عادي

حكايات عربية

23:34 مساء
قراءة 4 دقائق

د. يوسف الحسن

  • في الحرية والمسؤولية

يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في كتابه «قصتي»: «رحل الاستعمار بعد 150 عاماً، من تواجده الثقيل في منطقتنا، التي لم يأبه باحتياجات سكانها التنموية، وكنت مسؤولاً عن استلام تركته العسكرية ومهامه الدفاعية، ومع رحيل آخر طائرة، تعالت أصوات جنودي فرحاً وفخراً، أحسست بالحرية الداخلية والخارجية، السياسية والدفاعية، الاقتصادية والتنموية. إحساس بالحرية الكاملة، رافقه إحساس آخر شعرت بثقله على نفسي، إحساس بالمسؤولية الكاملة».

  • في شجاعة الحكيم

في السادس عشر من إبريل/نيسان عام 1983، قام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بزيارة رسمية إلى باكستان، بدعوة من الرئيس الباكستاني في ذلك الوقت، محمد ضياء الحق. وفي جلسة مباحثاته مع الرئيس الباكستاني، التي جرت في مقر إقامة سموه بقصر الضيافة بروالبندي، وبعد مناقشة أوجه التعاون بين البلدين، وبحث عدد من القضايا، من بينها الحرب العراقية الإيرانية، والمشكلة الأفغانية، والقضية الفلسطينية، تطرق الرئيس الباكستاني إلى «المشاكل التي تحدث في كراتشي» وطلب من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أن ينقل طلبه للمساعدة إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لمواجهة تلك المشاكل التي تجري في كراتشي.

يروي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في كتابه «حديث الذاكرة - الجزء الثاني»، نص الحوار الذي جرى بينه وبين الرئيس الباكستاني على النحو التالي:

  • تساءلت: تقصد مشاكل الشيعة هناك؟

قال: نعم، قلت: تريدنا أن نساعدك على ضرب من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله؟

- قال: هؤلاء مختلفون عنا. قلت: لا فرق عندي بين أي مسلم وآخر.

- ثم عاودت، وقلت: تطلب من الشيخ زايد المساعدة، وأنت تعرف مكانة السيد بوتو، كزعيم أمة عند الشيخ زايد، فكيف تعدم زعيم أُمة؟

بان على وجه الرئيس الباكستاني الغضب، فما كان منه إلا أن قال: تفضل إلى العشاء.

وعلى طاولة الطعام، وبينما مدير التشريفات يدفع بالكرسي ليجلس عليه محمد ضياء الحق، سمعته يقول لمدير التشريفات باللغة الأوردية، والتي أجيدها: لسانه طويل!!

- وبعد انتهاء العشاء، ودعت الرئيس الباكستاني بلغته.

  • في أذان الفجر

لما كان أمين الريحاني (1876 - 1946) الأديب والروائي والمؤرخ، في السفينة الشراعية، على ساحل جزيرة البحرين، في العام 1922، قاصداً ساحل الإحساء، أثقل الهواء جفنه فنام قليلاً. ثم أيقظه صوت الملّاحين، وهم إذ ذاك يشتغلون في قلب الشراع طوعاً للريح، ويرددون: «صلِّ على النبي». قال الريحاني، في كتابه «ملوك العرب» يصف أثر ذلك في نفسه: «وربك أيها القارئ، ما سمعت في أنغام الليل على المياه أطرب منها، إلا أن يكون صوت المؤذن في الخليج، وهو يؤذن الفجر، ليس في صلوات الأمم، كلها أدعى منه إلى الورع والخشوع، وقلَّ فيها ما هو أجمل وقعاً في النفس من صلاة الملّاح في ظل الشراع».

  • في المروءة

كان فارس من العرب يجتاز على جواده بادية اشتد فيها القيظ، وتحولت رمالها إلى مثل الجمر، فلقي في طريقه رجلاً يمشي على قدميه. ترجلّ الفارس، ودعا الرجل الماشي إلى ركوب جواده، ليستريح جسمه من التعب الذي ألم به، فما تمكن الرجل من ظهر الجواد، حتى عدا به لا يلوي على لا شيء، فناداه صاحب الجواد، وقال له:

«لقد وهبتك الجواد، فلن أسأل عنه بعد اليوم، ولكني أطلب منك أن تكتم هذا الأمر عن الناس، لئلا ينتشر بين قبائل العرب، فلا يغيث القوي الضعيف، ولا يرقّ الراكب للماشي، فتزول المروءة من بلاد العرب، فيزول بها أجمل ما فيها».

فلما سمع اللص هذا القول، استحى، وأعاد الجواد إلى صاحبه، ولم يرض أن يكون أول داعٍ إلى القضاء على المروءة بين العرب.

  • في السراب وعكسه

لم يدرك الخليفة العباسي المستعصم بالله، معنى الأمن العربي المشترك، بعد أن أحاط نفسه بالجهال، وظل يسمع نصائح وزيره ابن العلقمي بمزيد من الاستسلام إلى هولاكو، فدفع الإتاوات وخفض أعداد جيشه كدليل على حسن نواياه، وترك المغول يحاصرون بغداد، وأراد أن ينجو بنفسه وأعوانه، فذهب مع المئات من أسرته وحاشيته، من قضاة وفقهاء ووزراء إلى معسكر هولاكو، الذي قام بذبحهم جميعاً. وتم تدمير بغداد، وتخريب تراثها ومكتبتها «دار الحكمة»، وقتل نحو مليون من سكانها في أبشع مذبحة عرفها تاريخ الحروب في تلك الأزمنة واختفى منصب الخلافة الإسلامية، بعد ستة قرون من وفاة الرسول صلوات الله عليه وسلامه، واستمرت سيطرة المغول على العراق لمدة مئة عام.

صمتت دمشق وحلب وصيدا وغيرها، كانت تتصور أن الخطر المغولي بعيد عنها، حتى استدار إليها المغول، واجتاح مدناً عربية أخرى، وذبح المغول من أهل حلب أكثر من خمسين ألف شخص.

لكن حينما جاء دور مصر، خرجت مصر إلى فلسطين، وانضم إليها جند الشام، لتواجه الخطر المغولي، وتحقق الانتصار في معركة «عين جالوت» في العام 1206، وكانت هذه المعركة بداية النهاية للإمبراطورية المغولية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr99jz65

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"