عادي

عمل المرأة في المجال المهني

22:52 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

في النساء اليوم من وهبهن الله تعالى مواهب وقدرات لا تقلّ عن قدرات الرجال، لا أقول كل النساء كما لا أقول كل الرجال، لكن فيهن من أظهرن براعتهن، فما المانع من أن تستفيد الدولة من طاقاتهن الإيجابية بدلاً من أن تذهب تلك الطاقات مهدرة، ونحن نعلم أن الحاجة ملحة؟

ثم إننا لو رجعنا إلى النصوص الشرعية لوجدنا أن المرأة في الإسلام لها ما عليها، فعليها إدارة البيت، ولها أن تعبر عن رأيها وتعمل وتدير أموالها بنفسها، من غير أن يكون للزوج حق في مالها.

ورأينا اليوم كثيراً من الأزواج غير قادرين على العمل أو عاطلين، لكن زوجاتهم يقمن بالعمل في الصناعة والإدارة، ويصرفن على البيت والأهل والأولاد، أو هن متعلمات والأزواج ليسوا كذلك.

ونجد أمثال هؤلاء النسوة في عهد النبوة أيضاً، فعن زينب امرأة عبدالله بن مسعود، رضي الله عنهما، قالت: مرّ علينا بلال فقلنا سل النبي، صلى الله عليه وسلم: أيجزئ عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري؟ وقلنا: لا تخبر بنا، فدخل فسأله، فقال: من هما؟ قال بلال: زينب، قال: أي الزيانب؟ قال: امرأة عبدالله، فقال: نعم، ولها أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة. رواه البخاري ومسلم.

ونفهم من هذا الحديث أن زينب زوجة عبدالله بن مسعود كانت امرأة صنعاء اليدين تعمل في الصناعة، ويقاس عليها نساء أخريات كن يعملن في الصناعة، وهنّ قدوة نساء اليوم.

إذن يندب للمرأة أن تعمل طالما هي تقصد من وراء عملها معاونة الزوج أو الأب أو الأخ، وإن عمل مثل هذه المرأة يحقق مصلحة كبيرة للمجتمع، وبإمكان مثل هذه المرأة أن تبذل جزءاً من مالها في وجوه الخير.

نعم هناك أعمال خاصة بالرجال وأعمال خاصة بالنساء، لكن هناك أيضاً أعمال تكاد تكون مشتركة بينهما ولاسيما إذا حصل عجز في عدد الرجال مثل التعليم والتطبيب والتمريض والحضانة ورعاية الأيتام والأحداث الشاردين وأي مجال من المجالات الاجتماعية الأخرى.

في مثل هذه الحالات ولسد العجز، يعد عمل المرأة من فروض الكفاية، وفي الحديث: والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم. متفق عليه.

ويفهم من هذا الحديث أن المرأة وجب عليها القيام بعمل مهني إذا احتاجت إلى عول نفسها وأسرتها عند عجز زوجها، أما القول بأن المرأة ليس لها إلا بيتها وأنها لا تصلح للعمل خارج المنزل، فلا يصح إذا أطلق.

نعم إدارة البيت لها الأولوية لأنها ليست من طبيعة عمل الرجل، لكن لا نحكم على المرأة مطلقاً بأنها لا تصلح لإدارة العمل خارج البيت، لأنها ناقصة عقل ودين.

هذا الحديث لم يطلقه الرسول على عموم عقل المرأة، فما ينبغي أن نفسر الحديث بفهمنا الخطأ، وإن المرأة في حال الدورة الشهرية وفي حال النفاس والولادة والإرضاع، يعتريها نقص مؤقت، نظراً لأنها تمرّ بمرحلة صعبة.

ففي تلك الحالة رفع الله عنها الحرج والمشقة فلم يكلفها بالصلاة والصيام، ومن باب أولى ألاّ نحاسبها نحن أيضاً، فلا نكلفها بالعمل وهي تعاني حالات نفسية قاهرة.

ثم إن الرسول، صلى الله عليه وسلم، عندما قال ذلك كان يوم عيد، والحديث لم يكن في موضع تقرير حكم عام؛ بل مجرد تعبير عن تعجب الرسول، صلى الله عليه وسلم، من التناقض القائم في ظاهرة تغلّب النساء.

وبالمناسبة، جملة «ناقصات عقل ودين» وردت مرة واحدة ولم تتكرر مما يدّل على أن ورودها في ذلك اليوم من باب العظة الخاصة جداً وليس لتقرير حكم مستقل، انظر: «تحرير المرأة في عصر الرسالة» - عبد الحليم أبو شقة ج1- ص275- 276.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3sunfv5c

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"