عادي

عذب الكلام

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسْرٌ لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها، ومُفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطبُ العقلَ والوُجدانَ، لتُمتعَ القارئَ والمستمعَ، تُحرّكُ الخَيالَ لتُحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكرِ المفتوحةِ على فضاءاتٍ مُرصّعةٍ بِدُرَرِ المعرفة. وإيماناً منَ «الخليج» بدور العَربيّةِ الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاويةً أسبوعيةً تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

التّوشيع نوعٌ من الإطناب، وهو من المُحسّنات اللفظيّة، حيث يُؤتى عادة في عجز الكلام بمثنّى ثم يُفسّر باسمين، الثاني معطوفٌ على الأول؛ منه قول ابن الرّومي:

إذا أبو قاسمٍ جادَتْ لنا يَدُهُ

لَمْ يُحْمَدِ الأجْودانِ: البَحْرُ والمَطَرُ

وإنْ أضاءتْ لَنا أنْوارُ غُرَّتهِ

تضاءلَ النَّيِّرانِ: الشَّمْسُ والقَمَرُ

وقول خليل مطران:

يا لَلضَّعيفَينِ اسْتَبَدَّا بي وما

في الظُّلْمِ مثلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ

قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبابَةُ والجَوى

وغِلالَةٌ رَثَّتْ مِنَ الأَدْواءِ

دُرر النَّظم والنَّثر

أحْبابَنا هلْ لَنا

ابن فركون الأندلسي

(بحر البسيط)

أحْبابَنا هَلْ لَنا بعْدَ النّوى طمَعُ

في القُرْبِ أوْ هَلْ زَمانُ الأُنْسِ يرْتَجِعُ

إذا تذكّرتُ ما بَيْني وبَيْنَكُمُ

يَكادُ قلبيَ مِنْ ذِكْراهُ ينْصَدِعُ

ولّتْ صَباحاً رِكابُ القَوْمِ مُسرِعةً

والدّمْعُ يَنْزِلُ والأنْفاسُ تَرْتَفِعُ

ما أمَّلوا لِلْحِمى رُجْعَى فَلَيْتَهُمُ

لَوْ أنّهُمْ لِجميلِ الصَّبْرِ قَدْ رَجَعوا

ما لي ولِلصَّبْرِ أسْتَجْدي عَوارِفَهُ

لَكنّهُ سَنَنٌ في الحُبِّ مُتَّبَعُ

كُنّا كما شاءَتِ الآمالُ في دَعَةٍ

والوَصْلُ متّصِلٌ والشّمْلُ مُجْتَمِعُ

ففرّقَ الدّهْرُ ظُلْماً بَيْنَنا وغَدا

ما كانَ طوْعَ يدَيْنا وهْوَ مُمْتَنِعُ

ما كانَ ظنّيَ أنّ القُرْبَ يعقبُهُ

بُعْدٌ ولا أنَّ طولَ الوَصْلِ ينقَطِعُ

يا مَنْ تَملّكَني حُبّاً أيَجْملُ بي

صبْرٌ وعَيْني على مرْآكَ لا تقَعُ

تَضيقُ في عَيْنيَ الدُّنْيا إذا أنا لا

أراكَ فيها ورَحْبُ الأرضِ مُتَّسعُ

مَنْ لي بطَيْفِ خَيالٍ منْكَ يَطْرُقُني

إنّي بأيْسَرِ حظٍّ منْهُ أقْتَنِعُ

راموا سُلُوّيَ عَنْ رَبْعٍ حَلَلْتَ بِه

هَيْهاتَ ما دونَه في العيْشِ مُنتفَعُ

مَنْ باتَ يَلْقى الذي ألْقاهُ منْ ألَمٍ

فليْسَ يَعلَمُ ما يأتي وما يَدَعُ

من أسرار العربية

في ترتيب النَّبات وأحْوَالِ الزّرْعِ: إذا طَلَعَ أوَّلُ النَّبْتِ قِيلَ: أَوْشَمَ وطَرَّ، وكذلِكَ الشَّارِبُ؛ فإذا زَادَ قَليلاً: ظَفَرَ. فإذا غَطَّى الأرْضَ: اسْتَحْلَسَ. صارَ بعْضُهُ أَطْوَلَ مِن بَعْضِ: تَنَاتَلَ. تَهيَّأَ لليُبْسِ: اقْطارَّ. يَبسَ وانْشَقَّ: تَصَوَّحَ. تَمَّ يُبْسُهَ: هاجَتِ الأرْضُ هِياجاً.

