني في المشهد العالمي اليوم، إنما يعود لكونها تشكل مزيجاً من الأصالة والتنوع، تبعاً لموقعها الجغرافي بين إفريقيا وأوروبا، وشواطئ الأطلسي والمتوسط، ما منحها كدولة ميزات كثيرة، انعكست في تراثها الغني، هذا التراث بأبعاده الملحمية والأسطورية والتاريخية، مروراً بالطابع الحضاري الحديث، فهي ذات تراث قديم صنعه الرومان والإغريق والعرب، وهو يمتاز بطابعه المختلط الذي انعكس في الفنون والعمارة، مروراً بالموسيقى والشعر والرواية والمسرح والرقص وكافة أشكال الفنون التي نتعايش معها اليوم.
في القرن ال 16 كانت إسبانيا من أكبر الإمبراطوريات في التاريخ، فحملت ثقافاتها نحو بقاع شتى في العالم، إلى وسط وغرب وجنوب أمريكا الجنوبية، التي تتحدث الإسبانية اليوم.
إسبانيا هي بلد الآداب، وحين نتحدث عن الأدب الإسباني، فنحن نتحدث عن رحلة ثقافية بدأت ولم تنتهِ، ونتحدث أيضاً عن موضوع حيوي وجوهري، حاضر بكثافة في النثر والشعر والمسرح والترجمة، نتحدث عن اسم ميغيل دي ثيربانتس 1547 – 1615 الكاتب المسرحي ذائع الصيت، والروائي والشاعر ورائد الأدب الإسباني على مستوى العالم، صاحب «دون كيخوته» التي وصفت بأنها أحد أفضل الأعمال الروائية المكتوبة قبلها، بل اعتبرها الكثير من النقاد بمثابة أول رواية أوروبية حديثة، وأحد أعظم الأعمال في الأدب العالمي. 
والثقافة الإسبانية هي صانعة النثر الأدبي الشعبي في عصر النهضة، وإذا كان ثيربانتس صنيعة هذا العصر، فقد شاركه في صياغة هذا المنتج الإبداعي أسماء أخرى بينها «فرانثيسكو دي كيفيدو» 1580 - 1645، وهو ابن العاصمة الإسبانية مدريد، كما صنعه شعراء وجوالون كثر، مثل «غارثيلاسو دي لا فيغا» 1501-1536، وهو عاشق البرتغالية إيزابيل فريري، الذي عانى كثيراً بسبب موتها، كما نتحدث عن الشاعر «كريستوبال دي كاستييخو» 1490-1550، الشاعر العذري وشاعر الهجاء أيضاً، ونتحدث كذلك عن ابن برشلونة «خوان بوسكان» 1493 -1542، وهو شاعر ومترجم كاتالوني يكتب باللغة القشتالية. 
 إسبانيا صانعة عصر التنوير، وصاحبة الثقافة التليدة والمعاصرة، تلقي بساطها على ثقافات العالم، وتلوح بالحب والسلام لتلك الجغرافيا الشاسعة، وهي متوجة بحقول وفنون وإبداعات إنسانية متنوعة، هي إسبانيا أرتور باريا، وألبارو بومبو، وألبرت إسبينوسا، ألبرتو منديز، وأليخاندرو ألونسو، وأنطونيو غوميز، وهي معشوقة فيدريكو غارثيا، وأنتونيو ماتشادو، ورافائيل البريتي، وغيرهم الكثير.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وشاعر وصحفي أردني، عمل في الصحافة الأردنية / في القسم الثقافي بجريدة الدستور ، ويعمل اليوم محررا في جريدة الخليج الإماراتية / القسم الثقافي، صدرت له عدة كتب في الشعر بينها: "ظلال" ، وردة الهذيان / ، وكبرياء الصفة / ، كما صدر له كتاب في الإمارات بعنوان "محطات حوارية مع وجوه ثقافية إماراتية" .
له كتاب مترجم غير منشور/ قصائد عن الإنجليزية، نشرت بعض هذه القصائد في "ثقافة الدستور" وفي مواقع إلكترونية محكمة مثل موقع "جهة الشعر.
شارك في أماسي وملتقيات شعرية عربية كثيرة، وقد قدمت حول نتاجاته الأدبية الكثير من القراءات النقدية.
عضو رابطة الكتاب الأردنيين ، وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"