عادي

الولي جلّ جلاله

22:51 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

الضعف صفة تلازم الإنسان منذ ولادته، فهو في جميع مراحل حياته يحتاج إلى من يتولى شؤونه، ويتدبر أحواله، وعلى الرغم من أهميته، فإن هذا التولي يبقى قاصراً في مجالات عدة؛ إذ إن الولي قد تغيب عنه أشياء كثيرة فيمن يتولى رعايته، وقد يكون عاجزاً بنواحٍ عدة في تأدية متطلبات من يتولى شؤونه؛ لذا فإن هذه الولاية تتسم بالنقص تارة، وبالعجز تارة أخرى، أما الولاية الحقيقية التي لا يصيبها شيء من هذا، فهي ولاية الله، جلّ وعلا، لعباده، فهو يتولى شؤون العبد، وإليه وحده ينبغي أن يفوض العبد أمره، وكفى به سبحانه ولياً.

الولي اسم من أسماء الله الحسنى، وهو صيغة مبالغة من اسم الفاعل الوالي، بمعنى أن الولي هو من يتابع كل حال لمن يتولاه، حتى ولو كان ذلك في دقائق الأمور، كما أنه يجري في الصفة على المعان والمعين، فالله هو ولي المؤمنين، المعين لهم فهو من يقضي حوائجهم وييسر أمرهم، والمؤمن ولي الله أي المعان بنصر الله، وبناء على هذا فالولي هو ضد العدو فهو يتضمن ثلاثة معان تشمل القرب والحب والنصرة، فالله لما وصف نفسه بأنه ولي لعباده المؤمنين، تضمن هذا أنه يخبر عباده أنه المحب لهم القريب منهم الناصر لهم، لذا على العباد أن يتخذوه ولياً، فيتبعوا تعاليمه، لأن فيها الفوز والسعادة في الدارين، وأن يجتنبوا ما حذر منه، ونهى عنه، لأن في ذلك خير للعباد بالابتعاد عنه، فهو بتولي شؤون عباده أدرى بما يصلح حالهم، والمؤمن الحقيقي يفوض أمره لوليه، سبحانه، في جميع أحواله، وهذا من باب اليقين بأن الله قادر على كل شيء لا يعجزه تيسير أمره من ولاه أمره.

الولي سبحانه منزه عن الذل والنقص والعجز قادر مقتدر، ومن كان الله وليه أعزه في الدنيا والآخرة، ونال فيهما الفلاح والسعادة، والعبد يصل إلى هذه المرتبة عندما يقدم طاعة الله واتباع أوامره على شهوات نفسه وأهوائها، وسبحان الله الرحيم بعباده حتى مع مخالفة العبد لأوامره يتولى شؤونه، فلا يمنع عنه رزقه ويدبر له أمره، لعل العبد يرجع إليه.

ومن آثار ولاية الله لعباده، أنه يخرجهم من الظلمات إلى النور: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة: 257، كما أن من تولاه الله أعزه من دعاء النبي، صلى الله عليه وسلم،-: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قْضَيْتَ، إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/uba3nn52

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"