عادي

اجتماعات مرا كش.. تحدي الفقر باقٍ

00:13 صباحا
قراءة 4 دقائق

كتب - بنيمين زرزور:

هيمنت تحديات ترميم الاقتصاد العالمي ومشاكل تفاقم الديون السيادية وأزمة المعيشة والفقر، والتغير المناخي على النقاش خلال اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين التي احتضنها المغرب على امتداد أسبوع.

بينما تتزايد محن الاقتصاد العالمي مع عودة التوترات إلى الشرق الأوسط، ما يشكل هاجساً أكبر قبل الخروج بحلول جماعية عملية، تتلاشى الآمال بتوفير الحلول العاجلة لعدد من المشاكل المُلحة، وفي مقدمتها الفقر الذي يجتاح أغلب دول العالم النامي.

وقبل اجتماعات مراكش بأيام، حذر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي في 2023، مقارنة بالعام الماضي مع وجود مؤشرات ضئيلة على حدوث انتعاش خلال 2024، ووسط آفاق قاتمة بشأن خفض الديون.

وقد بدأ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اجتماعاتهما السنوية في مدينة مراكش المغربية في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول. وحضر الاجتماع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية من 190 دولة، وسط توقعات بأن تعالج الاجتماعات، الأزمة الاقتصادية السائدة في العالم.

وتتزايد موجة الاتهامات التي تتعرض لها المؤسستان حول سياساتهما التقشفية الفاشلة التي تدفع أفقر دول العالم، لخفض إنفاقها العام بقيمة 229 مليار دولار، بينما تنزف المليارات من مدفوعات خدمة الديون.

التخلف عن السداد

وكانت وكالة «فيتش» للتصنيفات الائتمانية قد ذكرت في تقرير لها مؤخراً أنه اعتباراً من مارس/ آذار الماضي كان هناك 14 حالة تخلف عن السداد منذ 2020، شملت تسع دول مختلفة.

فمنذ عام 2020، أدت الصدمات الاقتصادية المتتالية إلى خسارة 3.6 تريليون دولار من الناتج العالمي، بحسب ما ذكرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، قبل بدء سلسلة الاجتماعات. وفي معرض إشارتها إلى أن البلدان المنخفضة الدخل هي الأكثر تضرراً، أضافت أن هذا الاتجاه يرجع إلى «قدرة تلك الدول المحدودة للغاية على حماية اقتصاداتها، ودعم الفئات الأكثر ضعفاً».

وما لم تعترف به جورجيفا في خطابها هو الدور الدائم الذي يلعبه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في استنزاف قدرة الدول على معالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

ومع وجود حيز مالي ضئيل أو معدوم وارتفاع كُلف خدمة الديون، تواجه العديد من الحكومات قرارات صعبة في سعيها إلى منح الأولوية للإنفاق على التنمية واعتماد خطط مالية واضحة متوسطة المدى، لبناء المصداقية، وخفض مستويات الديون.

تزايد الفقر

ووفقاً لتحليل جديد أصدرته «منظمة أوكسفام» الدولية، فإن 57% من أفقر دول العالم، والتي تضم نحو 30% من سكان العالم، سوف تضطر إلى خفض إنفاقها العام بمقدار 229 مليار دولار أمريكي على مدى السنوات الخمس المقبلة.

وفي الوقت نفسه، واستناداً إلى الشروط الحالية للقروض المختلفة، ستضطر البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل إلى دفع ما يقرب من 500 مليون دولار أمريكي يومياً كفوائد وخدمات سداد الديون من الآن وحتى عام 2029.

ومع اقتراب بلدان بأكملها من الإفلاس، فإن الإنفاق على سداد الديون، يفوق الإنفاق على الرعاية الصحية بأربعة أضعاف في البلدان الأكثر فقراً.

وقال أميتاب بيهار، المدير التنفيذي الحالي لمنظمة أوكسفام: «يعود البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى إفريقيا للمرة الأولى منذ عقود، ويحملان نفس الرسالة القديمة الفاشلة: خفضوا إنفاقكم، وقلصوا جداول الرواتب في دوائر الخدمات العامة، وسددوا ديونكم على الرغم من الكُلف البشرية الباهظة».

وأضاف: «يجبر صندوق النقد الدولي الدول الفقيرة على اتباع نظام غذائي، يرسخ الجوع، ويتمثل في خفض الإنفاق، ما يؤدي إلى تفاقم مشاكل التفاوت الطبقي والمعاناة».

ومع ذلك يؤكد خبراء التمويل أنه مقابل كل دولار أمريكي، حث صندوق النقد الدولي، الحكومات على تخصيصه للإنفاق العام، وجه الصندوق تلك الحكومات إلى خفض ستة أضعاف ذلك من خلال إجراءات التقشف.

بدلاً من إلغاء الديون غير القابلة للسداد، ترغب البلدان الغنية في استخدام الاجتماعات السنوية، للتلاعب بالميزانية العمومية للبنك من أجل الضغط على الأموال، للحصول على المزيد من القروض. ولا يزال يُطلب من البلدان الفقيرة خفض الإنفاق على الخدمات العامة والرعاية الاجتماعية. وهذه البرامج ضرورية لمكافحة الفقر، والحد من عدم المساواة، وضمان حقوق النساء والأطفال.

ومن جانبها، دفعت المؤسسات المالية الدولية إلى اتخاذ تدابير تؤدي إلى تفكيك المخططات العامة الشاملة لشبكات الأمان الاجتماعية المستهدفة على مستوى العالم، والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى استبعاد أغلب السكان. وتشمل هذه التدابير التحويلات النقدية المباشرة التي تستند إلى تصنيفات تعسفية فاعلة للأشخاص حسب مستويات الفقر.

وحذرت مديرة صندوق النقد، خلال افتتاح الاجتماعات في مراكش، دول العالم من اتخاذ قرارات خطأ لمعالجة مواطن الضعف المالية والاقتصادية، خاصة التضخم وأسعار الفائدة وإلا فإن الأجيال القادمة سوف تدفع الثمن.

فشل الإصلاح

وقد خفض البنك الدولي الذي يتعرض رئيسه الجديد أجاي بانجا، لضغوط؛ لتعزيز دور المؤسسة المانحة، نسبة حقوق الملكية إلى القروض في إبريل/ نيسان الماضي؛ بهدف تنشيط وتعزيز عمليات الإقراض بمقدار 50 مليار دولار على مدى 10 سنوات. وتبقى الاجتماعات الدورية للبنك والصندوق فرصة لإصلاح نظام الحصص المعمول به، والذي يستند إلى الأداء الاقتصادي لكل دولة.

إلا أن هيمنة الولايات المتحدة على المؤسستين يحول دون تمرير قرارات الإصلاح إن وجدت، وبالتالي يبقى الأمل في انعكاس عمليات كل منهما إيجابياً على الدول الفقيرة معدوماً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/42t2vjbj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"