والزَّرْعُ ما دَامَ في البَذْرِ، فهو الحَبُّ. فإذا انْشَقَّ الحَبُّ عن الورَقَةِ: الفَرْخُ والشَّطْءُ. طَلَعَ رَأَسُهُ: الحَقْلُ. صَارَ أرْبَعَ وَرَقاتٍ أو خَمْساً: كَوَّثَ تَكْويثاً. طَالَ وغَلُظَ: اسْتأسَدَ. ظَهَرَتْ قَصَبتُهُ: قَصَّبَ. ظهرَتِ السُّنْبُلَةُ: سنْبَلَ.

وإذا كانَتِ النَّخْلَة قَصِيرةً، فهيَ الفَسِيلَةُ والوَدِيَّةُ. قَصِيرَةً تَنالُها اليَدُ: القَاعِدُ. لَها جِذْع يَتَنَاوَلُ مِنْهُ المتَناولُ: جبَّارَة. فإذا ارْتَفَعَتْ عَنْ ذَلِكَ: الرَّقْلَةُ والعَيْدَانَةُ. إذا زَادَتْ: باسِقَةٌ. إذا تَنَاهَتْ في الطُّولِ معَ انْجرادٍ: سَحوقٌ.

هفوة وتصويب

كثُرٌ لا يفرّقون بين «الدَّلالة» بفتح الدّال، و«الدِّلالة»، بكسرها؛ والصّواب «الدَّلالة» بفتح الدّال: من فعل دَلَّ بمعنى أشارَ وأَرْشدَ؛ فنقول «دَلَّهُ على الطريق»، أي أرشده إليه. واسم الفاعل: الدَّالُّ (بتشديد اللّام). وقد ورد في القول المشهور«الدَّالُّ على الخَيْر كفاعِلِه». وقيل «دَلالة المَبْنَى تدلُّ على دَلالة المَعْنى». أمّا الدِّلالة (بكسر الدال)، فهي حِرْفَةُ الدَّلال، وهو من يَحْترف الوساطةَ بين البائع والمشتري.

وهناك من لا يفرّقون بين السَّجْن (بفتح السِّين)، والسِّجْن (بكسرها) فالسَّجْن (بالفتح) مصدر سَجَنَ يَسجُن سَجْناً إذا حَبَسَ في مكان. ويقال «حكمت عليه المحكمة بسنةٍ سَجْناً». أمّا السِّجْن (بالكسر)، فهو مكان تنفيذ الحكم؛ قال الشاعر:

ولا تَسْجُنَنَّ الْهَمَّ إِنَّ لِسَجْنِهِ

عَناءً وحَمَّلَهُ الْمَهَارَى النَّواجِيا

من حكم العرب

لا تَمْدَحَنَّ امْرأً حتّى تُجرِّبَهُ

ولا تَذُمَّنَّهُ مِن غَيْرِ تَجْريبِ

فَإِنَّ حَمْدَكَ مَنْ لَمْ تَبْلُهُ سَرَفٌ

وإِنَّ ذَمَّكَ بَعْدَ الحَمْدِ تَكْذيبُ

البيتان لابن المقرّي، يقول فيهما، إن التعجّل في الحكم على النّاس، مدحاً أو ذمّاً من العيوب والنقائص، فالتروّي وخوض التجربة ضروريان، حتّى يكون الحكم صحيحاً متوازناً عاقلاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/k695cp9m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"