عادي
بلغ المرحلة النهائية من «تحدي القراءة»

عمار «قاهر التوحد».. قصة كفاح إماراتية بطلتها الأم

01:17 صباحا
قراءة 3 دقائق
1
عمار سباع بعد مشاركته في تحدي القراءة العربي

رأس الخيمة: حصة سيف
نجح الطالب الإماراتي عمار سباع، من مدرسة الجودة للتعليم الثانوي برأس الخيمة، في قهر وترويض اضطرابات «التوحد»، فيما توج تميزه مُؤخراً بالوصول إلى المرحلة النهائية لمسابقة تحدي القراءة العربي على مستوى الدولة، بعد نجاحه في التحدي على مستوى مدرسته ثم على مستوى الإمارة.

ويمثل هذا النجاح الذي حققه عمار (17 عاماً) قصة كفاح بطلتها الأولى والدته، حيث أخذت القصة منحى تصاعدياً حين علمت الأم بإصابة ابنها بمرض التوحد، وبمساعدة معلميه على مر السنوات الماضية، استطاعت تشكيل شخصية طالب يملك مهارة الحفظ السريع، ومهارات أخرى يصعب على الأسوياء امتلاكها، وهي إجمالاً من ثمار التركيز على تعليمه منذ صغره.

في تصريحات ل «الخليج»، أكدت سمية الجلاف، والدة الطالب، أنها علمت بإصابة ابنها البكر، مواليد 2006، ب «التوحد» منذ كان في عمر عامين و8 أشهر، ومنها بدأت رحلة تعليمه المكثفة، والتي كانت صعبة ومجهدة، لكن أثرها كان واضحاً في النهاية، حيث تمكن من امتلاك مهارات لا يتمتع بها أقرانه الأسوياء، وأصبح سريع الحفظ، ويحب تفكيك الإلكترونيات وإعادة تركيبها، ودرجاته عالية في كل المواد.

تحدٍ صعب

قالت سمية الجلاف: «منذ صغره، شكلت تربية عمار تحدياً صعباً، وكان هو أول مولود لي، وولادته كانت متعسرة، وكان لا ينام، وتأخر في الكلام، وحين نطق كلماته الأولى كانت غير مفهومة، رغم أنه كان يسمع بشكل طبيعي، ويرفع يده للدعاء ويقلدنا، لكن كانت لديه صعوبة في التواصل البصري، حيث يصعب عليه وضع عينيه بعيني من يخاطبه».

وأضافت: «كانت لديه سلوكيات غريبة أو لافتة، إذ كان يصف المكعبات ذات اللون الواحد مع بعضها، بشكل مرتب، لتأخذ شكوكي بالتضخم يوماً بعد يوم بأن طفلي ليس طبيعياً، لذلك توجهت به إلى مركز خاص لأصحاب الهمم، حيث أخبرني المختص هناك بأن حركته تشير إلى احتمال أن يكون لديه نشاط زائد أو أنه مصاب بالتوحد، أخذته بعدها إلى مركز متخصص في دبي، وكان في عمر سنتين وثمانية أشهر، حيث جرى تشخيص إصابته بالتوحد، وقُدرت درجته من بسيطة إلى متوسطة».

محاور عدة

استطردت أُم عمّار: «نصحنا المركز بأن ندفعه لمُخالطة أقرانه الأسوياء، ولا ندخله مراكز خاصة لذوي الهمم، كي يتطبع بسلوكيات الأسوياء، لذا سجلته في إحدى الحضانات وبعدها في الروضة، ونصحتنا معلمته بأن يعيد الصف الثاني روضة معها، كي يتعلم كتابة اسمه، ومن ثم دخل المدرسة، وكنت مصرة على أن تبقى معه المساعدة، لكن المدرسة رفضت بعد أن عرفت متطلبات عمار، واقتصر وجود المساعدة وقت الرحلات فقط، وحين يرجع من المدرسة، أذهب به إلى مركز خاص لتعليم النطق ومهارات الكتابة، وأركز على كل ما هو تعليمي».

إيمان وإصرار

واصلت سمية الجلاف الحديث عن قصة كفاح ابنها قائلة: «كنت مُؤمنة دائماً بالتعامل مع عمار، باعتباره سوياً لا يعاني أي مرض، خاصة حين أُكلفه بمسؤوليات تُناسب عمره، وبدأ بالتفوق على أقرانه منذ أن كان في الصف الثاني، حين حصل على المركز الأول، وكان ينال في معظم الصفوف والمراحل المراكز الأولى، إلى أن بلغ الفصل الحادي عشر، وأدخلته فصل تربية خاصة، ولديه مهارة في تركيب الإلكترونيات، وشارك أيضاً في معسكر الاتصال الصيفي، ويحب البحث في «يوتيوب»، كما أنه يحفظ أعلام الدول، وحفظ سورة النور من تلقاء نفسه، واكتشفت أن لديه مهارة جديدة كل يوم، وشجعه أستاذه على المشاركة في تحدي القراءة العربي، وشارك بالفعل إلى أن وصل للترشيحات النهائية.

جُهود لن تضيع

أكدت سمية الجلاف، أن المشاركة في تحدي القراءة أفاده كثيراً، رغم انزعاجه من أنه لن يفوز، لكنه أصبح يسترسل بالكلام ويحاور ويسأل، ونصيحتي لأمهات هذه الشريحة الغالية هي التركيز على تعليم أبنائهن منذ البداية، والاهتمام بتنمية مهاراتهم، وأقول للأمهات:«تابعن العمل والرعاية والتعب، ومجهوداتكن لن تذهب سُدى، ولا تقارنَّ أبناءكن بالآخرين، والتعليم في الصغر مجهد ومتعب، لكنه فعال ونتائجه واضحة على شخصية الطفل التوحدي».

أما خالد وليد، معلم تربية خاصة بمدرسة الجودة في رأس الخيمة، قال:«لاحظت أن لدى الطالب عمار سباع مهارة القراءة والحفظ السريع، وشجعته على المشاركة في تحدي القراءة، وقرأ 25 كتاباً في المنزل، وكان متجاوباً وحافظاً لبيانات وملخصات كل كتاب، أصبحت شخصيته أقوى ووثق أكثر بنفسه، رغم معاناته من اضطرابات طيف التوحد، لكن كثرة الكتب وتنوعها أفادته بشكل كبير».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ynwmdufs

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"