عادي

«رجل العاج» يتحول إلى «سيدة» في إسبانيا

18:28 مساء
قراءة دقيقتين
خنجران من الكريستال الصخري ضمن المقتنيات (أ.ب)

تبيّن لعلماء آثار أن المدفون في مقبرة فخمة من العصر الحجري الحديث اكتُشفت سابقاً في إسبانيا امرأة تبدو الأعلى شأناً في المجتمع، وليس ذكراً كما كان يُعتقد سابقاً، فغيروا تالياً التسمية المعتمدة من «رجل العاج» إلى «سيدة العاج».

فالبقايا البشرية القديمة كانت تشكّل السبيل الوحيد لتوثيق تاريخ عدم المساواة بين الجنسين في مجتمعات ما قبل التاريخ، إلا أن سوء حفظ الهياكل العظمية يجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تحديد الاختلافات البيولوجية بين الجنسين بالاعتماد على الشكل.

من هذا المنطلق، بات درس الخصائص الجينية بديلاً يتزايد اعتماده لتحديد الجنس، لكنّ المشكلة أن هذه الطريقة محدودة لأن الحمض النووي القديم يتحلل بسهولة في المناخات الحارة والجافة كتلك التي تتسم بها شبه الجزيرة الأيبيرية.

في موقع فالنسينا دي لا كونسيبثيون الشاسع الذي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، بالقرب من إشبيلية بجنوب إسبانيا، اكتشف علماء الآثار منشآت جنائزية ضخمة عمرها نحو 5000 عام، وهي فترة في نهاية العصر الحجري الحديث تُعرف باسم عصر النحاس.

الصورة

وكانت التقاليد الجنائزية في هذه الحقبة قائمة على المدافن الجماعية، لكنّ مدفناً فردياً اكتُشف عام 2008 يعود تاريخه إلى ما بين 2900 و2650 عاماً قبل العصر الحالي، بدا مخالفاً لهذا المنحى. وبيّن تحليل جسدي أنثروبولوجي تقليدي أن شاغل هذه المقبرة ذكر يتراوح عمره ما بين 17 و25 عاماً، وفقاً لدراسة نُشرت هذا الأسبوع في مجلة «ساينتيفيك ريبورت».

ووُجِدَت إلى جانب المدفون مقتنيات تنمّ عن مكانة مرموقة، من بينها صحن خزفي كبير يحتوي على آثار نبيذ، ومخرز نحاسي صغير (يستخدم لثقب الجلد)، وأغراض خشبية وعاجية، إضافة إلى ناب كامل لفيل إفريقي، وهي حالة لم يسبق اكتشاف مثيل لها في أوروبا.

وبعد مرور بعض الوقت على دفنه، وُضِعت قطع أثرية جديدة في القبر، من بينها خنجر من الكريستال الصخري بمقبض من العاج.

ولاحظت الدراسة التي استشهدت بأبحاث سابقة عن شعوب المنطقة أن «كمية القرابين الجنائزية ونوعيتها تُظهر أن الميت المدفون كان الأعلى شأناً اجتماعياً في شبه الجزيرة الأيبيرية خلال العصر النحاسي».

وشرحت المعدّة الرئيسية للدراسة مارتا ثينتاس بينا المتخصصة في عدم المساواة بين الجنسين في المجتمعات الأولى في حديث لوكالة فرانس برس أن «رجل العاج» كان «فرداً مميزاً» أراد الباحثون «تأكيد نوعه الاجتماعي».

ولجأ فريق عملها لهذا الغرض إلى عنصر مساعِد مهم هو الأسنان المتحجرة، واستخدم تقنية جديدة لتحليل مينا الأسنان القديمة التي تحتوي على كميات كبيرة من بروتين الأميلوجينين، ما أتاح التوصل إلى أن الميت المدفون ليس رجلاً بل امرأة.

وقالت الباحثة في جامعة إشبيلية إن هذا الاكتشاف «كان مفاجأة». وللتأكد تماماً منه، «أجريَ تحليل لسن ثانية انتهى إلى تأكيد النتائج».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4f3ya4h2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"