الإمارات وطن الحق والعطاء

00:12 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

لا أحد في العالم يستطيع أن ينكر ما قدمته أوروبا للبشرية من خلال ما تم اكتشافه خلال هذه الحضارة المعاصرة في مختلف نواحي الحياة، لكن أوروبا هذه هي نفسها التي خرج منها الاستعمار البغيض ليعم الكرة الأرضية، حيث كانت الدول الرئيسية في تلك القارة تتقاسم قارات العالم الأخرى.

ولم ينتهِ عهد الاستعمار المباشر حتى بدأ استعمار آخر غير مباشر وهو استعمار العقول عبر وسائل الإعلام المختلفة والتي برع الغرب في توجيهها لخدمة وجهات نظره في العالم، وتمت صياغة مفردة عنصرية بغيضة هي «شعوب العالم الثالث أو النامي» لوسم مختلف الشعوب التي هي ليست في قارة أوروبا أو في ما يسمى «الغرب».

وعلى الرغم من أن الصين أصبحت قوة عظمى، اليوم، لكنها لا تزال في الفكر السياسي الغربي «دولة نامية» لم تصل إلى مرحلة الدولة المتحضرة الناضجة الموجودة في الغرب. وقد كشفت قضية لجوء الأوكرانيين إلى أوروبا بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في بلادهم، عن مدى العنصرية التي تطبع شريحة واسعة من الغربيين سواء أكانوا سياسيين أم بشراً عاديين، وفي هذا الصدد فقد كان لافتاً ما قاله رئيس وزراء بلغاريا، كيريل بيتكوف، في تصريح متلفز: «الأوكرانيون ليسوا من اللاجئين الذين اعتدنا عليهم، سنرحب بهم، هؤلاء أوروبيون أذكياء ومتعلمون، ولا يملكون ماضياً، كأن يكونوا إرهابيين».

غير أن العنصرية الأوروبية وصلت إلى مرحلة صادمة للعقل، وبما يعيد إلى الأذهان الفكر النازي ومنظّره الأستوني الشهير «ألفرد روزنبرغ» الذي وضع كتاباً بعنوان «خرافة القرن العشرين» لا يرى فيه بشراً خارج ألمانيا وغرب أوروبا. وللأسف، فإن أوروبا التي حاربت النازية في ألمانيا وقضت عليها واعتقلت ألفرد روزنبرغ وأعدمته وأتلفت كل نسخ كتابه، فهي نفسها اليوم تعيد إحياء ذلك الفكر العنصري الخطِر. وقد جاء ذلك على لسان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الإسباني جوزيب بوريل، الذي كشف عن عنصرية بغيضة وغير مقبولة، خلال افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية الجديدة في «بروج» في بلجيكا الأسبوع الماضي؛ حيث قال في تصريحات أدلى بها، إن أوروبا «حديقة» ومعظم العالم «غابة».

وأضاف «يجب أن يعتني البستانيون بالحديقة، لكنهم لن يحموها ببناء الجدران. لأن الغابة لديها قدرة كبيرة على النمو ولن يكون الجدار عالياً بما يكفي أبداً». وما يدعو إلى الأسى هو أن يخرج هذا الكلام العنصري الخطِر من مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي، من غير أن يلقى استنكاراً من أي من المسؤولين في مختلف دول ذلك الاتحاد. لكن دولة الإمارات العربية المتحدة التي يتجسّد التسامح فيها بأبهى صوره، قد استدعت، يوم الاثنين الماضي القائم بأعمال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لديها طالبة تفسير التصريحات العنصرية للمسؤول الأوروبي.

وقالت وزارة الخارجية الإماراتية: «إن التصريحات كانت غير مناسبة وتتسم بالعنصرية وتسهم في تفاقم التعصب والتمييز على المستوى العالمي». وهذا الموقف الإماراتي النبيل قد لقي كل الإعجاب والتقدير، لأنه يعبر عن نبض كل الشعوب الحرة في العالم.

هنيئاً للوطن الذي يسجل تاريخه كل يوم الإنجازات السياسية، وكم هي الأيام والأحداث والأسماء التي ما زالت تضيء تاريخنا العريق يوم أراد الله أن يهيئ لهذه الأرض أحد أبنائها المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لينطلق بها الانطلاقة الكبرى نحو العدل والصدق والإخلاص.

وحمل الراية اليوم، بكل عزم واقتدار، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عندما رسم منهاج العمل السياسي وحدد معالم الطريق نحو غايات إنسانية عليا ونشاط أخلاقي، اتجه بكلياته إلى كافة أبناء الإنسانية، وفي شتى بقاع الأرض.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycxxuy4a

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"