يروى أن رجلاً ضاقت به الحياة فترك بلده وخرج يبحث عن عمل في مكان آخر. وبعد سنوات من العمل، تمكن من شراء ثلاثة جمال وأراد العودة إلى بيته، وفي طريقه صادف رجلاً عجوزاً. وخلال سيرهما معاً وجد فيه حكمة ورأياً سديداً فقال: يا عماه أريد نصائح منك تعينني في حياتي، فقال له العجوز: النصيحة بجمل، أي مقابل كل نصيحة تهبني جملاً. وافق الرجل فقال له: النصيحة الأولى لا تنم بين اثنين، والنصيحة الثانية لا تنم في بطن الوادي، والنصيحة الثالثة نم حزيناً ولا تنم نادماً.
أعطى الرجل الجمال للعجوز ومضى في طريقه، فالتقى رجلين جلس معهما، ولما جنَّ الليل قالوا تعال نم هنا بيننا، وكانا يخططان لقتله وأخذ ماله، فتذكر نصيحة العجوز، ولأنه نام بعيداً عنهما لم يتمكنا منه. وفي اليوم التالي أكمل مسيره حتى وصل إلى أناس ينصبون خيامهم في الوادي، فقالوا بعد أن حل الليل، نم هنا، تذكر نصيحة العجوز ونام في مكان مرتفع، ونزلت في تلك الليلة أمطار شديدة جرفت الخيام ولم يصب هو بأذى، وتابع مسيره حتى وصل إلى بيته ليلاً لكنه فوجئ بشاب ينام في فراشه، أراد الدخول عليه وقتله، لكن نصيحة العجوز منعته. انتظر حتى الصباح، وإذا بالنائم في الفراش ابنه، وقد أصبح شاباً، وبعد فترة نصح ولده أن ينتبه للأغنام وألا ينشغل عنها، ليعود الشاب يوماً وقد أكل الذئب بعض غنمه لانشغاله عنها، فقال له أبوه: لقد كانت النصيحة بجمل.
يضرب هذا المثل فيمن يُنصح بأمر ثم يخالفه، ويكون في المخالفة ضرر له.
